إحذروا حصان طروادة ( 1 ) !!

خاص بموقع ( بوابة الشرق الأوسط الجديدة )

أغلبنا يعرف قصة حصان طروادة وأنّ الإغريق اِستعصى عليهم دخول حصن عدوهم المنيع ، فلجأوا إلى حيلةٍ ماكرة ؛ وهي صنع حصان خشبي عظيم الحجم جذّاب الشكل ، وقاموا بوضعه أمام حصن العدو على أمل أن يعتقد بأنّه هدية أو طلب سلام ؛ وكانت النتيجة أن عدوّهم أدخله فعلاً إلى الحصن !! وما إن حلّ الليل حتى خرج من قلب الحصان جنوداً إغريق كانوا مختبئين داخله وفتحوا أبواب الحصن لجيشهم وكان النصر !!!

هذا ملخص بسيط لقصة معظمنا يعرفها ، ولكن الغريب في الأمر أننا جميعاً ( إلا ما ندر ) سمحنا لحصان طروادة باِختراق حصوننا !!

فأعداء الإنسانية يضعون كل ما يريدون من إنتاجاتهم سواءً الفضائية أو التكنولوجية أو الفكريّة ، الثقافية .. الخ ؛ يضعونها في حصان طروادة الملّون ، البرّاق والجذّاب ونحن بدورنا ندخله إلى حصوننا ..إلى بيوتنا وعقولنا وعقول أطفالنا وشبابنا وبناتنا بل وفي أدق تفاصيل حياتنا.

نعم ياسادة . هكذا كانت الخطة إنه الغزو الفكري … أهم بآلاف المرات من الغزو الحربي فهل من متيقظ.

تارةً يضعون أفكارهم في ألعاب مسليّة وبرامج كرتونية للأطفال وإذا ما أمعنت النظر وجدت الهدف البعيد زرع أساليب العنف وإفساد بذور الطفولة البريئة النقية ومئات الأهداف الأخرى. وتارة ما يدسّون سموم أفكارهم في مسلسلات ومواقع إباحية أو روايات وكتب لاأخلاقية والأهداف حدّث ولا حرج !! وأهمها تدمير أخلاق شبابنا وبناتنا ؛ فهم يعرفون تمام المعرفة القانون الثابت والقاعدة العظيمة التي تقول :

” إن كل قوة في هذه الحياة تبدأ بـثبات أخلاقي وكل هزيمة تبدأ بـ إنهيار أخلاقي ! “

إذن فهو الغزو الفكري أو كما أحب أن أسميه ” بالحرب الناعمة ” !!

وهنا وفي محطة صغيرة أقف قليلاً لنتعرف معاً ماهو الغزو الفكري ؟؟

* الغزو الفكري : هو مصطلح حديث و يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للإستيلاء على عقول وأدمغة أمة أخرى و التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة.، وهو أخطر من الغزو العسكري ذلك لأنك لا تشعر به !! فظاهره مزين من كتب وروايات إلى أفلام ومسلسلات ووسائل إعلامية مرئية ومسموعة ووسائل تواصل اجتماعية إلى أجهزة وألعاب الكترونية .. الخ ؛ وهكذا تقع الأمة المغزوة فريسة دون أن تشعر وتصبح مريضة الفكر والإحساس والعقيدة والأخلاق ومنقادة فكرياً ؛ وهذا مثاله تماماً كتنزيل لغة برمجة معينة على حاسوبك تستطيع من خلالها قيادة الحاسوب بأكمله، وهو لعمري داء عضال يفتك بنا كأمة عربية ويرنو إلى اِقتلاع أصالتنا وجذور هويتنا وقيمنا الأخلاقية وإنحلال وتراجع ثقافتنا.

وبينما نحن كذلك في سبات عميق ونوم مغناطيسي وتراجع في العلم والتطور وتنمية ذواتنا على كافة الأصعدة ؛ يتقدمون هم في كافة المجالات ويقومون باختراع ما يستهلك أموالنا وعقولنا !!

بالطبع لست ضد التكنولوجيا الحديثة بالعكس تماماً فأنا مع أن نستثمرها بالشكل الأمثل، فمثلاً : وسائل التواصل الاجتماعي بإمكاننا استثمارها لزيادة رصيدنا الثقافي بل والمادي كذلك، وهذا ماسيكون له مقالات منفردة بإذن الله تعالى، ولكن أن نستخدم هذه الوسائل لتدمير أخلاقنا ومجتمعاتنا فهنا الطامّة الكبرى !! فكم من حالات طلاق حدثت بسبب وسائل التواصل الاجتماعية ..أسر تفككت وأولاد تشردت وبالتالي تفتت في عرى وروابط المجتمع ككل وهذا ما يؤدي إلى ضعف وهشاشة في بناء أي أمة. ولكن آن الآوان لكي نستيقظ لأنفسنا أولاً ومن ثم نتابع أبنائنا ونختار نحن البرامج التي سيشاهدونها والألعاب التي سيلعبون بها ونراقب كل مصادر الأفكار المحيطة بأطفالنا لأن مرحلة الطفولة هي مرحلة البذار وتكوين الأساسيات والقيم ولذلك هي أخطر مرحلة فكما تزرع تحصد؛ ثم التوجّه نحو شبابنا وبناتنا وهم عماد الأمة ومتابعتهم.

أعلم أن المسؤولية ” الملقاة على كاهل الآباء والأمهات والمعلمين بل على كاهل كل واحد فينا كلٍ بحسب موقعه كبيرة جداً لكن آمل أن نكون على قدرها.

وأخيراً وليس آخراً أود أن أقول أنه مازال في جعبتي الكثير عن هذا الموضوع بل ونقاط أحب توضيحها لكم ومن بينها :

ألهذه الدرجة الغزو الفكري خطير ولماذا ؟؟ وهل هناك فرق بينه وبين التفاعل الثقافي بيننا وبين الشعوب الغربية ؟؟ وماذا أعني بالتفاعل الثقافي
وكيف نستفيد منه ؟؟

سأجيب بإذن الله تعالى عن كل هذه الأمور في المقال القادم .

تسعدني متابعتكم .

لكم مني أطيب التحيات.

* مدربة تنمية بشرية

www.facebook.com/lmatteet

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى