افتتاحية الموقع

إذا الشعب يوما أراد الحياة …

ماهر عصام المملوك

” إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر” هي العبارة الافتتاحية الشهيرة لقصيدة “إرادة الحياة” التي كتبها الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي في أوائل القرن العشرين. أصبحت هذه الكلمات رمزًا للإرادة الجماعية والتطلع إلى الحرية والكرامة، وتجسد الروح الثورية والرغبة في التغيير والتحرر من الظلم والطغيان.

ولدت القصيدة في سياق سياسي واجتماعي مضطرب في تونس، حيث كان الشعب يعاني من الاستعمار الفرنسي والقمع الاجتماعي. كانت هذه الظروف بمثابة دافع للشابي ليعبر عن أمل الشعب ورغبته في حياة كريمة وحرة. لقد التقط الشابي بعبقريته الأدبية مشاعر الشعب ونبضه، وأعطى صوتًا لتطلعاته وأحلامه.

تدعو القصيدة إلى الإيمان بقوة الإرادة والتصميم، وتؤكد أن الشعوب القادرة على الصمود والمطالبة بحقوقها ستنتصر في النهاية. تعني العبارة أن القدر ليس قوة جامدة لا تتغير، بل يمكن أن يتأثر بإرادة الشعب وإصراره.

إذا قرر الناس بشكل جماعي أنهم يريدون الحياة والحرية، فإن القوة الحتمية للقدر ستستجيب لهم.

تطرح القصيدة سؤالاً فلسفيًا حول العلاقة بين الإرادة الإنسانية والقدر.

هل القدر مكتوب أم يمكن تغييره؟ وفقًا للشابي، الإرادة الجماعية قوية بما يكفي لتغيير المسار المكتوب.

هذه الفكرة تعزز مفهوم الأمل والتفاؤل في مواجهة الظروف القاسية.

أصبحت هذه الكلمات شعارًا للعديد من الحركات التحررية والثورية عبر العالم العربي، استخدمها المتظاهرون في مختلف البلدان العربية في مناسبات سياسية كثيرة للتعبير عن رغبتهم في التغيير والإصلاح.

الشعار يعبر عن الإيمان بقدرة الشعوب على صنع مستقبلها والتحرر من الظلم والطغيان.

وحتى اليوم، تظل كلمات الشابي حية وملهمة في العديد من السياقات.

يمكن رؤية تأثيرها في الحركات الاجتماعية والسياسية التي تسعى إلى العدالة والمساواة. كما تستخدم هذه العبارة كشعار في المظاهرات والاحتجاجات لتعزيز الروح المعنوية وإبراز الوحدة الوطنية.

لابد ان يعترف التاريخ بان  قصائد الشابي ساهمت في تشكيل الوعي الوطني والقومي في تونس والعالم العربي كما تعبر قصيدته “إرادة الحياة” عن مدى ارتباط الأدب بالشأن العام وقدرته على التأثير في الأحداث التاريخية.

أصبحت قصائده جزءًا من المناهج الدراسية وتدرس في المدارس والجامعات، مما يعكس أهمية رسالته وأثرها العميق في الوجدان العربي.

وفي الختام إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر” ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي تعبير عن روح التحدي والأمل في تحقيق الحرية والكرامة.

تعكس القصيدة إيمان الشابي العميق بقوة الإرادة الجماعية وقدرتها على تحقيق المستحيل ولا تزال هذه العبارة تلهم الأجيال الجديدة وتذكرهم بأن التغيير ممكن بالإرادة والتصميم.

تبقى وتظل قصيدة “إرادة الحياة” لأبو القاسم الشابي رمزًا خالدًا للنضال من أجل الحرية ونداءً للاستمرار في السعي نحو حياة كريمة وعادلة.

تمثل هذه الكلمات شعلة للأمل والتحفيز لكل من يسعى لتحقيق العدالة والحرية في عالمنا اليوم وفي كل يوم .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى