إشهار ومناقشة كتاب “قراءات في المسيرة الاقتصادية الوطنية” للدكتور إبراهيم بدران
أكد د. محمد أبو حمور، الأمين العام بالوكالة لمنتدى الفكر العربي، أهمية البحث في الجوانب والتداعيات الاجتماعية والتأثيرات السياسية على الشأن الاقتصادي، مشيراً إلى أن كتاب “قراءات في المسيرة الاقتصادية الوطنية”، الذي استضاف المنتدى حفل إشهاره في اللقاء الرابع لنادي الكتاب، مساء الاثنين 23/3/2015، يشتمل على قراءات وتحليلات ووجهات نظر تنطوي على هذا البُعد المهم من التداخل المعرفي. وقال: إن هذا اللقاء يأتي في سياق خطة برامجية جديدة للمنتدى تتضمن محاور متنوعة، من بينها محور الاقتصاد والريادة والإبداع، وستشهد الفترة القادمة إطلاق المزيد من الأنشطة النوعية التي يجري التحضير لها حالياً بالتعاون مع منظمات وهيئات محلية وعربية ودولية، مع الاهتمام بالمنجز الاقتصادي الريادي والإبداعي الأردني.
وكانت المهندسة د. غيداء أبو رمان، الباحثة والأستاذة في جامعة الإسراء، التي أدارت النقاش، قد وصفت كتاب د. إبراهيم بدران بأنه يمثل إسهاماً علمياً وإضافة فكرية بما يقدمه من قراءة للحالة الاقتصادية الأردنية على مدى أعوام عدة وعرضاً للتداخلات الاقتصادية العالمية، في وقت يحتاج فيه الوطن العربي إلى التكامل الاقتصادي وإسهامات المفكرين والخبراء والمبدعين في الوصول إلى هذا التكامل، وأن الأردن الذي يتمتع باقتصاد قادر على التكيف مع الصدمات المحلية والخارجية وتحقيق النمو بمعدلات مستقرة وقابلة للديمومة، لا يزال يحقق أداءً معقولاً في العديد من مؤشراته المالية والقطاعية بما فيها النمو الاقتصادي، رغم تأثيرات متفاوتة لثلاث أزمات اقتصادية ومالية عالمية، وتدهور مؤشرات المتانة المالية في الأسواق العالمية الكبرى.
من جهته، أوضح مؤلف الكتاب د. إبراهيم بدران، مستشار رئيس جامعة فيلادلفيا للعلاقات الدولية والشؤون العلمية وعضو المنتدى، أن قراءة الحالة الاقتصادية الأردنية على مدى سنوات عدة، ومن مدخل الطبيعة الاجتماعية للنشاط الاقتصادي وتأثر الحالة الاقتصادية بالسياسة والإدارة والتكنولوجيا، عدا تأثرها بسرعة التغيير في العصر الحالي، يجعل من تتبع توجهات الاقتصاد والتعرف إلى السياسات والقرارات التي تؤثر فيه أمراً ضرورياً لتقييم الإنجاز.
وأضاف في حفل إشهار كتابه الجديد “قراءات في المسيرة الاقتصادية الوطنية” في منتدى الفكر العربي، مساء الاثنين 23/3/2015: إنَّ بلداً كالأردن كان يطمح منذ ربع قرن أو أكثر أن يحتذي النموذج السنغافوري أو السويسري ويتحوّل إلى دولة صناعية متقدمة، فإن تعرف أسباب وحيثيات الإخفاق في تحقيق هذا الهدف تحتل أهمية خاصة إذا أردنا بناء المستقبل بطريقة مختلفة، وفي إطار الانشغال بالبحث في قضية تقدم الأمم والدول، وما الذي يجعل دولة تتقدم على غيرها، وأمم ودول أخرى بعكس ذلك، أو تتراجع أحياناً.
وأشار د. إبراهيم بدران إلى أن هدفه من تأليف هذا الكتاب، الذي ضمنه أرقاماً ومقارنات حول المسيرة الاقتصادية في الأردن، هو محاولة الإجابة عن سؤال: هل تتحرك البوصلة الاقتصادية، ومن حيث طبيعتها الاجتماعية، في الاتجاه الصحيح؟ مركزاً في هذا السياق على أن الدروس الرئيسية التي ينبغي على الدول والمجتمعات النامية أن تعيها تتمثل في أن دور الدولة يجب أن يكون بارزاً وقيادياً ومصاناً دوماً، فتمارسه من خلال الرقابة الواعية، والتوجيه العلمي الحكيم، ووضع الضوابط، وإعطاء الضمانات. وأن الاقتصاد هو ظاهرة مجتمعية ولا يمكن إغفال دور المجتمع أو التهاون في مصالحه، أو جرّه إلى مواقع لا تخدم استقراره وأمنه المعاشي، وأن التوازن بين الإنتاج والاستهلاك والادخار والاستثمار، هو حجر الزاوية في النمو الاقتصادي، فضلاً عن أن انصراف الأفراد لبناء ثرواتهم بعيداً عن المشاريع الإنتاجية وأن يكونوا أحراراً في توجهاتهم، من شأنه أن يُضعف الاقتصاد الوطني ويهدد الثروات الفردية والمؤسسية، وعلى الدولة إقامة التوازن المطلوب. ودعا د. بدران إلى إنشاء مركز أبحاث متخصص يكون مرصداً اقتصادياً وعلمياً وطنياً قوياً، يقدم الأفكار الجديدة، والآراء المبدعة، للمحافظة على الإنجازات الوطنية والدفع باتجاه تطويرها.
وقدم الباحث والمحلل الاقتصادي أ. حسام عايش تعقيباً على ما طرحه كتاب “قراءات في المسيرة الاقتصادية الوطنية”، مشيراً إلى أن هذا الكتاب يؤرخ للفكر الاقتصادي الأردني على مدار أكثر من عقد من الزمان، ويغوص في أعماق الثقافة التي حكمت وما تزال منطلق وآلية التفكير الاقتصادي المتوارثة – وإن كانت هنالك استثناءات – والتي أدت وتؤدي برغم كل ما تحقق حتى الآن إلى إبطاء وتيرة النمو الاقتصادي، وبالتالي الاجتماعي، وإلى انتهاج طريق ظاهره الإصلاح، وباطنه اكتساب ثقافات اقتصادية فرعية جميلة الشكل من الخارج بفعل التأثر بما سمّي موجات النيوليبرالية الاقتصادية التي استخدمت في الخصخصة ولإدخال مناهج تفكير هي في الحقيقة نتاج مجتمعات رأسمالية، فيما يتم استخدامها دون انتظار للتفاعل معها أو إدراك مضامينها ومعانيها في الاقتصاد كما في السياسة على قاعدة التقبُّل الاجتماعي لها، مما أوجد حالة من الفصام الاقتصادي الاجتماعي، وتحميل الناس مسؤولية الأعباء التي يتحملها الاقتصاد وحتى نتائج الأخطاء في القرارات الاقتصادية.
وأضاف أن قراءة هذا الكتاب تسمح بتعرف الكثير مما كان له تأثيره من أفكار وآليات عمل ومناهج تفكير في الوصول إلى عصر المديونية وتبعاتها. كما يتضمن الكتاب بعض المؤشرات المهمة والضرورية لفهم الواقع وفق البيانات الإحصائية الرسمية للعام 2012. ولعل أكثر ما يلفت فيها أن أقل من خُمس سكان الأردن هم في الريف، وأن نسبة المواطنين الذين يعيشون في المدن تبلغ أكثر من 4 من كل 5، فيما تبلغ نسبة الأميّة 6.7%؛ أي أن هنالك ما يقارب 450 ألف مواطن أمّي، وأن ربع الطلبة يدرسون في المدارس الخاصة، ما يعني أن الحكومة تتحمَّل تكاليف تعليم ثلاثة أرباع الطلاب فقط.
وقال أ. حسام عايش إن كل انتعاش اقتصادي لا ينعكس مباشرةً على أغلبية الناس من خلال فرص العمل والتوسع في الإنتاجية وتحسيناً لمستوى المعيشة يظل مجرد انتعاش عابر.
شارك في النقاش خبراء اقتصاديون وشخصيات أكاديمية ودبلوماسية وإعلامية حول مختلف القضايا التي تناولها مؤلف الكتاب والمعقب عليه.