إسرائيل: مطالبات باستراتيجية قتالية تتجاوز «حزب الله»!
لا تتوقع إسرائيل في العام الجديد حرباً على نطاق واسع بمبادرة من أحد، لا في الشمال ولا في الجنوب، بسبب انشغال «أعدائها» العرب في مشاكلهم الداخلية. ولكن هذا التوقع لا يمنع وقوع عمليات كبيرة قرب الحدود، خصوصاً الشمالية، وتحديداً مع «حزب الله»، يمكن أن تغيّر الوضع، وتدهور المنطقة إلى حرب ليست في الوارد حالياً. وإذا ما وقعت مثل هذه الحرب، فإنها ستكون «طويلة وأليمة»، ما استدعى من رئيس شعبة العمليات الأسبق الجنرال غيورا آيلاند التحذير من استراتيجية حصر القتال بـ «حزب الله»، والمطالبة بتوسيعها لتشمل كل لبنان.
وبحسب تقديرات عسكرية نُشرت في إسرائيل، فإن «احتمالات نشوب حرب مبادرٍ بها من أي جهة متدنية، سواء بسبب الهزة التي يعيشها الشرق الأوسط وتشغل أعداء إسرائيل، أو بسبب الردع الإسرائيلي». ومع ذلك، ترى هذه التقديرات تزايد احتمالات وقوع أحداث خطيرة على الحدود تقود إلى تصعيد، وربما إلى حرب، وتعتبر مثل هذه الاحتمالات متوسطة جراء تنامي حساسية الوضع على الحدود وتكــاثر أنواع الأسلحة قربها. وتشير التقديرات الإسرائيلية، خصــوصاً إلى الجبهتين اللبنانية والفلسطينــية، بوصفهــما الأكــثر احتمالاً لانفجار الوضع.
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت قد اعتبر في خطاب ألقاه أمام مركز أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أن «حزب الله» بات التهديد المركزي الذي يواجهه الجيش الإسرائيلي. وبحسب تقديرات الجيش، فإن حرباً مع «حزب الله» ستشمل، إضافةً إلى إطلاق الصواريخ، وقوع أسرى وتوجيه ضربات لسفن سلاح البحرية الإسرائيلي. ويقول ضباط في الجيش الإسرائيلي إن «الحرب المقبلة ستكون مختلفة عن الحروب التي رأيناها في العقدين أو الثلاثة عقود الماضية. فالمواجهة ستكون أكثر تعقيداً. وحزب الله أحال معظم 200 قرية شيعية في جنوب لبنان إلى معاقل كبيرة. وهو يستثمر أكثر في دقة الصواريخ وكبر رؤوسها الحربية، كما يتجه أكثر نحو القتال تحت الأرض ونقل الحرب إلى أراضينا. فحزب الله كان يحفر الأنفاق قبل حماس، والنفق الحربي الذي يمكن حفره في قرية لبنانية يمكن حفره أيضاً على الحدود. مع ذلك، لدينا الخبرة والقدرة على ضرب حزب الله. هذه القرى ستتضرر وستقود إلى لاجئين كثر».
وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإنه «رغم انغماس حزب الله في المواجهات في سوريا والعراق والخسائر التي تكبدها، فإن الجيش يلحظ أن بنية القوة لديه معدة ووجهتها جنوباً، نحو إسرائيل. وسلّم أولويات قواته هو الانتشار في مواجهة إسرائيل قبل إرسالها للحرب في سوريا».
وأشار يوسي ميلمان في «معاريف» إلى أن «الوضع المعقد الذي تواجهه إسرائيل حالياً يتمثل في احتمالات الحرب، ليس مع جيوش تابعة لدول، بل مع منظمات». وفي نظره، فإن هذا يخلق «تحدياً استخبارياً هو من أشد التحديات تعقيداً في تاريخ إسرائيل». ويوضح ميلمان أنه «رغم تحسن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في العقد الأخير، ورغم عدم توفر الحماسة لدى حزب الله وحماس للصدام مع إسرائيل، فإن مواجهة كهذه يمكن أن تقع نتيجة أخطاء على خلفية حدثٍ يخرج عن السيطرة ويتصاعد». ويبين ميلمان أن القلق في الجيش «لم يعد من كثرة الصواريخ، بل من دقتها وحجم رؤوسها الحربية».
ويشرح ميلمان عناصر قوة «حزب الله» وضعفه، قائلاً إن «لدى حزب الله قوة مقاتلة تتألف من سبعة آلاف مقاتل ومثلهم من المساندين، لكن الحزب عانى من ضائقة مالية جراء العقوبات التي كانت مفروضة على إيران». وكتب أن ميزانية الحزب «تقدر بنحو مليار دولار، يأتي ثلاثة أرباعها من إيران والربع الآخر بتمويل خاص. ورغم الأزمة المالية، يرصد الحزب الكثير من الأموال لبناء قدراته وقوته في مواجهة إسرائيل».
ورغم إشارة ميلمان إلى أن «حزب الله لا يريد الحرب مع إسرائيل حالياً»، لكن إذا نشبت الحرب، فستكون «قاسية جداً». وبحسب السيناريوهات العسكرية، فإن إسرائيل قد تخسر في الحرب مع «حزب الله» طائرات وطيارين، وسفناً، كما أن الصواريخ ستلحق أضراراً بالمدن والمناطق المأهولة، وقد يتم إغلاق مطار اللد ويقع جنودٌ أسرى في أيدي الحزب. ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله قد يستخدم أنفاقاً لنقل المعركة إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، وقد يحتل مستوطنات». وبحسب التقديرات، العسكرية، فإن الحرب «لن تكون قصيرة، وسيكون رد فعل إسرائيل قاسياً بما في ذلك تدمير قرى شيعية بكاملها». وفي مقابلة مع موقع «والا»، حمل رئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان سابقاً، الجنرال غيورا آيلاند، على استراتيجية الجيش الإسرائيلي في مواجهة «حزب الله» و «حماس». وقال إنه «من الواجب إدارة المواجهة المقبلة ضد لبنان وليس ضد حزب الله وحده». وفي نظره، فإنه من دون ذلك «نتائج حرب لبنان الثالثة، ستكون وخيمة أكثر». ويردد آيلاند منذ زمن فكرة أن «حزب الله» هو «جزء من المنظومة اللبنانية»، وأنه «منذ حرب لبنان الثانية، تعاظم ليس فقط بكمية ونوعية إعلامه، بل بمدى ودقة قوته وهذه هي المشكلة الحقيقية التي تواجهها إسرائيل. والخطأ الأكبر لإسرائيل بشأن حزب الله هي الاستراتيجية الخاطئة».
ويقول آيلاند إن «حرباً معلنة بين إسرائيل ولبنان، لأن حزب الله جزء من البنية السياسية في الدولة، ستقود إلى دمار كبير في لبنان، وهذا أمر لا أحد يريده. لا لبنان، ولا الولايات المتحدة ولا أوروبا، ولا حتى سوريا وإيران. لذلك فإن السبيل الأصوب هو دفع العالم لفرض وقف نار بعد ثلاثة أيام. ينبغي أن تغدو هذه هي السياسة اليوم».
صحيفة السفير اللبنانية