إسرائيل تُقِّر بأنّ الخيار العسكريّ ضدّ إيران هو البديل الأخير
مع تقدّم المباحثات بين واشنطن وطهران من أجل الدخول في مفاوضاتٍ لإبرام اتفاقٍ نوويٍّ جديدٍ على شاكلة الاتفاق الذي تمّ التوقيع عليه في العام 2015 يرتفع منسوب القلق في كيان الاحتلال من هذه الإمكانية، وبالإضافة إلى تصريحات عددٍ من السياسيين الإسرائيليين ضدّ الاتفاق، فإنّ صُنّاع القرار في تل أبيب حوّلوا القضية إلى قضية رأي عامٍ باعتبار إيران تهديدًا وجوديًا إستراتيجيًا على دولة الاحتلال، وأطلقوا العنان لوسائل الإعلام بالتعبير عن الرفض الإسرائيليّ للاتفاق.
وفي هذا السياق أدلى الجنرال عاموس يادلين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، بدلوه وقال في مقال نشره على موقع القناة 12 بالتلفزيون العبريّ، إنّ “هناك ثلاث توصيات موجهة للسياسة الإسرائيلية في ظل الواقع الجديد أمام إيران، التي تتفهم أن الولايات المتحدة تعد “خطة ب”، وتخشى أنْ يتم استخدام مجموعة أوسع من العقوبات ضدها إذا اقتنعت القوى أنه من الخطأ إعادة الاتفاق، ويخشى الإيرانيون من صدور قرار ضدهم في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
وأضاف يادلين الرئيس السابق لمعهد أبحاث الأمن القومي، أنّ “العودة للاتفاقية الآن دون تعديلها تعتبر لإسرائيل أخطر بكثير أكثر مما كانت عليه في 2015، وإذا استمر الإيرانيون بتطوير برنامجهم النووي، فستجد إسرائيل نفسها في موقف إشكالي يجب أن تفكر فيه في اتخاذ إجراء نشط، بينما لا تزال القوى، بقيادة الولايات المتحدة، تتفاوض مع إيران”.
وقال إنه في هذه الحالة، يمكن في هذا السيناريو الإسرائيلي أنْ تطلب القوى العظمى من إيران تجميد التقدم في البرنامج النووي مقابل رفع جزئي للعقوبات، ومن الناحية العملية، فإن إيران تشتري الوقت لتحسين الاستعداد الإسرائيلي لأي سيناريو محتمل، وهو ما يسمى “سيناريو الأزمة” المتمثل بعدم العودة للاتفاق، وهذا هو السيناريو الأكثر تحديًا على المدى القصير، ويضع معضلات صعبة ومصيرية على طاولة صناع القرار في إسرائيل وواشنطن.
وتابع: “مع العلم أن الموقف الرسمي في إسرائيل يعبر عن عدم رضاه عن عدم العودة للاتفاقية الإشكالية من 2015، ولكن إذا استمرت إيران في سياستها الحالية نتيجة لذلك، فقد تواجه إسرائيل والولايات المتحدة معضلة، وتبدأ في توفير الإجابات عن تساؤلات: متى وكيف يمكن إيقاف المزيد من التقدم الإيراني، أو حتى كسر جهود الحصول على القنبلة النووية”.
وتتداول الأوساط الإسرائيلية ثلاثة أبعاد للرد على إيران: أولها التنسيق مع الولايات المتحدة، حيث تتشاركان بالهدف نفسه، لكنهما تختلفان على الإستراتيجية المراد تحقيقها، وثانيها التركيز على الاستخبارات والعمليات كعنصر أساسي لوقف التقدم الإيراني، وبعد التركيز على الحصول على المواد الانشطارية كطريق حاسم في طريق القنبلة يقترب من نهايته الفعلية؛ وثالثها تعزيز البدائل العسكرية وتحديثها كرافعة للدبلوماسية، باعتبارها ملاذًا أخيرًا، إذا فشلت الجهود السياسية.
وبجانب هذه السيناريوهات الإسرائيلية المتوقعة إزاء إيران، تسعى إسرائيل لانتهاج جملة من السياسات لتحقيق الهدف المتمثل بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، تتركز في تكثيف الاستخبارات، وتقييم الوضع، وتعريفات مشتركة لمفاهيم العتبة النووية، مع أن لديها رؤية أكثر صرامة من الولايات المتحدة لأسباب مفهومة، ولذلك قد يكون الاتفاق الأفضل، إذا تم تطبيقه، هو الأقل سوءًا لوقف إيران على المدى الطويل.
وجب التذكير بأنّ واشنطن وتل أبيب على خلافٍ في قضية انتهاج الخيار العسكريّ ضدّ إيران، ففي الوقت الذي تدفع فيه إسرائيل أمريكا إلى التشدّد في موقفها وتبنّي الخيار العسكريّ، تعمل واشنطن على منع إسرائيل من شنّ حربٍ على إيران، علمًا أنّ إسرائيل تُهدّد بضرب البرنامج النوويّ الإيرانيّ منذ أكثر من عقديْن من الزمن.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية