علاقات اجتماعية

أهمية الثقة في العلاقات.. نحو بناء أساس قوي للزواج

سامر سليمان

الثقة لها دور كبير في بناء العلاقات الصحيّة والقوية بين الأفراد، فهي الأساس لأي علاقة ناجحة، وهي أحد مقوّمات الزواج التي توطّد العلاقة، فالثقة تساعد في تعزيز العلاقة بين الشريكين وتحقيق السعادة والاستقرار، ومتى تزعزعت الثقة بينهما وفقد الاحترام وحل مكانهما الشك؛ فستتحول الحياة إلى منغصات ومشاحنات، وستؤدي إلى دمار الحياة الزوجية، بالسياق التالي “سيدتي” تحدثك عن أهمية الثقة في العلاقات الإنسانية، نحو بناء أساس قوي للزواج.

 

ما هي الثقة في العلاقة الزوجية؟

تقول استشاري العلاقات الأسرية والإنسانية منال خليفة لـ”سيدتي”: الثقة هي ركيزة أساسية لأي علاقة ناجحة، وتعتبر العلاقات الزوجية من بين العلاقات التي تحتاج إلى ثقة قوية، فهي أحد أهم أركان نجاح العلاقة الزوجية، وبدونها لا يكون هناك أساس صحيح في العلاقة، فالثقة تعني الشعور بالأمان الذي تحتاجه أي علاقة، وانعدامه يعني القلق والتوتر والشك، فبناء الثقة مع شريك الحياة هو أحد أهم عناصر العلاقة الناجحة والمستدامة، فعندما تكون هناك ثقة قوية بين الشريكين، يتم تعزيز الاتصال العاطفي والتفاهم بينهما.

معنى الثقة في العلاقات الزوجية

الثقة هي العمود الفقري لأي علاقة زوجية ناجحة، لأنها تمنح الشعور بالأمان والاستقرار، وتسهم في تقوية الروابط العاطفية بين الزوجين، فهي ركيزة أساسية لأي علاقة ناجحة، وتعتبر العلاقات الزوجية من بين العلاقات التي تحتاج إلى ثقة قوية، لأنها تكسب الشريكين الراحة والأمان والاطمئنان، وتعكس الاحترام والتقدير بينهما، ومن خلال بناء الثقة، يمكن للزوجين تحقيق السعادة في الحياة الزوجية، فالثقة تساعد في تعزيز العلاقة بين الزوجين وتحقيق السعادة والاستقرار، ولها أهمية كبيرة في بناء علاقة قوية ومتينة.

كيف تؤثر الثقة على جودة الزواج؟

تقول منال خليفة إن الثقة بين الزوجين تعتبر أساساً لجودة الحياة الزوجية، وهي مصدر الأمان والاطمئنان، فتحتاج الحياة الزوجية لمشاعر الثقة والأمان بين الطرفين؛ حتى تستمر وتتحقق، ولا تأتي هذه المشاعر من فراغ، بل لابد من العمل على بنائها والحفاظ على وجودها، فهي السبب الرئيسي في استمرار الزواج، فأساس الثقة هو الحب والاحترام المتبادل والصادق، ويجب أن تكون الثقة متبادلة بين الطرفين، فالثقة تعني التزام الشريكين بالوفاء بوعودهما والصدق والشفافية في التعامل مع بعضهما البعض، ما يمنع الشكوك المتبادلة بينهما، ولكي يضمن للزوجين حياة صحية وسليمة، وبعيدة أكبر قدر من التوترات والمشاحنات والمشاكل الزوجية، وهذا ليس مقياساً مؤكداً، فالحياة لا تخلو من المشاكل والمصاعب والصدمات، فقد يحدث بين الزوجين مشاحنات تؤدي إلى مشاكل، وقد تسبب بدورها في اختفاء الثقة بين الشريكين أو زعزعتها، أو يشكل مشكلة كبيرة في العلاقات الزوجية، فتتحول أزمة الثقة إلى عدم الصدق ثم إلى الغيرة والخيانة.

خطوات لبناء الثقة في الزواج

تقول استشاري العلاقات الأسرية د. ولاء عزام لـ”سيدتي”: إن تقوية الثقة بين الزوجين تتطلب وقتاً وجهداً كبيراً من الشريكين، ولا بد من العمل الدائم على تحسين الاتصال بينهما، والحفاظ على الصدق والمودة والاحترام المتبادل، وهناك خطوات فعالة لبناء الثقة في العلاقات الزوجية:

التواصل المفتوح

يجب على الزوجين العمل على تعزيز الحوار المفتوح، المبني على الصدق كأساس لإعادة بناء الثقة بين الزوجين، مع تشجيع كلا الشريكين بالتعبير عن مشاعرهما واهتماماتهما بشكل منتظم، لذا عليهما عرض المخاوف والشكوك والاحتياجات التي قد تكون عائقاً أمام الثقة بينهما.

أن يكونا مثالاً للصدق

يعتبر الصدق أساساً لبناء الثقة في العلاقات الزوجية، يجب على الزوج أن يكون مثالاً لأهل الثقة لزوجته، سواء في أفعاله أو أقواله، كذلك الزوجة؛ حتى تكون هناك ثقة متبادلة، كما يجب على الزوجين أن يكونا صادقين مع بعضهما البعض، والامتناع عن إخفاء أي شيء مهم يمكن أن يؤثر على علاقتهما.

الاحترام المتبادل

يجب أن يتضمن بناء الثقة الاحترام المتبادل بين الزوجين، فعندما يتعامل الشريكان بلطف واحترام، تزداد مشاعر الثقة والراحة في العلاقة، مع مراعاة عدم الإساءة إلى مشاعر بعضهما البعض أو تجاهل مطالبهما.

مشاركة الهوايات المشتركة

ممارسة الهوايات المشتركة تتيح للزوجين اكتشاف الاهتمامات المشتركة، وهي طريقة جيدة لتعزيز الثقة بين الزوجين، وتعميق الروابط وتوسيع الاهتمامات المشتركة، وقد يثري الحياة بمنظورات جديدة.

دعم بعضهما البعض

يجب على الزوجين دعم بعضهما البعض، فيعتبر الدعم المتبادل عاملاً مهماً لتعزيز الثقة في العلاقة العاطفية، حيث يجب أن يكون الشريكان موجوديْن بجانب بعضهما بعضاً في جميع الأوقات، سواء الصعبة أو السهلة، وعند احتياج أحدهما الدعم والمساندة.

الوفاء بالوعود

يُعَدّ الوفاء بالوعود والتزام الشريكين بالتعهدات المتفق عليها أمراً حاسماً في بناء الثقة، فعندما يلتزم الزوجان بوعودهما وينفذانها بشكل منتظم؛ يشعر كل منهما بالأمان والاحترام، وإذا اتفق الزوجان على تحقيق شيء ما، فيجب الوفاء بالوعد، فهذا يؤدي إلى تزايد مشاعر الثقة والراحة في العلاقة.

علامات تدل على فقدان الثقة في العلاقة

يقول وائل كمال خبير العلاقات الأسرية: ما إن يفقد الشريك ثقته في شريك حياته، إلا وتظهر عليه عدة علامات مهمة، وهي:

فقدان الأمان مع الشريك

انعدام الأمان علامة على وجود خطر في العلاقة، وهو قد لا يكون مؤذياً، إلا أنه يكون مؤشراً يدق ناقوس الخطر في العلاقة، خاصة إن استمر لفترة طويلة، فهو مؤشر على انعدام الثقة؛ لأن الشعور بالأمان أهم من الحب، ولا يمكن أن تدوم العلاقة وأحد أطرافها لا يشعر بالأمان؛ أهم مقومات نجاح الحياة الزوجية.

التحفظ والكتمان

التحفظ والكتمان من علامات فقدان الثقة في شريك الحياة، وبما أن العلاقة الزوجية علاقة تشاركية، فلا بد من أن تشارك نصفك الآخر في كل شيء، وألا تخفي عنه الأسرار التي قد تقوده للشك بك، وتسهم في فقدان الثقة بك، والتحفظ والكتمان هما نتيجة طبيعية لانعدام الأمان مع الشريك، ولأن الشريك لم يعد مقبلاً على الحديث، والبوح مع شريكه.

ظهور الشك

الشك هو الذي يحيل الحياة الزوجية إلى نكد لا يطاق، ويحول استقرار الحياة الزوجية إلى بركان محموم، وهو العدو اللدود للحياة الزوجية، وإحدى أهم علامات فقدان الثقة في شريك الحياة، لأنه يدل على انعدام الثقة وارتباك العلاقة، فيمكن للشك المستمر أن يؤدي إلى انعدام الثقة والإساءة للطرف الآخر.

البدء بمراقبة شريك الحياة

الافتقار إلى الثقة بين الزوجين يؤدي إلى لجوء أحد الطرفين، أو كليهما، إلى مراقبة تحركات الطرف الآخر، وهذا من شأنه أن يفتح الباب أمام المشاكل التي قد تؤدي إلى انهيار العلاقة سريعاً، لذلك على الشريك التوقف عن مراقبة شريكه الآخر في الحياة، بهدف إعادة بناء الثقة المفقودة إلى العلاقة الزوجية، فقد يدفع الشك الشريك إلى التجسس على شريك الآخر، الأمر الذي يُحدث شرخاً كبيراً في الثقة بينهما، ويؤدي إلى زعزعة استقرار العلاقة بشكل كبير.

كيفية استعادة الثقة بعد الخيانة

يقول وائل كمال، الخبير في العلاقات الأسرية، لـ”سيدتي”: إن الخيانة من الأمور التي يمكنها هدم أي علاقة زوجية، وأحياناً قد يعترف الطرف المذنب بخطئه للطرف الآخر، وهذه علامة محترمة ومطمئنة، فتكون قد ظهرت نواياه ، مما يجعل عملية عودة الثقة من قبل الطرف الآخر غير مستحيلة، وهناك أمل للسماح والمغفرة طالما أنه اعترف، ومع الوقت يمكن استمرار الزواج، وأول خطوة لاستعادة الثقة بعد الخيانة هي إثبات الإخلاص في المستقبل؛ من خلال إنهاء العلاقة الأخرى بشكل واضح ونهائي، وقد يكون التعافي من تبعات الخيانة الزوجية إحدى أصعب الفترات في الزواج، وقد تنبُع هذه الصعوبة من اختلاط المشاعر والشعور بعدم اليقين، ولكن مع إعادة بناء الثقة بين الزوجين، يمكن إعادة الثقة من خلال الآتي:

تحديد أسباب الخيانة الزوجية

لابد من معرفة السبب الذي دفع أحد الزوجين إلى الخيانة، ففهم الأسباب يساعد على طرح العلاج الصحيح، فربما يكون السبب ناتجاً عن غياب المودّة، أو عدم وجود دعم عاطفي في العلاقة، أو ببساطة إهمال الزوجة للزوج أو العكس، أو فقدان الولع والحب والاهتمام المتبادل، أو تقصير الطرف الآخر في واجباته الزوجية أو التغيرات الحياتية الكبرى، أو قلة تقدير الذات، أو المشكلات الصحية البدنية؛ مثل الألم المزمن أو الإعاقة، والتي جعلت الشخص يخون الطرف الآخر.

تحمل المسؤولية

يشترط على الطرف الذي قام بالخيانة أن يتحمل المسؤولية بالكامل ويعترف بخطئه، فإذا كان هو من اقترف الخيانة، فلابد من تحمَّل مسؤولية أفعاله، وإنهاء تلك العلاقة، وإيقاف جميع أشكال التواصل مع الطرف الآخر في العلاقة، حيث إنه السبيل إلى حل المشكلة وإعادة الثقة بعد الخيانة، والإنكار يصعب الأمور ويصل بالطرفين إلى طريق مسدود.

ثقافة الاعتذار

الاعتذار شرط أساسي لتجاوز الخيانة، فهذا إقرار بالخطأ وتعبير عن الندم والرغبة بإصلاح العلاقة الزوجية، فاعتذار الزوج مثلاً بعد الخيانة بشكل مناسب يظهر صدقه وشعوره بالندم، ويقدم ضمانات للمستقبل، فيعتبر عاملاً أساسياً في مسامحة الزوجة له وقبول اعتذاره، وعلى الرغم من أن عبارات الاعتذار لا تكفي للتغاضي عن الخيانة، إلا أنها تساعد على تقريب المسافات بين الزوجين.

التحدث بصراحة وشفافية

بعد التعرّض للخيانة الزوجية، نجد أن الطرف الذي تعرّض للخيانة؛ سوف يرغب في معرفة بعض التفاصيل، لذلك فلا بأس من السؤال عن أي شيء يرغب بمعرفته، ولكن لابد من اختيار التوقيت المناسب ويكون مستعداً لخوض هذا الحوار، لذلك يجب أن يكون الطرف المذنب كتاباً مفتوحاً أمامه، ولابد من التفاهم بهدوء، ومناقشة أسباب الخيانة لعدم تكرار نفس الأخطاء مرة أخرى، فالشكوك سوف تشغل باله لوقت طويل، ومهمتك أن تحول تبديد الشكوك من خلال التصرف بشفافية وعدم إخفاء أي شيء يمكن أن يستخدم كدليل ضدك.

طلب المسامحة والمغفرة

من الأمور التي تخفف جرح الخيانة طلب الشريك الخائن السماح والمغفرة له، وإظهار الندم على اقتراف الخطأ، بدون تلميح أو محاولات لجعل الأمر يمر بسلام، يجب أن يكون طلب المغفرة بصورة واضحة؛ حيث يساعد في استعادة الحب بعد الخيانة، لذلك يمكن للطرف الآخر (المخدوع) مسامحته، مع منح الفرصة لتصحيح الأخطاء، وبدون استياء منه وعدم التخلي عنه.

الصراحة والوضوح

لا بد من الحرص على عدم الكذب مرة أخرى، والتعامل بكل وضوح وصراحة، والإجابة عن كل الأسئلة التي تطرح من الطرف الآخر، وذلك لإعادة الثقة بين الزوجين، ومن ثم إلى إعادة ترميم الحياة والعلاقة مرة أخرى بينهما.

إظهار الاهتمام بمشاعر الشريك

يجب أن يكون التركيز أولاً على مشاعر الشريك المخدوع، وإظهار إدراك الألم والجرح العاطفي الكبير الذي تسبب بوجوده عندما حدثت الخيانة، ثم يمكن استخدام طرق الضغط العاطفي وإثارة الشفقة لتشجيع الشريك على التفكير بالمسامحة، لكن بعد وضوح الندم وإظهار الاهتمام الحقيقي بمشاعره.

اللجوء للمختصين

يمكنكما طلب المساعدة من متخصص علاقات أسرية أو مدرّب معتمد ومتخصص في علاج المشكلات الزوجية ولديه خبرة في التعامل مع مثل هذه الحالات الزوجية، فيمكنه وضع العلاقة الغرامية في إطارها الصحيح، وتحديد الأسباب التي ربما تكون قد أسهمت في حدوث هذه العلاقة، وتوجيه الطرفين لكيفية إعادة بناء وتقوية العلاقة مرة أخرى، وتساعد على اللحاق بلم الشمل مرة أخرى، وعدم تشتيته.

دور التواصل في تعزيز الثقة بين الزوجين

تقول الدكتورة ولاء عزام، استشاري العلاقات الأسرية، لـ”سيدتي”: كلنا يعلم أن الزواج هو علاقة إنسانية شديدة الخصوصية تجمع بين شخصين في إطار من الالتزام والثقة المتبادلة والمشاعر الجميلة، ويتعلق التواصل الوجداني بالقدرة على التعبير عن المشاعر والأفكار والاحتياجات بشكل فعال وصادق بين الشريكين، وهذا التواصل الوجداني يمكن أن يؤدي إلى تعميق أواصر الارتباط العاطفي بين الشريكين، وتعزيز الثقة والتفاهم والاحترام المتبادل بينهما، ويعتبر أساسياً للحفاظ على السعادة الزوجية، حيث إنه يساعد على تجنب الخلافات والمشاكل العاطفية وعلى الصعوبات القائمة بشكل أفضل، وبالتأكيد أن هذا التواصل يتطلب الصراحة والصدق والاحترام المتبادل بين الشريكين؛ عن طريق الاستماع الفعال، والتفاعل بشكل إيجابي مع الشريك، وبالرغم من وجود العديد من التحديات التي يمكن أن تؤدي إلى نقص الثقة بين الزوجين، إلا أنه من الممكن بناء أسس قوية للثقة من خلال بعض الخطوات، وهي:

التفاهم والتواصل الفعال

تعتبر هذه الخطوة مهمة في بناء الثقة، فلابد من الطرفين التحدث بصراحة حول مشاعرهما واحتياجاتهما وتوقعاتهما، حتى يصبح هذا التواصل دائماً في حياتهما الزوجية.

الوفاء بالتعهدات

يُعتبر الوفاء بالوعود والتزام طرفي العلاقة بالتعهدات المتفق عليها أمراً ضرورياً في بناء الثقة، ولابد من الحفاظ على الوفاء بهذه التعهدات، فالوفاء بالكلمة المعطاة يبني الثقة بشكل واضح، ويسهم في تعزيز الثقة بين الشريكين بصورة كبيرة.

تقدير الجهود

التقدير بين الزوجين له أهمية كبيرة لنجاح الزواج واستمراره لبناء علاقة زوجية قوية، لذا يجب تقدير مجهودات الشريك والتعبيّر عن الشكر على كل الأمور، سواء الصغيرة كانت أو الكبيرة، فذلك يعزز من شعور الشريك بأهميته.

تحديد الحدود

تلعب وضع الحدود الصحية دوراً كبيراً في الحماية للشريكين من الآثار السلبية للعلاقات السامة، وهي تسمح لهما بالحفاظ على شخصيتهما المستقلة، ويمكن أن تساعد تلك الحدود في العلاقة مع الشريك الآخر في الحفاظ على سلامة الشخصية والمساحة الخاصة، وستساعد في تقوية العلاقات وتجنب الروابط غير الصحية وتحسين احترام الذات والعيش حياة سعيدة، لذلك لابد من الاتفاق على القواعد والحدود في العلاقة بما يتيح لكل منهما الشعور بالأمان والاحترام لكل طرف للآخر لأفكاره ومشاعره من دون التقليل من شأن الآخر.

المرونة

إذا كانت المرونة غائبة؛ فسيغلب على العلاقة الزوجية طابع عدم الثقة، والعند والتصلب في الرأي الذي يعطي لوناً قاتماً للحياة؛ يجعلها مملة لطرفي العلاقة، لذلك يجب على الشريكين تقبل حقيقة أنه لا يمكن أن يكون كل شيء مثالياً دائماً، ولابد من الاستعداد للتعامل مع التحديات والأزمات بشكل بنّاء.

أهمية الثقة بالنفس وتأثيرها بين الزوجين

تؤكد منال خليفة أن الثقة بالنفس تعني الشعور بالرضا عن النفس وتقدير الذات، مما يؤدي إلى الشعور بالإيجابية تجاه أنفسنا، وحول حياتنا الشخصية بشكل عام، ويجعلنا أكثر قدرة على التعامل مع التحديات السلبية في حياتنا، ویتسم الشخص الواثق بنفسه بالاتزان الانفعالي، والنضج الاجتماعي وقبول الواقع، وتكون لديه القدرة على مواجهة الأزمات بتعقل وتفكیر، وعادة ما يتسم الأشخاص ذوو الثقة العالية بالنفس بالرضا عن أنفسهم، والفخر بما يفعلونه، والإيمان بقدراتهم، وللثقة بالنفس أهمية كبيرة بين الزوجين، فهي تؤدي إلى:

استقرار الحياة الزوجية

الحب وحده ليس كافياً لنجاح أي علاقة واستمرارها، فبدون الثقة سيضيع طرفا الحياة الزوجية بين دروب الشك، والشك يعني تقصيراً من أحد طرفي الزواج بأحد جوانب الحياة أو جميعها، فيتخبط كل منهما في عالم مليء بالظنون، ولذلك فالثقة تحقق استقرار الحياة الزوجية، نتيجة للهدوء النفسي الذي تحققه الثقة بين الزوجين.

تحقيق الشعور بالأمان

عند شعورنا بالاستقرار، نكون أكثر قدرة على التركيز على أهدافنا، فيزيد من إحساسنا بالسيطرة على حياتنا، مما يجعلنا أكثر جاهزية للتحديات، وتساعد الثقة على تحقيق الشعور بالأمان والطمأنينة وراحة البال وليس ذلك فقط، بل يرافق الشعور بالأمان مشاعر دافئة وعميقة تساعد في تحقيق الانسجام بين الزوجين.

التركيز مع شريك الحياة

عندما يطمئن طرفا الحياة الزوجية، ويشعرون بالأمان؛ سيركز كل منهما في الاهتمام ببعضهما البعض وبتعميق التواصل بينهما أكثر لتحقيق الشعور بالرضا والسعادة والهدوء العاطفي، وعندما تكون هناك ثقة قوية بين الشريكين، يتم تعزيز الاتصال العاطفي والقدرة على التفاهم والاحترام المتبادل مع بعضهما البعض.

فعلى الزوجين أن يدركا أن حياتهما الزوجية بدون ثقة ستفتقر لكثير من المعاني والمشاعر الدافئة، وسيحول دون استمرار الحياة الزوجية التي من الممكن أن تنتهي في أي لحظة؛ بسبب عدم وجود ثقة بين الزوجين.

نصائح للحفاظ على الثقة في العلاقة طويلة الأمد

الصراحة والصدق

الصراحة والصدق بين الزوجين من أهم أسس نجاح العلاقة الزوجية، فعلى هذا الأساس تُبنى الثقة التي يمكنها أن تعالج أي مشكلة بين الطرفين، والصدق المتبادل يمنحهما شعوراً بالأمان، والمصارحة تدفع إلى مزيد من الثقة، ولذلك يجب العمل على تعزيز الحوار المفتوح، المبني على الصدق كأساس لإعادة بناء الثقة بينهما.

كونا مثالاً للثقة والإخلاص

يجب على الزوجين أن يكونا مثالاً للثقة لبعضهما البعض، سواء في الأفعال أو الأقوال، حتى تكون الثقة متبادلة.

الولاء والإخلاص لبعضكما

إن لم يحافظ الطرفان على ولائهما لبعض، فسرعان ما تنهار العلاقة بين الزوجين، وأن يكونا مخلصين على جميع المستويات، وليس مجرد الإخلاص الجسدي فقط.

الاعتذار والغفران

الاعتذار الصريح والمباشر بين الزوجين في حال ارتكب أحدهما خطأ بحق الآخر؛ كفيل بتوفير حياة هادئة، وخلق أجواء مليئة بالمودة والرحمة، فيجب على الزوجين أن يكونا على استعداد بأن يعتذرا ويغفرا لبعضهما، ويتحملان مسؤولية أفعالهما وأن يظهرا الندم حتى تكون علاقتهما أكثر ثقة وصدقاً

وضع حدود صحية

يجب وضع حدود صحية في العلاقة الزوجية، فمن حق كل إنسان أن يكون له أموره الخاصة به، فهذا يحمي العلاقات من أن نحملها بأكثر مما تحتمل فتنهار وتنكسر، وهي تسمح لك بالحفاظ على شخصيتك المستقلة، فاحترام هذه الحدود يقوي الشعور بالثقة والأمان بين الشريكين.

طلب المساعدة المهنية

يمكن للطرفين اللجوء إلى طلب المساعدة المهنية من متخصص في العلاقات الأسرية، الذي بدوره يساعد في الحفاظ على تقوية الثقة بين الزوجين، وحتى يشعرا بالسعادة والاستقرار مرة أخرى.

أمثلة حقيقية على قوة الثقة في الزواج

تحكي نهاد معروف، مهندسة كيميائية، لسيدتي:

“إنها كانت تثق بزوجها ثقة عمياء؛ لأن زوجها كان حب عمرها وكانت تأتمنه على إدارة أمورها المالية بموجب توكيل كانت فوضته له للتعامل مع البنك بدلاً منها، وبالمصادفة البحتة اكتشفت أنه قام بتحويل جزء كبير من أموالها لحسابه الشخصي، وعندما واجهته أنكر في بداية المواجهة وصدقته، ثم اعترف بعد ذلك بأنه اضطر لسحب هذه الأموال لحاجته إلى الأموال؛ بسبب ضائقة ماليه، فقامت بإلغاء التوكيل المفوض منها إليه، وقررت أن تراقب حسابها الشخصي، وبعد ذلك تقبلت اعتذار زوجها واعترافه وندمه لها، وحاولت أن تتغاضى عن الأمر.

تقول نهاد: بالفعل عادت الأمور لنصابها مرة أخرى، وأحمد الله أن هذه التجربة لم تضع حاجزاً وشرخاً في حياتنا الزوجية، فمن منا بلا أخطاء”.

تقول لبنى سلامة، صيدلانية، لسيدتي:

“نشأت في أسرة متوسطة الدخل وكنا نعيش حياة سعيدة، وفجأة اختفى والدي من حياتنا، وعلمت أنه تزوج من جارتنا في المسكن وصدمت صدمة كبيرة وفقدت الثقة في جميع الرجال، على الرغم من أنني ارتبطت بعلاقة حب كبيرة مع زوجي، إلا أنني كنت أعاني من عدم الثقة بالرجال؛ بسبب ما فعله والدي، وكنت أظلم زوجي باستمرار ولا أثق به مطلقاً وأتعامل معه بشك دائم، وكنت لا آتمنه، بالرغم من أنني أعلم أنه كان يحبني بشدة، فكنت أتهمه بقسوة حتى اكتشفت من خلال موقف ما أنني كنت أظلمه وأجرحه، وهو يعاملني بصبر وحنان، ومن وقتها تغير موقفي معه، ونظرت إليه نظرة أخرى، وأصبحت أثق به تماماً كما أثق بنفسي، فلطالما كان الظهر والسند والأمان، واليوم مضى على زواجنا خمس عشرة سنة، منها خمس سنوات شك، وعشر سنوات ثقة، ونعيش الآن حياة سعيدة”.

الخلاصة : الثقة كعنصر أساسي لنجاح الزواج

أخيراً يمكننا القول إن الثقة هي أساس العلاقات الزوجية الصحية والناجحة، لذا على الزوجين العمل على تعزيز الثقة بينهما من خلال الصدق والاحترام والمودة والتواصل المفتوح والصادق، فعندما يكون هناك ثقة قوية بين الشريكين، تتوافر بينهما حياة آمنة ومستقرة، فلا يمكن أن تستقيم الحياة الزوجية مع انعدام الثقة، فهي أحد أهم مقومات نجاحها والدافع لاستمرارها، ولذا يتعين على الزوجين اعتماد المصارحة والمكاشفة والصدق منهجاً أساسياً في علاقتهما إن أرادا الهدوء والاستقرار ونجاح الحياة الزوجية.

مجلة سيدتي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى