( إتفاق طفس ) جنوب سورية : نموذج لحلول العودة إلى الحياة الطبيعية

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

أخيراً أنجز إتفاق مدينة طفس،  و بدأت القوات الحكومية  الدخول إلى المدينة لتجري التفتيش عن الأسلحة ، تمهيداً لعودة المؤسسات الحكومية إلى العمل بفعالية … وحمل هذا الإتفاق معاني لافتة في مسار الإنتهاء من حالة الصراع ، وتحقيق هدوء يفضي إلى عودة الحياة الطبيعية . فما اللافت في هذا الإتفاق ؟؟

استمرت أخبار التوتر في طفس (محافظة درعا) لأسابيع متعددة، حيث كانت قوات الحكومة قد أعلنت أنها  تسعى إلى تطهير المدينة من عناصر داعش وسحب السلاح المتوسط منها منعاً لاستخدامها بين المتخاصمين من الفصائل وضد القوات الحكومية أيضاً . وأمام تعنت المسلحين كانت المدينة أمام إحتمال تعرضها لعملية عسكرية تقتحمها لتنفيذ المطلوب، ولعدة مرات وصلت العملية العسكرية إلى نقطة الإنطلاق، وكانت ستنجز الأمر في ساعات . لكن أوامر القائد العام كانت توقف العملية لتتيح الفرصة من جديد لحل المشكلة بالتفاوض بتدخل الوجهاء والفعاليات المجتمعية. وكان لمركز المصالحة الروسي في حميميم دور كبير في عملية التفاوض وتقديم الضمانات ، وتقريب وجهات النظر. وكان لحنكة الجانب الحكومي وتقييده بتعليمات القائد العام لإنجاز الحل عبر التفاوض، وحماية المدينة وأهلها من مخاطر أي عمل عسكري الدور الحاسم…

إتفاق طفس كان عبارة عن تعاون وطني بين ممثلي الحكومة وممثلي المجتمع المحلي. هذا التعاون نموذج للإنجاز الأمني العسكري دون إراقة نقطة دم واحدة. وهو نموذج للحلول الوطنية التي تعطي للفعاليات المجتمعية دوراً كبيراً و مؤثراً في الإنتهاء من التأزم والتوتر و وجود بؤر إرهاب . وتعطي لهذه الفعاليات المجتمعية أيضاً دوراً متفاعلاً في الانتقال إلى الحالة الطبيعية، حيث تعود المؤسسات إلى عملها ويعود الأمن  ليعم  المجتمع . إنه نموذج للحلول الوطنية التي تحفظ حقوق السيادة والأمن والسلامة .. حكمة القوة العسكرية والأمنية في هذا الإتفاق كانت السر في إنجازه ، وهي الحكمة الوطنية الحريصة على دماء الناس، والحريصة على أمنهم و الوفية لسيادة الدولة. وقابل هذه الحكمة حكمة الوجهاء من الفعاليات المجتمعية التي لاقت الحكومة في ضرورة العبور إلى الحالة الطبيعية.

ما يلفت النظر أيضاً في إتفاق طفس أن جميع أطرافه خرجت راضية ومقتنعة بما قدمته من مرونة لتحقيق هذا الإتفاق . وهذا الرضا من جميع الأطراف لم نره في إتفاقات كثيرة ..

هل تنتقل سورية في سعيها للعودة إلى الحياة الطبيعية في جميع المناطق إلى نهج التعاون بين الحكومة والفعاليات المجتمعية لتحقيق هذا العبور إلى الحياة الطبيعية ؟؟ طفس تجربة ونموذج، و على الجميع تفعيل وإنجاح التفاعل المجتمعي مع الجهات الحكومية لاستعادة الحياة الطبيعية …. فهل يتعمم نموذج طفس ؟؟ هذا رهن بحكمة ممثلي الحكومة واستجابة ووطنية الفعاليات المجتمعية … السوريون يستحقون العودة إلى الحياة الطبيعية . و على الجميع تسهيل هذه العودة.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى