إسرائيل وهوس المقاومة: (الجهاد) يزداد قوّة بشمال الضفة كلها لخلق توازن رعبٍ مع الاحتلال..
ما زالت الخلافات مُستعّرة داخل المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة حول كيفية التعامل مع (وحش الإرهاب) الفلسطينيّ في شمال الضفّة الغربيّة المُحتلّة، إذْ أنّ جهات أمنيّة تُطالِب بإعادة احتلال الضفّة الغربيّة لوقف تنامي قوّة (الجهاد الإسلاميّ) وحركة (حماس)، فيما يرفض وزير الأمن بيني غانتس هذا التوجّه، ويعتقِد أنّ سياسة (جزّ العشب) كافيّةً في الوقت الراهن لمحاربة التنظيميْن المُسيطريْن على شمال الضفّة، الجهاد وحماس، زاعمًا أنّ هذه السياسة أثبتت نفسها في الأشهر الأخيرة.
وفي خضّم هذه التطورّات، كشف المستشرق الإسرائيليّ يوني بن مناحيم النقاب عن أنّه “بتقدير جهات استخباراتية في الجيش و(الشاباك)، وقبيل زيارة بايدن إلى المنطقة منتصف هذا الشهر، وبسبب فترة الانتخابات في إسرائيل، سيبدأ تصعيد أمني في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.
وطبقًا للمصادر التي اعتمد عليها المُستشرِق بن مناحيم، وهو ضابط مخابرات سابق، “يبدو أنّ (الجهاد الإسلامي)، وخصوصًا الجناح الذي يطلق على نفسه اسم “كتائب جنين”، يزداد قوة في شمال الضفة، وتتمدد عملياته من مدينة جنين إلى مدينة نابلس التي تُعتبر عاصمة حركة “فتح” في الضفة”، كما قال.
ولفت المستشرق إلى أنّ (كتائب جنين) كانت أعلنت مسؤوليتها عن عملية إطلاق النار في قبر يوسف الأسبوع الماضي، والتي أدت إلى جرح 3 إسرائيليين.
عُلاوةً على ما جاء أعلاه، ونقلاً عن المصادر الأمنيّة الرفيعة بالمنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة، فإنّ “قوة الجيش الإسرائيلي التي تحركت في منطقة جنين في 29 حزيران (يونيو) اصطدمت بمطلوبين اثنين وقتلت أحدهما، وهو الناشط في الجهاد الإسلامي محمد مرعي، وبذلك يصل عدد القتلى الفلسطينيين نتيجة عمليات الجيش الإسرائيلي في منطقة جنين منذ بداية العام إلى 27 شخصًا، مُشيرًا إلى أنّه منذ موجة العمليات التي ضربت مدنًا مركزية في إسرائيل، كثّف الجيش عمليات “قص العشب” في شمال الضفة ضد الشبكات التي وصفها بالإرهابية، وفي المقابل، أغلق الجيش الفجوات في جدار الفصل التي تسلل منها مسلحون للقيام بعمليات داخل الأراضي الإسرائيلية، وشدد عمليات الحراسة، وكثّف دورياته على طول الحدود”، على حدّ تعبيره.
بالإضافة لذلك، أوضح المستشرق بن مناحيم في مقالٍ نشره على موقع (مركز الأورشليميّ للشؤون العامة والسياسة)، ونقلته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، أوضح أنّه “على الرغم من توصيات ضباط رفيعي المستوى في الجيش ورئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين بشنّ عملية عسكرية واسعة مثل عملية “حارس الأسوار” ضد شمال الضفة لتنظيفها من الشبكات “الإرهابية”، فإنّ المستوى السياسي فضّل الأخذ بتوصية وزير الأمن بني غانتس والامتناع من القيام بعملية واسعة، وزيادة وتيرة العمليات الصغيرة والدقيقة للبحث عن مطلوبين وسلاح”، على ما نقله عن المصادر.
بن مناحيم، كشف أيضًا النقاب عن أنّ “الإدارة الأمريكيّة طلبت مؤخرًا من إسرائيل الامتناع من التصعيد في المناطق الفلسطينيّة المُحتلّة، قبل زيارة الرئيس بايدن إلى إسرائيل وإلى السلطة الفلسطينية، لذا، خفف الجيش الإسرائيلي من عملياته، وهو يبادر إلى شنّ عمليات في شمال الضفة فقط، بالاستناد إلى معلومات استخباراتية دقيقة”، كما نقل عن نفس المصادر.
و”السؤال المطروح”، برأيه: “ماذا سيحدث على الأرض بعد زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط في 13-14 تموز (يوليو)؟ وهل سياسة الجيش الإسرائيلي هذه ستستمر؟
وحاول المستشرِق الردّ على السؤال، اعتمادًا على مصادره فقال “تشير الدلائل إلى أن هذه السياسة ستستمر لعدة أسباب: موجة الهجمات في المدن المركزية في إسرائيل تلاشت ولم يعد هناك أي ضغط من الجمهور الإسرائيلي على الحكومة لاقتلاع “الإرهاب” في شمال الضفة. وتدّعي أطراف في الجيش تؤيد سياسة وزير الدفاع بني غانتس أنّه لا توجد حاليًا شبكة “إرهابية” ومعامل متفجرات للتحضير لعمليات انتحارية في شمال الضفة، كما كان موجودًا خلال الانتفاضة الثانية؛ لذلك، لا توجد حاجة لشنّ عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة”.
وتابع قائلاً إنّه “في هذه الأثناء، خسرت السلطة الفلسطينية على الأرض كل سيطرة لها على شمال الضفة، والتنظيمات المسلحة تزداد يومًا بعد يوم مع مئات المسلحين المزودين بآلاف قطع السلاح. ومن أهم التنظيمات في المنطقة حركة الجهاد الإسلامي التي أقامت (سرايا جنين)”.
وأضاف نقلاً عن المصادر عينها: “الجهاد الإسلامي في قطاع غزة وحركة “حماس” كرّسا معادلة جديدة “جنين – غزة”، وهما يهددان بإطلاق الصواريخ على إسرائيل في كل مرة يقتل الجيش الإسرائيلي فلسطينيًا في منطقة جنين، أو في حال احتل الجيش الإسرائيلي، بشكل مؤقت، مخيم اللاجئين في جنين”.
وأشار إلى أنّه “في رأي الجهاد الإسلامي، فإنّ ردع الجيش الإسرائيلي تآكل، وأن “كتائب جنين” بدأت توسع نشاطها إلى مدينتي نابلس وطولكرم، ويسعى التنظيم لخلق معادلة جديدة من توازُن ردع بين الجيش الإسرائيلي وبين مسلحي “كتائب جنين”، من أجل تقليص عمليات الجيش الإسرائيلي في المنطقة”.
وخلُص المستشرق إلى القول إنّه “حان الوقت كي يغيّر الجيش الإسرائيلي سياسته فور انتهاء زيارة بايدن إلى المنطقة، وأنْ يشنّ عملية عسكرية واسعة ضد الشبكات “الإرهابية” في شمال الضفة، وآن الأوان كي نقضي بصورة قاطعة على “وحش الإرهاب” الذي ينمو ويكبر يومًا بعد يوم”، كما قال.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية