أهمية الـ «ميتاداتا» في عمل المكتبات الحديثة
هل تعرف ما هي الـ «ميتاداتا» Metadata؟ من الناحية التقنية، يوصف نظام «مارك 21» بأنّه يعتمد بكثافة على الـ «ميتاداتا» التي تمثّل نسقاً محدداً من البيانات الرقميّة. ربما تبدو تلك الكلمة غريبة قليلاً، لكنها موجودة معك باستمرار، بل أكثر كثيراً مما تعتقد!
ضع خليويّاً في جيبك، وتمشَّ في الشارع قليلاً. هل تعلم كميّة المعلومات التي تقدّمها لشركات الخليوي، وتحفظ ربما إلى الأبد عنك، خصوصاً الـ «ميتاداتا»؟ فكر في الخليوي النائم في جيبك. يجري ذلك الجهاز حسابات تتعلّق بمكان وجوده، استناداً إلى أبراج شبكة الخليوي القريبة منه. ولا يتعلّق ذلك برغبة شركة الخليوي في معرفة مكان وجودك، لكنها تحتاج الى معرفة مكان وجود هاتفك الخليوي كي تحوّل المكالمات إليه.
في اللغة العربيّة، من المستطاع ترجمة كلمة -»ميتاداتا» بمصطلح «بيانات وصفيّة». لنترك الترجمة. تشير تلك التسمية إلى «المعلومات عن المعلومات». حسناً، لم يصبح الأمر أسهل! في الرسائل النصيّة للخليوي، تعتبر الرسائل نفسها معلومات، لكن السجّلات عن الرسائل المتلقاة والمُرْسَلَة، إضافة إلى زمنها وتوقيتها؛ هي «ميتاداتا».
في كل رسالة تبعث بها عبر البريد الإلكتروني («إيميل») سواء من الكومبيوتر أم من الخليوي، تعتبر نصوص الرسائل معلومات، فيما تتألّف الـ «ميتاداتا» من المعلومات عن المُرسِل والمتلقي ومسار الرسائل وأحجامها، كما تمكن إثارة نقاش عن تصنيف كل سطر في ذلك البريد. في التصوير، تكون الصور هي المعلومات، وتكون تواريخها والرقم المتسلسل للكاميرا، ومعطيات إعداداتها، ومعلومات الـ «جي بي أس» عنها، هي الـ «ميتاداتا».
وتحوي الهواتف الذكيّة تقنيّة «جي بي أس» GPS التي تنتج معلومات عن أمكنة وجودك، بدقّة تفوق ما تعطيه أبراج شبكة الخليوي، إذ تستطيع تقنية «جي بي أس» في هاتفك الذكي أن تحدّد موقعك بدقّة تتراوح بين 17 و27 قدم ( بين 5.2 و8.23 متر)، فيما تصل المسافة ذاتها إلى قرابة 2000 قدم (610 أمتار) بالنسبة الى أبراج الخليوي.
البداية من أميركا
بالعودة إلى نظام «مارك 21»، يجدر تذكّر أنّه ظهر بفضل مبادرة قادتها «مكتبة الكونغرس» الأميركيّة، قبل قرابة أربعة عقود. وفي ثمانينات القرن العشرين، اتّخذ اسماً أميركيّاً، ثم ظهر بهيئة عالميّة باسم «مارك 21» عند مشارف القرن الحادي والعشرين. وباختصار، يشكّل «مارك 21» نظاماً مؤتمتاً للفهارس البيبلوغرافيّة، ولا تمكن قراءة بياناته إلا باستخدام آلات ذكيّة كالكومبيوتر. واستكمالاً، يعطي الحواسيب القدرة على تبادل المعلومات المفهرسة واستعمالها وتبادلها.
ويعتبر نظام «مارك» أساساً لمعظم النظم المؤتمتة للفهارس في المكتبات العامة الكبرى في مجموعة كبيرة من الدول. وتعمل «مكتبة الكونغرس» بالتآزر مع جهات مختصة بارزة (خصوصاً «مكتبة كندا وأرشيفاتها»)، على إعطاء المساندة التقنيّة المستمرة لنُظُم «مارك».
وفي سياق «معرض بيروت للكتاب- 2017»، تميّزت مشاركة أحد المواقع العربيّة للمكتبات الرقميّة بأنه اعتمد نظام «مارك 21 في تنفيذ مشروع قاعدة بياناته. ويوصف النظام غالباً بأنه معيار في المواصفات العالميّة لنُظُم المؤتمتة المستخدمة حاضراً في صنع قواعد البيانات الببليوغرافيّة التي تعتبر مرتكزاً لجودة صناعة المعلومات. واستطراداً، يتوجب على العاملين في نُظُم قواعد البيانات للفهارس البيبلوغرافيّة المؤتمتة، التمرّس تقنيّاً في تلك المعايير المتقدّمة. ويشمل ذلك التعامل مع «البيانات عن البيانات»، وهو ما يشير إليه مصطلح الـ «ميتاداتا». ويسهّل نظام «مارك 21» عمليات استيراد الـ «ميتاداتا» وتصديرها والتعامل معها.
صحيفة الحياة اللندنية