إسرائيل تُقّر بأنّ الدفاعات الجويّة السوريّة أسقطت مُعظم الصواريخ وتؤكّد أنّ الصاروخ باتجاه “أراضيها” هو رسالةً حادّةً كالموس من دمشق بأنّ قواعِد اللعبة تغيّرت

 

على الرغم من أنّ كيان الاحتلال نفذّ غارتين ضدّ سوريّة خلال أقّل من 24 ساعة، إلّا أنّه كان لافِتًا للغاية أنّها لم تُعلِن مسؤوليتها عن العمليتين، وفي هذا السياق، كشفت مصادر أمنيّة رفيعة المُستوى في تل أبيب النقاب عن أنّ الصاروخ السوريّ، الذي تمّ إطلاقه باتجاه الأراضي الإسرائيليّة، والذي زعمت دولة الاحتلال أنّه تمّ اعتراضه من قبل منظومة (القُبّة الحديديّة)، كان من طراز أرض-أرض وليس أرض-جو، الأمر الذي يؤكّد بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل، بأنّ الخطوة السوريّة كانت مدروسةً للغاية، وتمّ اتخاذ القرار على أعلى المُستويات في دمشق، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ سوريّة أرادت من وراء هذا الصاروخ توجيه رسالةٍ حادّةٍ كالموس لإسرائيل مفادها أنّ قواعد اللعبة القديمة قد انتهت، وأنّ دمشق على استعدادٍ للمُواجهة، وتابعت المصادر نفسها قائلةً، بحسب مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، تابعت قائلةً إنّ الصاروخ السوريّ كان ردًّا على الهجوم الإسرائيليّ، الذي تمّ تنفيذه أمس الأحد في ساعات الصباح، الأمر الذي يُحتّم على كيان الاحتلال الردّ على ما أسمته التحدّي السوريّ، على حدّ تعبيرها.

مُضافًا إلى ذلك، شدّدّت وسائل الإعلام العبريّة على أنّ الرقابة العسكريّة في تل أبيب تقوم بتقييد حريّة الصحافة في إسرائيل، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّه خلافًا للقصف قبل الأخير، تفاخر وتباهى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالعدوان على سوريّة، وأكّد في خطوةٍ غيرُ مسبوقةٍ على أنّ سلاح الجوّ الإسرائيليّ هو الذي قام بتنفيذ الهجوم، ولكن بمُوازاة ذلك، أضاف المُحلّلون في الإعلام العبريّ، تغيّر سلوك نتنياهو بشكلٍ كبيرٍ أمس بعد الهجوم الإسرائيليّ، حيث كان في زيارةٍ رسميّةٍ وتاريخيّةٍ إلى تشاد، واكتفى بالتصريح بصورةٍ ضبابيّةٍ عن الهجوم، دون أنْ يُعلِن، لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، عن تحمّل بلاده المسؤولية عن الهجوم، الأمر الذي دفع العديد من المُحللّين إلى التساؤل: هل يستخدِم رئيس الوزراء الرقابة العسكريّة لتحقيق مآربٍ سياسيّةٍ داخليّةٍ، خصوصًا وأنّ الانتخابات العامّة في دولة الاحتلال ستجري في التاسع من شهر نيسان (أبريل) القادم.

ولاحَظَ المُعلّقون أنّ نتنياهو اختبأ وتخفّى وراء الضبابيّة بشكلٍ يُثير الكثير من علامات الاستفهام والسؤال على حدٍّ سواء، واكتفى بالقول للصحافيين الإسرائيليين، الذين يُرافقونه في جولته إلى تشاد، إنّ لإسرائيل توجد سياسة ثابتة، والقاضية بتوجيه الضربات في سوريّة لمنع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران من التمركز في سوريّة، وأنْ تضرب كلّ مَنْ يُحاوِل المسّ بها، على حدّ تعبيره، مًشدّدًا في الوقت عينه على أنّ هذه السياسة لا تتغيّر، سواء كنتُ في البلاد أمْ في خارجها، كما نقلت عنه وسائل الإعلام العبريّة.

عُلاوةً على ذلك، أشار المُحلّل هارئيل في (هآرتس) إلى أنّ سياسة الضبابيّة التي انتهجها نتنياهو بعد أسبوعٍ من إعلانه العلنيّ تحمّل مسؤولية إسرائيل العدوان على سوريّة، فقدت تأثيرها على الأجندة السياسيّة، سواءً في الدولة العبريّة، أوْ في سوريّة ومنطقة الشرق الأوسط برمّتها، مُضيفًا أنّه من السخرية أنْ تلجأ وسائل الإعلام العبريّة إلى الإعلام الأجنبيّ للاعتماد عليه في نشر التقارير عن الهجوم الإسرائيليّ، وذلك لأنّ الجهات ذات الصلة قرّرّت تفعيل الرقابة العسكريّة، على حدّ قوله. كما لفت المُحلّل في سياق تحليله إلى أنّ هذه اللعبة بات لا تُقنِع أحدًا، ولا تنطلي على أحدٍ، خصوصًا وأنّ سوريّة أعلنت وبشكلٍ رسميٍّ عن العدوان وعن الردّ السوريّ عليه، لافتًا إلى أنّ الصاروخ، الذي تزعم إسرائيل إسقاطه، أُطلِق عندما كان ألآلاف من المُستجمين الإسرائيليين يتواجدون في جبل الشيخ وشمال الدولة العبريّة، وهو الأم الذي يُثير أيضًا علامات سؤالٍ كثيرةٍ حول توقيت العملية الإسرائيليّة، أيْ في وضح النهار، علمًا أنّ جميع العمليات الأخرى، تابع المُحلّل، تمّ تنفيذها في ساعات الليل المتأخرة، أوْ قبل بزوغ الفجر، على حدّ قوله.

بالإضافة إلى ذلك، شدّدّت المصادر الأمنيّة في تل أبيب على أنّ قواعد اللعبة الجديدة، بعد استقرار نظام الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، لم تُحدّد حتى اللحظة بشكلٍ نهائيٍّ، وأنّ إسرائيل تُحاوِل في الوقت الراهن المناورة على خيطٍ رفيعٍ لتوجيه ضرباتٍ لكلٍّ من إيران وحزب الله في سوريّة، دون أنْ تضطر لمُواجهةٍ عسكريّةٍ شاملةٍ مع سوريّة، لافتةً إلى أنّ هذه المُشكلة ستُواصِل أخذ الحيّز الكبير خلال الأشهر القادِمة من أجندة القائد العّام الجديد لجيش الاحتلال، أفيف كوخافي، على حدّ قولها.

وعلى الرغم من كلّ ذلك، أجمع المُراقبون والمُحللّون على حقيقةٍ واحدةٍ، تحمل في طيّاته الكثير من الأبعاد الإستراتيجيّة فيما يتعلّق بالمُستقبل: الصاروخ، الذي تمّ إطلاقه من الأراضي السوريّة باتجاه إسرائيل كان من الوزن الثقيل جدًا، الأمر الذي يؤكّد على أنّ النظام الحاكِم في دمشق هو الذي اتخذ القرار بإطلاقه، وأنّ الحديث لا يدور عن خطأ، إنمّا عن قرارٍ سوريٍّ رسميٍّ وعلنيٍّ بأنّ قواعِد الاشتباك قد تغيّرت، وهو ما أشار إليه المُحلّل العسكريّ في شركة الأخبار الإسرائيليّة، ألون بن دافيد، الذي أكّد أنّه يتقبّل جزئيًا الرواية السوريّة الرسميّة بأنّ منظومات الدفاع المُتطورّة أسقطت الصواريخ الإسرائيليّة، التي تمّ إطلاقها باتجاه مطار دمشق الدوليّ، يوم أمس الأحد، على حدّ قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى