
أنا حرة، نعم، أقولها بملء الصوت، وبكل يقين.
أنا حرة في رأيي، في موقفي، في نقدي أو مدحي، في أن أقبل الحكومة أو أرفضها، في أن أراها تمثلني أو لا تُمثلني. هذه ليست جريمة، ولا خيانة، ولا خروجًا عن الصف. هذه أبسط حقوق الإنسان الحر في وطنٍ يؤمن بالديمقراطية، ويقدّس الحرية والكرامة والعدالة.
نعم، حتى إن لم تعجبني الحكومة، وحتى إن لم تمثلني أفكارها، فهي ـ إن اختارها الشعب عبر صندوق الاقتراع ـ تصبح ممثّلةً للبلد، ويصبح واجبي كمواطنة أن أتعاون معها، وأؤدي دوري بإخلاص لأجل بناء الوطن وخدمة الناس. ولكن التعاون لا يعني الصمت، ولا يعني التصفيق الأعمى، ولا يعني دفن الرأي في قاع القلب.
أنا أعمل، أنتج، أبني، وأنتقد… لأن النقد البنّاء هو أسمى أشكال الوطنية. أنتقد لا لأهدم، بل لأصحّح، لأصوّب، لأحمي بلدي من الانحدار أو الفساد أو الظلم. والحكومة ـ أي حكومة ـ واجبها أن تسمع، أن تناقش، أن تتقبّل الآراء المختلفة، لا أن تحيط نفسها بحاشية من المصفقين والمدافعين والمبررين.
وليس من حق أي فرد أن ينصّب نفسه وصيًّا على رأيي، أو أن يتهمني بالخيانة والعمالة لمجرد أنني لا أوافقه الرأي. لسنا في زمن الشعارات الجوفاء والتقارير الأمنية. انتهى عهد التهديد والتخوين. لا أحد يحمل صك الوطنية في جيبه، ولا أحد يملك الحقيقة وحده.
أنا حرة، وهذا يعني أنني أعبّر عن رأيي باحترام، وأتوقع أن يُردّ عليّ باحترام. لا أسمح بالإهانة، ولا أقف صامتة أمام قلّة الأدب أو القمع الفكري. من يدخل مساحتي، صفحتي، حياتي، عليه أن يكون ضيفًا مهذبًا راقيًا. نحاور، نختلف، نناقش… لا بأس، فذلك من جوهر الحرية. أما من يتجاوز حدوده… فهذا اصبح قلة ادب .. ويحق لي ان اقول له : مع السلامة لم يعد لك مكان في مساحتي.
احتفظوا بشهادات “الوطنية” لأنفسكم، واتركوا الناس تعبّر، تفكّر، تناقش، تحلم، تحب، وتنتقد…
لأننا ببساطة: أحرار. وهذه الحرية التي حلمنا بها ودفعنا ثمنها.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة