إسرائيل تُعيد طرح فكرة الوطن البديل “فلسطين بالأردن” عشية “صفقة القرن” وتؤكِّد أنّ هذا المُخطّط سيقود لحربٍ أهليّةٍ بالمملكة الهاشميّة وشارون أوّل من طرح الخطّة بأوائل السبعينيات
ما زالت قضية الوطن البديل للفلسطينيين، أيْ إقامة الدولة الفلسطينيّة في المملكة الهاشميّة، تعيش في عقول وأذهان وقلوب شرائح واسعة من المجتمع اليهوديّ في الدولة العبريّة، وكان النائب السابِق بالكنيست، البروفيسور أرييه إلداد قد طالب بإجراء استطلاعٍ في الأردن، لمعرفة رأي الشعب الأردنيّ حول مخطط الوطن البديل، طبقًا لأقواله.
كما أنّ الداد قال في مقابلةٍ صحافيّةٍ أجرتها معه صحيفة “هآرتس” العبريّة إنّ عدد أعضاء اللوبي البرلمانيّ في الكنيست الإسرائيليّ الذي يدعم فكرة السيطرة الكلية على فلسطين التاريخية، وجعل الأردن دولة فلسطين، ارتفع في الآونة الأخيرة، وهو يضُمّ نوابًا من كافة كتل الائتلاف الحاكم، واليمين المعارض، على حدّ تعبيره.
وتابع إلداد قائلاً للصحيفة العبريّة إنّه ليس صاحب هذه الفكرة، بل ظهرت في سنوات السبعين الأولى من قبل ارييل شارون ويغئال ألون، في حين أنّ هذا هو البرنامج التاريخيّ لحزب (حيروت) اليمينيّ المُتطرّف الذي على أساسه أقيم حزب الليكود الحالي في العام 1974، كذلك فإنّ نشيد حركة (بيتار) الصهيونيّة، الذي يردده أعضاء الليكود، الذي يقوده اليوم رئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو، يقول لإسرائيل ضفتان واحدة في الشرق والأخرى في الغرب، والقصد هنا ضفتا نهر الأردن.
جديرٌ بالذكر أنّ البروفيسور إلداد أكّد في المقابلة عينها عزمه إجراء استطلاعٍ في الأردن، لمعرفة ما هي نسبة تأييد الشعب في الأردن لهذه الفكرة. أمّا الدكتور أساف دافيد، الباحث الإسرائيلي في معهد (ترومان) في الجامعة العبرية والخبير في شؤون الشرق الأوسط فإنّه يعتقد بأنّه حتى ولو لم تتِّم الإطاحة بالعاهل الأردنيّ الملك عبد الله الثاني فإنّه سيفقد الدعم الجماهيريّ، وفقًا لأقواله.
وحسب الخبير، الذي نشر دراسته على الموقع الالكترونيّ للمعهد، فإنّ الاضطرابات في الأردن بدأت حتى قبل الاحتجاجات في دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أنّ ذلك يعود إلى السياسة الاقتصاديّة التي ينتهجها الملك عبد الله، وهو ما فسرته الكثير من العشائر المحليّة على أنّه تعزيزًا لمكانة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ القرارات مثل بيع قوات الأمن الأردنيّة أصول تعود ملكيتها للدولة لمستثمرين أجانب، والى اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، حيث أوضح البروفيسور دافيد بأنّ هذا القرار يقوض من سيطرة العشائر المحليّة على القطاع العّام، فضلاً على أنّه يتعارض مع التقاليد الأردنيّة، ويُعزز سيطرة اللاجئين الفلسطينيين على القطاع الخّاص، كما قال.
وتابع المُستشرِق الإسرائيليّ قائلاً إنّ نظام الحكم في الأردن يُحاوِل الالتفاف على ذلك والظهور على أنّه ليس له علاقة بالموضوع، مُشيرًا إلى أنّ سياسيين إسرائيليين يقومون بالترويج لفكرة الأردن كوطنٍ بديلٍ للفلسطينيين وأنّ هذه الدعوات تتزايد من أجل تنفيذ هذه الفكرة حتى بين أعضاء حزب الليكود الحاكم.
وكشف المُستشرِق الإسرائيليّ النقاب عن أنّ لجنة الخارجيّة والأمن في الكنيست كانت قد أرجأت مناقشة موضوع تحت عنوان الأردن هي فلسطين، وأرجعت التأجيل بسبب حساسية المسألة، وتمّ طرح هذا الاقتراح بمبادرة من النائب ألداد، الذي قال في تصريحات صحافيّة إن مناقشة هذه القضية أصبح أكثر إلحاحًا من أيّ وقتٍ مضى، وبالمقابل، شدّدّ المُستشرِق يرفض الملك عبد الله الثاني هذه الصيغة منذ فترةٍ طويلةٍ قائلاً: إنّ ما يُسّمى بـ”الوطن البديل” موجود فقط في عقول الضعفاء، وردّ النائب السابِق إلداد على هذا التصريح قائلاً: الملك عبد الله الثاني يعلم جيدًا أنّه لا يوجد أيّ مبرر آخر.
وخلُص المُستشرِق الإسرائيليّ إلى القول إنّه يعتقد أنّ فكرة الوطن البديل في الأردن سوف تؤدّي لحربٍ أهليّةٍ في الأردن، ولكنّه لفت إلى أنّه يعتقد بأنّ الأردن سيكون في نهاية المطاف غيرُ قادرٍ على تجاهل مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، ويجب أنْ يتحمل هذا البلد العربيّ بعض المسؤولية كجزءٍ من أيّ اتفاقٍ بين الإسرائيليين والفلسطينيين، على حد تعبيره.
إلى ذلك، زعم كاتبٌ إسرائيليٌّ أنّ الحلّ المستقبليّ للقضية الفلسطينيّة يكمن في إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ في الأردن، في ظلّ التطلعات الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة نحو الحدود الشرقيّة مع المملكة الهاشميّة، ووجود صلاتٍ عائليّةٍ تسكن هناك منذ عشرات السنين، وسوف تحظى هذه الدولة الواعدة بدعمٍ إقليميٍّ ودوليٍّ كبيرٍ وسخيٍّ، وسيتّم إقامة مدنٍ جديدةٍ، على حدّ تعبيره.
وأضاف مردخاي نيسان، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في الجامعة العبرية بالقدس، أنّه عندما تُقام الدولة الفلسطينيّة في الأردن يستطيع الفلسطينيون حلّ قضيتهم، ووضع حدٍّ لمعاناتهم، ويتوقفون عن استخدام العمليات المسلحة ضدّ إسرائيل، لأنّه منذ العام 1988 بات بإمكان فلسطينيي الضفة الغربية الحصول على جوازات سفرٍ أردنيّةٍ مؤقتةٍ، الأمر الذي ساهم كثيرًا في ازدياد وتعاظم الجالية الفلسطينيّة في الضفّة الشرقيّة، وأصبح لها وجودٌ فعليٌّ ونفوذٌ متزايد، كما قال.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية