إرهاق بداية الأسبوع… هكذا تتخلّص منه
يوم العمل الأول بعد عطلة نهاية الأسبوع هو من أبغض الأيام للبعض، خصوصاً للطلاب والموظفين، فعلامات الإرهاق تكون بارزة على محياهم وتصرفاتهم الى جانب شكاوى أخرى تختلف من شخص إلى آخر، من أهمها الصعوبات على صعيد التركيز والذاكرة، والتصرفات السيئة، والمزاج العكر.
يرى البعض في عطلة نهاية الأسبوع مناسبة للسهر الطويل والنوم لساعات متأخرة نهاراً، لكن هذا التصرف سرعان ما يترك آثاره الضارة على الجسم، خصوصاً على الساعة البيولوجية التي «تتذمر» من هذه السلوكيات الخاطئة فتعلن عن غضبها على شكل زوبعة من العوارض المزعجة.
تحاول الساعة البيولوجية في بداية الأمر إرسال رسالة تحذيرية من أجل تصحيح السلوكيات الخاطئة للحفاظ على النشاط في النهار وعلى الاسترخاء في الليل، البعض يستجيب فتصطلح أحواله، لكن هناك من لا يكترث للأمر الذي يجعل صاحبه في حال من التخبط في بداية الأسبوع، ومن يدري فقد يمتد التخبط طيلة أيام الأسبوع ما يزيد الطين بلة.
صحيح أن الشعور بالإرهاق في بداية الأسبوع ليس مرضاً، لكنه شكوى شائعة، يقول عنها فريدمان هاريس خبير النوم ومدير الطب السلوكي في مركز مونتيفيوري بنيويورك انها «أصبحت حالة يتزايد انتشارها، وهي تشبه تعب السفر بسبب اختلاف التوقيت، ولا يتم تشخيصها ضمن اضطرابات النوم التي تعتبر حالة مرضية سريرية».
واذا حاولنا الغوص في أسباب مشكلة الارهاق في بداية الأسبوع فإننا نجد ضالتنا في سببين رئيسين:
الأول: اضطراب الساعة البيولوجية، فالمعروف أن الانسان يملك في داخله ساعة بيولوجية هي التي تتولى ضبط ايقاع حياته اليومية بكل دقة من دون تقديم ولا تأخير، وما يحصل في نهاية الأسبوع أن الشخص يميل إلى النوم أو إلى الراحة أو الاسترخاء ويطيل السهر إلى ساعة متأخرة من الليل، وينظم وقته على هذا الأساس، لكن مع بداية أول يوم عمل تنقلب الآية إذ يضطر الشخص إلى الاستيقاظ باكراً، الأمر الذي يختلف كلياً عن برنامج التوقيت المعمول به في عطلة نهاية الأسبوع، وهذا كله يؤدي الى تناقضات بين الساعة البيولوجية الداخلية للجسم والتوقيت الخارجي ما ينعكس سلباً على حال الانسان فيصاب بالارهاق في أول يوم عمل بعد العطلة الأسبوعية.
ويجدر التنويه هنا إلى أن الساعة البيولوجية هي عبارة عن نواة صغيرة بحجم حبة الرز تتألف من مجموعة من الخلايا يرواح عددها من 20 ألفاً إلى 50 ألفاً، تقع في قاع المخ. وتتولى هذه الساعة تنظيم مختلف أعضاء الجسم في شكل دقيق للغاية وفقاً لتعاقب الليل والنهار، وهي تعمل على مدار 24 ساعة على ضبط ايقاع الحياة، ومن دونها يفقد الانسان الإحساس بالزمن.
وأكدت دراسات كثيرة وجود علاقة ما بين الارتباكات التي تحصل في الساعة البيولوجية والإصابة بعدد من الأمراض أبرزها اضطرابات النوم، والأمراض القلبية الوعائية، والداء السكري، والأورام السرطانية، وبعض الأمراض النفسية.
السبب الثاني: النوم غير الكافي، إن كثيرين يخلدون إلى النوم المديد في ساعات النهار في عطلة نهاية الاسبوع، وقد يلجأ البعض الى القيلولة الطويلة، وهذا ما يدفع إلى السهر في اليوم الأخير من العطلة الأسبوعية، بل إن البعض قد يظفر بساعة أو ساعتين على الأكثر من النوم وربما قد لا ينام اطلاقاً، وهذا كله يتم ترجمته على أرض الواقع في شكاوى عدة، مثل الإرهاق والوجه العابس والعيون المحمرة والنرفزة والعصبية لأتفه الأسباب، فضلاً عن التثاؤبات المستمرة وعدم القدرة على انجاز الأعمال.
هل يمكن التغلب على الارهاق في صباح أول أيام أسبوع العمل؟ نعم، واليكم النصائح الآتية:
– النوم في شكل منتظم طيلة أيام الأسبوع، والحفاظ على هذا النمط، سواء في أيام العمل أم في غيرها، لأن هذا السلوك يضبط الساعة البيولوجية وبالتالي يؤدي الى تفادي أي خضات قد تطاولها جــراء السلوكيات الحياتية الخاطئة سواء على صعيد النوم أم غيره. ولا بد هنا من التنويه بضرورة الحصول على ساعات نوم كافية كل ليلة، والعمل على النوم والاستيقاظ في مواعيد محددة كل يوم.
– الإمتناع عن السهر في اليوم الأخير من عطلة نهاية الأسبوع من أجل تفادي خلل في الساعة البيولوجية.
– أخذ قيلولة صغيرة في اليوم الأخير من عطلة نهاية الأسبوع، شرط أن تكون هذه الغفوة قبل الساعة الثانية بعد الظهر، وألا تتجاوز مدتها 20 دقيقة على الأكثر، فحسب العلماء من جامعة تكساس، فإن مثل هذه القيلولة تترك آثاراً ايجابية على وظيفة الساعة البيولوجية ما يجعلها تعمل بكفاءة عالية، وهذا بالتالي يخفف الشعور بالإرهاق في اليوم التالي.
– الاستيقاظ في وقت مبكر في بداية الأسبوع الجديد بتفاؤل ومن دون قلق ولا توتر، وإعطاء الوقت اللازم لتناول وجبة الفطور الصباحية التي تمنح الطاقة والحيوية اللازمة لمواجهة أعباء النهار، سواء في أماكن العمل أم على مقاعد الدراسة.
– حاول أن تعرض نفسك لأشعة الشمس فور الإستيقاظ، فهذا يعد من الوسائل الممتازة لضبط عمل الساعة البيولوجية لأنه يقلل مستوى هرمون الميلاتونين والـتالي يحد من الشعور بالنعاس والتعب.
– مارس النشاط الرياضي صباحاً، وحبذا لو قمت بذلك بعيد الإستيقاظ مباشرة صباح نهاية عطلة الأسبوع، فهذا يفيد جداً في ضبط ايقاع الساعة البيولوجية. وهناك من يوصي بالتنزه بعد العمل في أول يوم من الأسبوع لرفع المعنويات والتخلص من الإحباط.
– حاول أن تقوم بجردة للأعمال التي ستقوم بها في الأسبوع المقبل في أخر يوم عمل لك من الأسبوع المنصرم، فهذا من شأنه يجنبك تراكم الأعمال ويخفف أعباء التوتر التي قد تنجم عنها.
– ابتعد عن شرب المنبهات، كالقهوة والشاي والكولا وغيرها، بعد الساعة الثانية ظهراً في اليوم الأخير من عطلة نهاية الأسبوع.
– اعمل جهدك لتمضية عطلة نهاية الأسبوع في أجواء نقية بعيداً من الأجواء الملوثة التي تكون مجبراً عليها في أيام العمل.
– حبذا لو حصلت على أكبر قدر ممكن من الاسترخاء العقلي والجسماني، وحسناً تفعل في قطع الإتصال بالهواتف النقالة وأجهزة الكومبيوتر وغيرها من الأجهزة الالكترونية من أجل اراحة العينين والجسم.
صحيفة الحياة اللندنية