تحليلات سياسيةسلايد

إسرائيل ترفض طلبًا مصريًا وقطريًا بتعديل مسار”مسيرة الأعلام”

تتواصل التحركات والاتصالات العربية والدولية مع الجانب الإسرائيلي، للتباحث في الأبعاد الخطيرة المتوقعة لـ”مسيرة الأعلام” التي من المقرر أن تنطلق ظهر غدٍ الأحد في مدينة القدس المحتلة، ومحاولة إقناع إسرائيل بتعديل مسار المسيرة “الاستفزازية” في ظل تهديد الفلسطينيين بالتحرك والرد.

وعلمت “رأي اليوم” من مصادر رفيعة المستوى، أن مصر وقطر لعبتا دورًا هامًا في هذا الملف، وجرت في الساعات الأخيرة العديد من الاتصالات مع أرفع المسئولين الإسرائيليين، لضمان عدم استفزاز الفلسطينيين والمقاومة، وتغيير مسار مسيرة العودة.

وذكرت أن جميع تلك الاتصالات باءت بالفشل، وأن الجانب الإسرائيلي قد أبلغ  قطر ومصر رسميًا بان قرار مسار المسيرة جاء من جهات عليا ولن يتم تعديله مهما كانت الضغوطات الخارجية، وأن رئيس الحكومة نفتالي بينيت بنفسه قد أصر على هذه الخطوة.

وأشارت المصادر ذاتها لـ”رأي اليوم”، أن خلافات نشبت بين مصر وإسرائيل بسبب مسيرة المستوطنين، وأن الاتصال الأخيرة الذي جرى بين الطرفين كان محملاً بالكثير من الاتهامات والتحذير من نتائج تلك المسيرة، وأن القاهرة أبلغت “تل أبيب”، بأن “ما قبل المسيرة ليس كما بعدها”.

وأوضحت أن حرص القاهرة من خلال الضغط على إسرائيل كان بسبب الرسائل التي تلقتها من فصائل المقاومة الفلسطينية بأنها ستتحرك فورًا وسترد على هذه “الخطوة الاستفزازية”، وأن مصر لا يمكنها أن تعمل شيء في هذه اللحظة.

وليلة أمس حسم بينيت قراره بخصوص خط سير مسيرة الأعلام التي يجريها المستوطنون في البلدة القديمة من القدس المحتلة في ذكرى احتلال المدينة.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن بينيت اجتمع أمس مع وزير الأمن الداخلي “عومير بار ليف” ومفتش عام الشرطة “كوبي شفتاي” واطلع على معلومات استخباراتية حول المسيرة المتوقعة وتداعياتها، وفي النهاية أقر خط سيرها كما جاء في المخطط الأساسي من باب العامود مروراً بالحي الإسلامي وحتى حائط البراق.

السيناريو الأخطر

في حين تقرر أن يصدر ضابط كبير فقط الأمر بإنزال الأعلام الفلسطينية أو الإسرائيلية في البلدة القديمة من القدس والامتناع قدر الإمكان عن أي أفعال استفزازية خلال المسيرة.

بينما نقل عن مسؤولين كبار حضروا جلسات تقييم للأوضاع المرتبطة بالمسيرة قولهم إنه لا توجد إنذارات معينة حول أعمال شغب أو عمليات أو حتى إطلاق صواريخ من جانب حماس إلا أن الأمور قد تنقلب بين عشية وضحاها.

ونقل عن تلك المصادر قولها إن ” حماس حذرت في بياناتها من اقتحام الأقصى ولم تذكر المسيرة على وجه التحديد حيث نقل الاحتلال رسائل للمجتمع الدولي بأن المسيرة لن تدخل باحات الأقصى ولن تمس بحرية العبادة في المكان”.

ويخطط المستوطنون لتنظيم مسيرتهم التي سيتخللها اقتحام المسجد الأقصى المبارك الأحد من الساعة 07:00 وحتى 11:00، ومن الساعة 13:30 حتى 14:30 ظهرا، بمشاركة حاخامات وأعضاء كنيست ورؤساء مجالس وشخصيات عديدة.

وفي بيان صحفي شديد اللهجة أكدت حركة “حماس”، أن مسيرة الأعلام المزمعة يوم غدٍ الأحد عدوان يقتضي حراكًا فلسطينيًا شاملًا، يبدأ من تكثيف الاعتكاف والرباط في باحات الأقصى لحمايته، مشددةً أن ذلك واجب كل قادر على الوصول إليه، مشيرة إلى أهمية أن يمتد ذلك إلى كل بقعة تدنسها تلك المسيرة.

وقالت : “يجب على أبطالنا وفرساننا تكثيف الاشتباك مع جنود الاحتلال ومستوطنيه على امتداد خط سيرهم، لترتفع أعلامنا وتسقط أعلامهم، ويعلو تكبيرنا وتخفت هتافاتهم العنصرية”، ودعّت أهلنا في سائر مدننا وبلداتنا في الداخل المحتل والضفة الغربية لتصعيد وتيرة اشتباكهم بشكل غير مسبوق، ليكون يوم غدٍ وما بعده جحيمًا على المحتل في كل مكان، لاستنزافه وتشتيته وإرباكه.

وأضافت أن “واجب أبطال شعبنا وجماهيره العظيمة في كل بقعة على أرض فلسطين أن يبتكروا من أدوات المقاومة الشعبية والمسلحة ما يُكبد الاحتلال أثمانًا باهظة، ويكتب عليه الهزيمة الساحقة، ويُغير مسار الصراع عبر انصهار كل فصائلنا ومكوناتنا وأطيافنا في مشروع حماية القدس وتحريرها”.

هبة فلسطينية

هذا ويستعد الفلسطينيون في الداخل المحتل للنفير صوب مدينة القدس والمسجد الأقصى؛ للرباط وحماية المدينة المحتلة ومسجدها المبارك من عبث المستوطنين.

ودعت حركتا كفاح وأبناء البلد الجماهير الفلسطينية في الداخل المحتل لشد الرحال للقدس والمسجد الأقصى غدًا؛ للتصدي لما تسمى مسيرة الأعلام، وأهابت الحركتان بأهالي الداخل النفير للدفاع عن مقدساتنا من عبث المستوطنين، مؤكدة ضرورة الوجود في القدس منذ ساعات الصباح الباكر قبل إغلاق الاحتلال الطرق والشوارع، ودعت المواطنين الذين لن يستطيعوا الوصول للقدس، لتنظيم تظاهرات جماهيرية داخل المدن والقرى المحتلة.

من جهتها حذرت اللجنة الشعبية في مدينة اللد المحتلة من نتائج المسيرة الاستفزازية التي ينوي المستوطنون تنفيذها في المدينة، وأكدت أن أهالي اللد سيقفون بالمرصاد في وجه كل من يهدد الوجود الفلسطيني، أو يسعى إلى الاعتداء على المواطنين ومقدساتهم وممتلكاتهم.

كما شددت اللجنة الشعبية على أنها لن تسمح بمظاهر العربدة والزعرنة اليهودية مهما كلف ذلك من ثمن.

وكانت حركات وقيادات وطنية، دعت إلى شد الرحال للمسجد الأقصى المبارك باكرا ورفع العلم الفلسطيني في كل ربوع القدس وصولا إلى ساحة باب العامود، في اليوم الذي يعتزم المستوطنون فيه تنظيم مسيرة الأعلام الاستيطانية.

وحث الحراك الشبابي الشعبي في القدس، أهل القدس إلى عدِّ الأحد 29 مايو الجاري يوم العلم الفلسطيني، وإلى رفعه بكل شكل ممكن في سماء المدينة على كل بيت وشارع ومنشأة.

كما دعا إلى الوصول بالعلم إلى ساحة باب العامود لكل قادر على الوصول إليها، في مواجهة مسيرة الأعلام التي يسعى الاحتلال إلى فرضها وتمريرها عبر باب العامود.

وخاطب الحراك الشبابي الاحتلال الإسرائيلي بالقول: إن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء بعد هبة رمضان وهبة الكرامة وسيف القدس في العام الماضي، وبعد الصمود الأسطوري للمرابطين وأبناء القدس في أقصاهم.

وأهاب “بأهلنا من كل فلسطين المحتلة، وبالذات أهلنا وعزوتنا في الداخل المحتل شدَّ الرحال إلى المسجد الأقصى منذ فجر الأحد لنقف صفًّا واحداً في وجه الاقتحام الصهيوني كما وقفنا معاً في 28 رمضان الماضي”.

التحدِ الأكبر لبينيت

من جانبها قالت صحيفة إسرائيلية؛ إن “مسيرة الأعلام” التي سيجري تنظيمها في مدينة القدس المحتلة، هي تحد غير سهل لرئيس الحكومة الإسرائيلي نفتالي بينيت.

وأكدت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية في مقال نشر الجمعة للكاتبة سيما كدمون، أن “مسيرة الأعلام هي بمنزلة امتحان للحكومة والائتلاف ولرئيس الحكومة، فالحديث يدور عن أكبر التحديات التي يواجهها بينيت منذ تشكيل الحكومة، بسبب الأخطار السياسية المرتبطة بهذه المسيرة”.

وقالت: “يبدو أن الحديث يدور عن امتحان شخصي يمكن مقارنته بين سلوك رئيس الحكومة الحالي وسلوك رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، ويمكن قياس النتائج بشكل فوري، فالفوارق واضحة؛ عندما تردد نتنياهو وتراجع بسبب تهديدات حماس، حصلنا على صواريخ على المستوطنات بالقدس وتل أبيب، لكن بينيت قرر تبني استراتيجية معاكسة؛ فبدلا من السياسة الضبابية والصاخبة والتراجع، قرر تبني سياسة مدروسة وهادئة، وأوضح أن المسيرة ستجرى في مسارها العادي، ومنذ ذلك الحين، تم إجراء تقديرات على جميع المستويات، السياسية والمهنية، وتوصيات الجميع كانت أنه رغم تهديد حماس، وحزب الله، ستجري المسيرة حسب مسارها التقليدي”.

ونبهت الصحيفة إلى أن “الأمر بالنسبة لبينيت لا يدور عن موضوع سياسي، بل عن موضوع سيادي، فما فعلناه في الـ30 سنة لن نتوقف عن فعله في السنة الـ 31، ورغم ذلك، تسمع انتقادات حول المخاطرة المترتبة على هذا الأمر، ولا يسمع مديح أو تشجيع إلا من قبل النائب سموتريتش، وهذا لا يدعو إلى الغرابة، لقد شاهدنا في الأسابيع الأخيرة ائتلافا على شفا التفكك”.

وأوضحت أن “بينيت في هذا الأسبوع امتص الكثير من الضربات؛ استقالة صديقه وأمين أسراره، طل غان تسفي، ويمكن لنا أن نتخيل ما شعر به في الأيام التي سبقت استقالته واستقالة مستشارته السياسية شمريت مئير، ولكن المقربين منه يقولون بأنه قد قام بإزاحة صخرة كبيرة عن صدره، علما بأن الأجواء المسممة داخل مكتب رئيس الحكومة تصاعدت بدرجة غير محتملة، وهذا ما يعرفه لابيد أيضا، كما أن الحديث عن نهاية الائتلاف تجعلها كذلك”.

وبينت الصحيفة، أنه “في حال اعتقد الجميع بأن الحكومة تتفكك، سيحاول الكثير الظهور بمظهر أبطال اليمين أو اليسار الذين قاموا بتفكيكها، عضو الكنيست نير أورباخ (رئيس لجنة مجلس النواب من حزب “يمينا”) هو المشتبه به الفوري، لكنه ليس الوحيد، وهذه النظرية تغضب لابيد، وإذا كانت هذه هي الحقائق، فكل ما يوجد هنا هو عبارة عن حملة اخترعتها المعارضة، ويجب التعامل معها على هذا الشكل”.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى