أوكرانيا . أم النظام العالمي المرتقب ؟؟!!
سواء وقعت الحرب بسبب أوكرانيا أم لم تقع فإن الرئيس بوتين أستطاع جر الغرب وعلى رأسه اميركا إلى طاولة التباحث التي يجلس هو على رأسها المقابل وبذلك استبق بوتين التطورات الساعية لترتيب وهندسة ( النظام العالمي المرتقب )، وجلس على طاولة رسم مناطق النفوذ و الخطوط الجيوسياسة المنظمة لتعاون القوى المتنافسة ، وكان لجلوس بوتين على رأس الطاولة المقابل ما أعطاه صفة الدولة العظمى المطالبة بدورها وفق هذه المعطيات و بشكل لا يسمح لأحد بتجاوز وجودها و مصالحها .
قبل عام ، ومع دخول بايدن إلى البيت الأبيض، كان لإعلانه أن ( أميركا عادت ) وانخراطه في جمع حلفاء واشنطن في الناتو ، وغير الناتو، كان لكل ذلك من وجهة نظر الرئيس بوتين معنى الإعلان الأميركي الواضح لإندفاع الغرب إلى فرض هيمنته على العالم ، و رأت فيه موسكو سعياً أميركياً لفرض نظام عالمي أحادي القطب تكون فيه أميركا الحاكم المطلق للعالم، و هذا ما شكل مهمازاً حفّز بوتين لترتيب جهوده وقواه لوضع حد لهذا الجموح الأميركي الغربي الأطلسي . و يبدو أنه – بوتين – قد جر الغرب وأميركا والأطلسي إلى حدود أوكرانيا بشكل جعل أوربا تدخل في حالة هلع ، ووضع أميركا في حالة إستنفار . و كلنا شاهدنا زعماء أوروبا يتوافدون إلى موسكو حيث استقبلهم بوتين من موقع متعال، وبعضهم تعرض لمعاملة مهينة مستخفة كما حصل مع ماكرون، والبعض الآخرسمع كلاماً قوياً كما حصل مع وزيرة الخارجية البريطانية وما سمعته من لافروف، وكان آخر هذه المواقف الوصف الذي استعمله الكرملين لوصف حالة الأميركان في مكالمة بايدن – بوتين الأخيرة، حيث وصفه بـ (الهستيريا) . وهكذا فإن الإنطباع العالمي اليوم أن روسيا قوة عظمى فرضت إحترامها على الغرب الأطلسي وأجبرته على سماع مطالبها كمقدمة لدورها الأساس في النظام العالمي المرتقب . إلا إذا كان صحيحاً أن الغرب يقود الرئيس الروسي إلى مسار خاطئ يوقعه في فخ يخسره كل ما أنجزه على الساحة الدولية ..
إذن القضية ليست أوكرانيا ، سواء دخلت القوات الروسية إلى أوكرانيا أم لم تدخل . والمشكلة ليست حول الحشود العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية . القضية هي النظام العالمي المرتقب . من جهة سعي روسيا لفرض دورها كقوة عظمى موازنة لقوة الأطلسي في هذا النظام العالمي، ومن جهة أخرى محاولة الغرب دفع روسيا وإستفزازها لإرتكاب الخطأ لتنزلق إلى الفخ المنصوب لها لتخسر كل ما وصلت إليه، والعالم يأمل أن ينتهي هذا الكيد العالمي إلى خواتيمه المرضية للجميع بشكل يجنب العالم الحرب ومصائبها لأنها ستكون حرباً كارثية مدمرة ستصل أصداء جنونها لكل أنحاء العالم ..