(إخوان) .. لكن بشعر أشقر و عيون زرق !!
بفوز حزب (إخوان إيطاليا) تعود الفاشية إلى الحكم. وإذا كانت الفاشية هي القاسم المشترك بين إخوان إيطاليا والإخوان المسلمين عند العرب فإن ما يميز إخوان إيطاليا أن رئيسة حزبهم حسناء جميله شقراء بعيون زرق، بينما ممثلو الإخوان و مسؤولوهم عند العرب رجال مبعجرين متجهمين كأنهم خارجين من الكهوف للتو. وفي زمن التلفزيون والصورة لا شك أن الطلة الجميلة يحسب حسابها وخاصة في الانتخابات.
وهذا ربما ما ساهم في فوز( جورجيا ميلوني) التي إعتبرتها الصحافة الغربية صاحبة كاريزما شخصية، والمقصود طبعا الشعر الاشقر والعيون الزرقاء وحسن الملامح، وللأمانه مع سلاطة لسان وفصاحة منبرية وجرأة على الرموز الأوروبية السائدة. رغم تواضع تعليمها ومحدودية خبرتها السياسية، كما الإخوان عندنا .
حزب (إخوان إيطاليا) ما هو إلا امتداد لحزب الحركة الاجتماعية الذي أسسه بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة (جورجيو الميرانتي) رئيس أركان موسوليني. ونقلت الصحافة أن بنات الميرانتي تشعرن بشبح والدهن يتجلى لهن في ضباب الانتخابات مع فوز ميلوني. والفاشية بدأت ملامحها بالظهور في إيطاليا قبل سنوات حيث لوحظ أن صور موسوليني تطبع على الهدايا والقدحات. مع ذلك فإن ميلوني ومع اقتراب الانتخابات تنكرت للفاشية كما ينكر الإخوان المسلمين عنصريتهم. وقالت ميلوني أن( الفاشية من التاريخ ) وتبرأت منها لكنها مصرة على معناها العميق القائم على الإحساس بتفوق العرق الأوروبي وخاصة العائلة الإيطالية باعتبارهم الشعب المتفوق المعادل لـ (الفرقة الناجية) عند الإخوان المسلمين. وبرنامج ميلوني يقوم على محاربة العلمانيين واليسار والمهاجرين. ولولا الديون التي تجعلها بحاجة للمساعدة الأوربية لكانت أعلنت عداءها للإتحاد الأوروبي. ومن يدقق في تصريحاتها يلتقط مدى تقاطعها مع الصليبيين. فقد قالت في مناسبة انتخابية ( قبل 530 عاما وضع استسلام غرناطة حداً للمصالحة، وتحولت الأندلس إلى الاسبانية وأصبحت روما مسيحية. اليوم تهدد العلمانية واليسار والإسلام جذورنا.)، وأضافت بحزم لعدم إمكانية تصور التسوية مع هؤلاء بقولها ( أحزابنا تقول لا للمصالحة معهم) وهذا ما يجعل الانقسام المجتمعي حاداً ومتفجراً ويضع أوروبا بين نقيضين متواجهين، اليمين الفاشي ويمثله إخوان إيطاليا وبين الليبرالية المتوحشة ممثلة بالأحزاب الليبرالية، الأمر الذي يهدد المجتمع الأوروبي ويوضح مأزقه الحضاري الذي يستدعي عصر أنوار جديداً فيه قيم الإنسانية والعدل والحق والمساواة.
حزب ميلوني( إخوان إيطاليا) حصل على 26 مقعداً في مجلسي الشيوخ والنواب. وهي أكثرية تتيح له بالتحالف مع سالفيني وبيرلوسكوني تشكيل الحكومة. ولمن يسأل :هل الشعب الإيطالي، الذي كان يحظى بأكبر حزب شيوعي أوروبي ينقلب إلى الفاشية الآن. الحقيقة كما يراها مراقبون، أن الشعب الإيطالي لم ينتخب حزب ميلوني الأخواني حباً وتملقاً للفاشية لكنه إنتخبها نكاية بالأحزاب الديمقراطية التي جوعتهم وأذلتهم بممارساتها الحكومية وفسادها تماماً كما تلجأ بعض شرائح مجتمعنا العربي إلى الدين أو إلى الإخوان المسلمين نكاية بالأحزاب القومية التي تسلطت معظمها ونهبت عبر الحكومات الفاسدة التي نصّبتها خيرات البلاد. إذن فقد اختار الإيطاليون ميلوني وحزبها الأخواني الفاشي ليس حباً فيهم بل كرهاً بغيرهم، وهو انتخاب على قاعدة (نكاية بالطهارة . . . ) لذلك يتوقع الكثيرون أن يكون عمر حكومة ميلوني قصيراً خاصة إذا مارست فاشيتها من خلال الأداء الحكومي .
يتضح مأزق أوروبا إرتداد بعض مجتمعاتها إلى الماضي الفاشي، وإذا كان خطاب أخوان إيطاليا يعيد ويحيي خطاب الحروب الصليبية وينتج يمين شعبوي فاشي، تماماً كما حاول الإخوان المسلمون في بلادنا رد المجتمع لعصور الخلافة البائدة واستعادة خطاب التكفير. كلاهما فاشي حتى لو كانت المتحدثة باسم إخوان إيطاليا ورئيستها شقراء بعيون زرق وبشخصية كارزماتية .
عصر الأنوار الأوروبي كان منارة للإنسانية، واليوم يطلع علينا اليمين الأوروبي بفاشيته. فهل يمكن لمن خبر الأنوار أن يغرق في الظلام؟؟ أم أنه سيجد أنواره الجديدة التي ستنقذه؟؟ أم علينا أن نصدق ميلوني عندما تتبرأ من الفاشية؟؟ ولماذا نستبعد الدور الأمريكي في نشر الشعببوية في أوروبا لبعثرت قوتها ولخلق الفتن فيها كما فعلت في دعمها و أستخدامها لفاشية الإخوان عندنا.