أوروبا تكافح شيخوختها بشباب اللاجئين السوريين

النجاة من شبح الدمار والقتل في العديد من دول الشرق الأوسط، كانت الهدف لعدد كبير من الشباب في سوريا وبعض الدول العربية والتي تتميز بعدد شبابها، لدرجة وصفها بالمجتمعات الفتية أو الشابة. كانت أيضاً بمثابة “اكسير الشباب” للعديد من الدول المتقدمة التي تأمل في إنقاذها من شبح الشيخوخة. وذلك بعدما أجبرت الحرب المستمرة في سوريا منذ مارس 2011 المزيد من الشباب السوري على إتخاذ قرار الهجرة إلى أوروبا للبحث عن الحق في الحياة في مكان يوفر مستقبل أفضل، في الوقت الذي تبحث فيه معظم الدول الإوروبية عن حلول لزيادة نسب الشباب فيها، بعدما أصبحت نسب الشيخوخة فيها مصدر قلق بالنسبة لحكوماتها.

وتعاني الدول الصناعية المتقدمة من إنخفاض نسبة الأطفال وارتفاع نسبة الشيوخ من مجموع سكانها، بسبب انخفاض معدلات الزيادة الطبيعية فيها نتيجة لانخفاض معدلات المواليد، لتعرف مجتمعات الدول المتقدمة مثل معظم الدول الأوروبية كبريطانيا وألمانيا والسويد ورومانيا وغيرها، بالمسِّنة أو الهرمة.

الشباب السوري والشيخوخة الألمانية:

وذكر مكتب يوروستات للإحصاءات في إحدى تقاريره أن السوريون احتلوا المرتبة الأولى في قبول طلبات اللجوء خلال عام 2014، وجاءت ألمانيا على رأس قائمة الدول الأوروبية الأكثر استقبالا للاجئين، ولعل السبب الأول لحصول ألمانيا على الحصة الأكبر لإستقبال المهاجرين في أوروبا، يرجع إلى كونها تعاني من تقهقر في السكان، بسبب تناقص في الزيادة الطبيعية، مما جعلها تعاني من الشيخوخة.

وتمثل فئة الاعمار الأقل من 15 سنة (16%) من مجموع السكان في ألمانيا، وهي نسبة قد تكون السبب وراء إستقبال الحكومة الألمانية خلال العام الماضي فقط نحو 202 ألف لاجئ، ربعهم تقريباً من السوريين.

كما تتوقع الحكومة الألمانية أن يتضاعف هذا الرقم أربع مرات في العام الجاري 2015، مقارنة مع أعداد العام الماضي. وذلك وفقاً لتصريحات وزير الداخلية الألماني توماس ديميزير في برلين، والتي قال فيها “يجب علينا أن نتوقع وصول 800 ألف إنسان ما بين لاجئ ونازح إلى ألمانيا هذا العام”، وذلك عقب اجتماع اتحادي تشاوري بينه وبين ممثلي الولايات الألمانية المختلفة يوم الأربعاء 19 أغسطس 2015.

أول الدول الأوروبية المستقبلة للاجئين:

ولم تكن ألمانيا الدولة الوحيدة المستفيده من هجرة الشباب السوري إليها، فقد ذكر “يوروستات” في تقرير له أن الدول الأوروبية استقبلت ما يزيد عن 620 ألف لاجئ خلال عام 2014، توزعوا بنسب مختلفة على عدد من تلك الدول، وكانت السويد “التي لديها 5% من المسنين في العالم”، أولى الدول الأوروبية التي توجه إليها السوريون بقصد اللجوء.

بعد السويد انتقلت الهجرات بقصد اللجوء إلى ألمانيا، التي تعد اليوم من أكبر الدول الأوروبية المستقبلة للاجئين السوريين، ثم إلى النرويج والتي نصيبها 4.2% من نسبة المسنين في العالم، وإيطاليا والتي لديها نسبة 4.2% من المسنين في العالم، بالإضافة إلى الدنمارك، هولندا، وهي الدول التي تعاني من نفس الأزمة الألمانية ولكن بنسب مختلفة.

وذكر مكتب يوروستات للاحصاءات، أن السوريين قدموا قرابة 150 ألف طلب للجوء في 44 دولة صناعية العام الماضي أي بمعدل واحد كل خمسة طلبات، وجاءت ألمانيا في المركز الأول بين الدول الصناعية فتلقت العدد الأكبر من طلبات اللجوء إذ قدم لها 173 ألف طلب وكان ربع هذه الطلبات من سوريين.

كما أن بلدان الاتحاد الأوروبي منحت حق اللجوء إلى 185 ألف شخص في عام 2014، منهم حوالى 70 ألف سوري، وكانت 6 دول فقط هي من حملت على عاتقها استقبال القسم الأكبر من اللاجئين، هي ألمانيا (47,444 لاجئ)، السويد (33,025)، فرنسا (20,640)، إيطاليا (20,630)، بريطانيا (14,065)، وهولندا (13,250).

وكان أبرز المستفيدين من الحماية التي يؤمنها الاتحاد الأوروبي، هم السوريون (68,400)، أي 37% من العدد الاجمالي، وذكرت الإحصائية أن أكثر من 60% من السوريين الذين حصلوا على وضع اللجوء، يعيشون في ألمانيا والسويد.

الشيخوخة عام 2050:

ويعيش حالياً أكثر من 226 مليون شخص تخطى سن الشباب في أوروبا و اميركا و دول جنوب شرق اسيا، وذلك وفقاُ لبعض الإحصائيات المنشورة على موقع ويكيبيديا، والتي ذكرت أن نسبة المسنين المتوقعة في العالم عام 2050 قد تصل إلى 22%، وهي النسبة التي كانت 10% عام 1999، ويتوقع أن تكون للدول الأوروبية النصيب الأكبر من هذا الرقم، فلما لا، وفي الوقت الحالي 25% من المسنين في العالم متواجدين في دول اوربا و اميركا الشمالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى