“اختر أصدقاءك بعناية لأنهم سيكونون أساس القوة الروحية التي تسمح لك باتخاذ قرارات صعبة ومهمة للغاية عندما يتعين عليك القيام بذلك.” نحن جميعاً نعرف قيمة الصداقة. ونعلم كم هو ممتع قضاء الوقت مع أصدقائنا، فأصدقاؤنا هم من يسبغون الحياة بالأمل ويلونوها بالبهجة والمرح، ومن يعطونها قيمة ومعنى. فالصديق الجيد يشعرنا بالأمان والسعادة والتفاؤل، والصديق الجيد يهون علينا صعوبة الأيام ويشاركنا لحظات الفرح والمرح والحزن والألم، فمن لديه صديق لديه كنز حقيقي، فما هي أسس اختيار الصديق؟ تعرفي لها بالسياق التالي..
العلاقات الشخصية عمليات معقدة
تقول نسمة فريد جورج استشاري تنمية بشرية ودعم ذاتي لسيدتي: “من المعروف أن العلاقات الشخصية هي عمليات معقدة، يزداد تعقيدها كلما زاد عمقها ونحن لا ندرك ذلك إلا عندما ننخرط فيها، ورباط الصداقة أحد تلك الروابط أو العلاقات الإنسانية المدهشة والتي إذا كانت قائمة، منذ البداية، على اختيار واعي واضح ومحدد تكون علاقة رائعة تربط بين شخصين برباط وثيق لا تفصم عُراه أبدًا، حيث تبدأ هذه العلاقة عندما نجد بعض من الأشياء المشتركة بيننا وبين الآخرين، وهذا ما يعرف بـ “التوافق”، بينما لو كانت قائمة على مواصفات غير واعية فإن هذا قد يصيبنا بخيبة الامل والحزن والحسرة في المستقبل عندما ندرك أن أولئك الذين اعتقدنا أنهم أصدقاء لنا لم يكونوا في الواقع أصدقاء”.
تؤكد نسمة أهمية الانتقال من مرحلة الاختيار اللاوعي إلى الوعي فيما يتعلق باختيار أصدقائنا، فالأصدقاء يمثلون جزءًا أساسيًا من الحياة، وفي المجموعات الاجتماعية تتطور العديد من الجوانب ذات الصلة بهويتنا وقناعاتنا وأفكارنا والتي لا بد أن تتأثر في دوائر الصداقة التي تحيط بنا، ومن ثمّ لا بد من التأهل لتنمية شخصيتك بشكل مناسب، من الضروري تجربة ما يعنيه أن يكون لديك مجموعة من الأصدقاء الذين تتفاعل معهم بشكل متكرر. ولكي تكون هذه تجربة ليست ممتعة فحسب، بل بناءة أيضًا، فمن الضروري معرفة كيفية الاختيار الصحيح للمجموعات التي نتفاعل معها ونعدهم أصدقائنا.
نحن نكرر سلوكيات أصدقائنا بدون وعي
تقول نسمة: إذا كنا نميل إلى الارتباط بالأشخاص الذين يعانون من أنماط حياة مختلفة عما اعتدناه، فسنواجه في النهاية بعض المشكلات المشابهة لتلك التي يعاني منها أصدقاؤنا. هذا لأن السلوكيات المكتسبة اجتماعيًا ليست واعية، وينتهي بنا الأمر عن غير قصد إلى التصرف مثلهم، وبغض النظر عما إذا كنا نوافق على الطريقة التي يتصرف بها أصدقائنا أم لا، فإذا أمضينا الكثير من الوقت معهم فسوف ينتهي بنا الأمر إلى تكرار سلوكهم سواء كان لائقًا أم غير لائق. ولهذا السبب من المستحسن أن نكون واضحين بشأن ماهية مبادئنا وقيمنا، وعند اختيار الأصدقاء، لا بد من التأكد من أننا نتشارك نفس القيم وأساليب السلوك الاجتماعي الإيجابي ضمن الأعراف الاجتماعية، لتجنب الإحباط الذي يأتي بعد إدراك أن الصداقات التي اخترناها لا تناسبنا حقا.
كيفية اختيار الأصدقاء بشكل أفضل
وجود التقبل والتعاطف
لا توجد علاقة صداقة حقيقة إذا لم يتوافر قدر معين من التوافق والتقبل والتعاطف، حتى لو كانت لدينا أشياء كثيرة مشتركة مع من اعتبرناهم أصدقاء، إذا لم نشعر أننا نحبهم لن نجد طريقة يمكننا من خلالها إقامة صداقة متينة، ولا يستحق الأمر فرض العلاقة أو السعي وراءها بقوة فالعلاقة لا بد أن تتدفق وتتبلور لمواقف معينة تحدث، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا داعي لإعطاء تلك الصداقة الافتراضية المحتملة فرصة تلو الأخرى إذا لم تكن هناك علامات واضحة على أنها قد تحدث بسبب عدم التوافق أو التقبل.
تحدث عن اهتماماتك
إحدى الطرق الجيدة لاختيار الأصدقاء أن يكون لديهم اهتمامات مشتركة معنا، ومن ثمّ يمكننا أن نذكر هواياتنا واهتماماتنا في المحادثات التافهة التي نجريها عادة مع أي شخص، فنحن لا نعرف أبدًا متى قد نلتقي بشخص لديه أشياء مشتركة.
اذهب إلى أماكن مختلفة بانتظام
عندما نعتاد على التردد على نفس الأماكن بشكل متكرر، فمن المحتمل جدًا أن نلتقي بأشخاص يفعلون نفس الشيء، بغض النظر عن السبب الذي دفعهم إلى ذلك المكان. في بعض الأحيان، فإن محدودية السياقات الاجتماعية التي نتعرض لها تعني أنه ليس لدينا الكثير من العلاقات الاجتماعية للاختيار من بينها، مما يزيد من فرص قبول أي شخص تقريبًا كصديق. أفضل شيء هو الاختلاف، أن تتاح لك الفرصة للقاء أشخاص جدد؛ يمكن أن يكون هذا المكان صالة الألعاب الرياضية، المكتبة، الحدائق، إلخ..
يجب أن يكون هناك تسامح
يجب أن يكون التسامح متبادلاً، مع الأخذ في الإعتبار أنه على الرغم من كل الأشياء المشتركة بينك وبين أصدقائك، إلا أنه ستكون هناك دائمًا اختلافات في رباط الصداقة. ويجب إدارة هذه الخلافات بأفضل طريقة ممكنة، في جو من احترام الفكر الآخر حتى ولو لم نتفق معه.
لاحظ كيف يعامل الناس الآخرين
في بعض الأحيان، حقيقة أن الفرد يعاملنا بشكل جيد لا تعني أنه شخص جيد. لتجنب اتخاذ قرار سيء عند السماح لشخص ما بالدخول إلى حياتنا، من المهم الانتباه إلى كيفية تعامله مع الآخرين، واستخلاص النتائج.
ابدأ محادثات مثيرة للجدل
تعد المواضيع المثيرة للجدل والغريبة مقياسًا مدهشًا للتسامح ودليل كاشف على جودة الصداقة، فإذا كان الشخص الآخر يشعر بعدم الارتياح عند مناقشته بمواضيع حساسة أو مثيرة للجدل أو يتفاعل بموقف دفاعي، فلا بد أن نضع بالاعتبار أن هذا الشخص قد لا يكون شخصًا متسامحًا كما قد متوقع، واحرص على عدم التطرق إلى المواضيع المثيرة للجدل والتي تتحدث عن مشاكل عانى منها صديقك شخصيًا في الماضي، حيث أن الانزعاج من هذه المواضيع قد يكون فقط بسبب التجارب المؤلمة والقلق الذي مر بهما الصديق.
تحقق مما إذا كان يحب قضاء الوقت معك
في كثير من الحالات، قد يهتم بعض الناس بصداقتنا للحصول على منفعة معينة ثم الاختفاء بمجرد انتهاء المصلحة، ومن ثمّ يلزم التحقق مما إذا كان أصدقاؤك الجدد لديهم الوقت لك من وقت لآخر، أو على العكس من ذلك، عندما تدعوهم إلى مكان ما لديهم عذر طالما لا يوجد منفعة، بالنهاية فمن الأفضل تجنب الأشخاص الذين يقتربون منك فقط للحصول على الخدمات.
مجلة سيدتي