كتب

إسماعيل كاداريه يتتبّع مسار الدم في ‘نيسان المكسور’

بدأ الروائي والشاعر والمسرحي الألباني إسماعيل كاداريه الكتابة منتصف الخمسينيات ونشر بعض القصص القصيرة في الستينيّات إلى أن نشر روايته الأولى” جنرال الجيش الميت” عام 1963، التي منحته الشهرة خارج ألبانيا. وقد أصبح إسماعيل عضواً مدى الحياة في أكاديمية العلوم السياسيّة والأخلاقيّة الفرنسيّة، وفاز بجائزة مان بوكر الأدبية عام 2005 وجائزة أمير أستورياس عام2009، كما حصل على جائزة مونديال تشينو ديل دوكا عام 1992؛ وجائزة “هيردر” في عام 1998.كما رشّح أكثر من مرّة لجائزة نوبل للآداب، وترجمت أعماله إلى أكثر من ثلاثين لغة.

ويُعتبر كاداريه واحدًا من أعظم الكتاب والمفكرين الأوروبيين في القرن العشرين، وصوتًا عالميًا ضد الاستبداد. نُشرت الأعمال الكاملة لكاداريه باستثناء المقالات من قبل الناشر فيارد، في وقت واحد بالفرنسية والألبانية، بين عامي 1993 و2004. وحُذف من القائمة الشعر والقصص القصيرة. وتُنشر أعماله باللغة الألبانية حصريًا من قبل دار أونوفري للنشر منذ عام 1996، كأعمال فردية أو مجموعات كاملة. ثم نُشرت أعماله الكاملة في عام 2009 في 20 مجلدًا.

من روايات كادرايه المترجمة إلى العربية “الحصار”، “من أعاد دورونتين”، “الجسر”، “الوحش”، و”قصر الأحلام”. وله أعمال أخرى لم تُترجم بعد، منها رواية “نيسان المكسور” التي نُشرت بالألبانية في عام 1980، ثم نُشرت بالإنجليزية عام 1982.

وهذه الرواية “نيسان المكسور” التي ترجمها للعربية رياض حمادي كتبها كاداريه بلغته الأم، الألبانية، وتُرجمت إلى لغات عديدة منها الإنكليزية التي تُرجمت إليها بعنوان “Broken April”، وعن هذه الترجمة نقلت الرواية إلى العربية، وهي بحسب وفقا للمترجم أول ترجمة عربية.

“نيسان المكسور” رواية إنسانية قبل أن تكون ألبانية؛ ذلك أنها تتناول قضية تُهم العالم بدرجات متفاوتة وعلى وجه الخصوص البلدان العربية. حيث يتطرق كاداريه لموضوع الثأر، وهو لا يعالجه بأسلوب تقليدي يقوم على الحبكة وتشويق أحداث الحكاية فحسب، ولكن الأهم هو تشريحه لموضوع الثأر بأسلوب نفسي، فيغوص في نفوس أبطاله ليكشف ما يعتمل فيها من مشاعر وأفكار.

وقد أشار المترجم رياض حمادي إلى أن الرد في الرواية يقودنا إلى ثلاث رحلات: رحلة نفسية داخل ذوات أبطاله الرئيسيين: جيورج بيريشي وبيسيان فوربسي وزوجته ديانا ومارك أوكاسيرا، ورحلة عبر الجغرافيا التي تنعكس طبيعتها القاسية على طبائع الناس وسلوكياتهم. ثم رحلة تاريخية يفند فيها تاريخ الثأر الذي سال في سبيله الكثير من الدماء وكيف تحول إلى أسلوب حياة ومصدر لجلب الأموال وفق نظام معقد كُتب حوله الكثير.

وأضاف أن كاداريه يتتبع مسار الدم، فيتصاعد السرد في خطوطه الثلاثة ليصل إلى مصدره: قلعة أوروش، حيث يتوقف ليجرد بالأرقام عمليات القتل ودور القلعة فيها وضريبة الدم في إذكاء نار الانتقام. لقد تحوَّل الثأر من كونه عادة اجتماعية بغيضة إلى تجارة وأسلوب حياة تديرها السلطات الرسمية. وإلى جانب هذه الرحلات ثمة قصة حب لم تكتمل بسبب الظروف التي وضع فيها كاداريه بطليها.

وتنتهي الرواية عند النقطة التي بدأت بها من خلال تقنية سرد دائرية تتسق مع دائرة الثأر التي تتعاقب منذ أجيال. يكمن جيورج لخصمه في بداية الفصل الأول من الرواية لكننا نكتشف في نهاية الفصل الأخير أن جيورج وخصمه كيان واحد ونفسٌ واحدة. ومن خلال هذا الدمج يقول لنا كاداريه إن الثأر يستنزف الجميع دمًا ولحمًا وتاريخًا وأرضًا. جيورج وهو يختار الخروج للبحث عن ديانا كان يعرف حجم المخاطرة التي هو مُقدم عليها، كان يضحي بحياته في سبيل نظرة أخيرة للمرأة التي أحبها من أول نظرة. ثمة شيء يمكن للمرء أن يعيش أو يموت من أجله ذلك الشيء هو الحب.

يذكر أن الرواية إلى فيلم درامي ألباني عام 1984 بعنوان “غير المدعوين”، من إخراج الألباني كوجيم تشاشكو. وتدور أحداثه في عام 1939 وتستند بشكل أساسي إلى أحداث الرواية وأضاف المخرج البُعد السياسي والثوري كخلفية للقصة الرئيسية. الرواية نفسها استلهمها المخرج البرازيلي والتر ساليس عام 2001، وحوَّلها إلى فيلم درامي بعنوان “وراء الشمس”. لكنه تصرَّف في القصة الأساسية بشكل كبير فغيَّر في أسماء الشخصيات ومكان الأحداث واستعان فقط بجزء يسير من أحداث الرواية الأصلية. يعود ساليس بالزمن إلى عام 1910 وحين يأتي دور تونهو في الثأر لمقتل أخيه يتملص من هذه المهمة وبعد أن يتعرف على كلارا التي تعمل في سرك متجول يقعان في الحب وينتهي الفيلم نهاية سعيدة باختيار تونهو طريقًا آخر غير طريق الدم.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى