بعد يوم من إعلان البيت الأبيض عمّا أسمته المصادر الرفيعة في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب بالـ “تقدم الكبير” في محادثات التطبيع بين إسرائيل والسعودية، كشفت اذاعة جيش الاحتلال الاسرائيليّ، نقلاً عن محافل واسعة الاطلاع في الكيان، تفاصيل جديدة حول الاقتراح الأمريكيّ الذي قدمه مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى كبار المسؤولين الإسرائيليين، علمًا أنّه وصل إلى تل أبيب بعد أنْ قام بزيارةٍ إلى المملكة العربيّة السعوديّة.
وبحسب تقرير مُراسل الشؤون السياسيّة في إذاعة جيش الاحتلال فإنّ الخطة الأمريكيّة تتضمّن التطبيع مع السعودية مع توسيع التحالف الأمنيّ للولايات المتحدة ودول المنطقة ضدّ إيران، إضافة إلى الترويج لاستثمار مليارات الدولارات في غزة مع مسؤولية عن سير تلك الاموال.
علاوة على ذلك، أضافت الإذاعة، سيقوم الأمريكيون بالترويج أيضًا لصفقة لإطلاق سراح المختطفين، بالإضافة إلى اتفاق مع حزب الله في الشمال لمنع حرب واسعة النطاق في لبنان.
ومقابل الصفقة الشاملة، سيُطلب من إسرائيل وقف الحرب في غزة كجزءٍ من صفقة التبادل، وكذلك الإعلان عن نشاط لخلق أفق سياسي لحل الدولتين. بالإضافة إلى ذلك، سيتعيّن على إسرائيل التوصل إلى اتفاق بشأن آلية لإدارة غزة، لا تكون حكومة عسكرية ولا حماس، بل إدارة فلسطينيّة مدنية بالتعاون مع دول المنطقة.
وأوضحت المصادر عينها في سياق التقرير أنّه تمّ عرض الخطة الأمريكية في الأيام الأخيرة على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين حكوميين، في إطار لقاءات سوليفان مع القيادة الإسرائيلية. وقال مسؤولون اسرائيليون حضروا اللقاءات إنّ نتنياهو لم يرفض العرض، لكن لا يمكن القول إنّه كان هناك اتفاق على كل تفاصيله، على حدّ تعبيرها.
ولكن يتبيّن من متابعة خطوات نتنياهو الخارجيّة أنّه يرى في اتفاق التطبيع مع المملكة العربيّة السعوديّة (دُرّة التّاج)، وسيكون بمثابة كسر الجليد السياسيّ، علمًا أنّه بُعيد انتخابه لولايته السادسة في كانون الأول (ديسمبر) 2022، أطلق نتنياهو تصريحه القائل إنّ التطبيع مع السعوديّة هو على رأس سُلّم أولوياته، وأنّ تحقيق ذلك ما هو إلّا مسألة وقتٍ، ليس إلّا، على حدّ زعمه.
بيد أنّ الرياح لم تجرِ كما يشتهي نتنياهو، فجاء الاتفاق الإيرانيّ-السعوديّ برعايةٍ صينيّةٍ، وتجديد العلاقات بينهما بعد قطيعةٍ استمرّت عدّة سنواتٍ، بمثابة ضربةٍ في الرأس لنتنياهو وحكومته، إذْ تبيّن لصُنّاع القرار في تل أبيب أنّ السعوديّة ليست لقمةً سائغةً كما تخيّلوا، بل أنّ التطبيع معها بات صعبًا للغاية، لكنْ ليس مُستحيلاً.
عُلاوةً على ذلك، تطرح الأوساط العسكريّة الإسرائيليّة تساؤلات ما زالت دون إجابة، عمّا يمكن أنْ تحصل عليه السعودية من أسلحةٍ أمريكيّةٍ متطورّةٍ، بجانب التكنولوجيا والمعرفة في بناء نظام الردع النوويّ، لكن القلق الإسرائيليّ زاد جرعةً مؤخرًا عقب زيارة رئيس الصين للمملكة، وما حظي به من استقبالٍ كبيرٍ بحضور الملك سلمان وولي عهده، الأمير محمد بن سلمان، وسط مخاوف من إجراء الرياض محادثات مع بكين حول التعاون في المشاريع النوويّة المدنيّة، على ما نقله المُستشرِق د. تسفي بارئيل، مُحلِّل الشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة.
في هذا السياق رأى المُحلِّل المُخضرم في صحيفة (معاريف) العبريّة، بن كاسبيت، رأى في مقالٍ نشره أنّ نتنياهو يتحدث عن التطبيع مع السعودية بعيونٍ برّاقةٍ، لأنّه بالنسبة له فهو أهّم من السلام مع مصر، ومن وعد بلفور، ومن إعلان إقامة دولة الاحتلال، ويبدو أنّه على استعدادٍ لغضّ الطرف عن اتفاقٍ سيءٍ بين الولايات المتحدة وإيران، والموافقة على نقل التكنولوجيا النووية لإيران، مقابل مصافحة وفرصة لالتقاط الصور مع ابن سلمان”، على حدّ قوله.
وشدّدّ كاسبيت في تحليله على أنّ “ما يقلق الإسرائيليين أنّ السعوديين يريدون الحصول على ما تملكه إيران، وليسوا مستعدين لشراء اليورانيوم المخصب للطاقة النووية المدنية، بل يريدون التخصيب في أراضيهم، مما سيجعل السعودية في حالة عتبة نووية، وسيخلق وضعًا يتخلص فيه الشرق الأوسط بأكمله من فرامله، ويسارع للطاقة النووية، وستكون هذه كارثة هائلة لأجيالٍ قادمةٍ”، طبقًا لأقواله.
واستدرك المحلل قائلاً: لكن ذلك ربّما لا يهم نتنياهو، رغم أنّ قادة الجيش والموساد والاستخبارات المختلفة يُعبِّرون عن دعمهم لمسار التطبيع الإسرائيليّ السعوديّ، ولكن دون تكلفة تخصيب اليورانيوم على التراب السعوديّ”، على ما نقله عن مصادره الرفيعة والمطلعة في تل أبيب.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية