تحليلات سياسيةسلايد

إعادة انتشار تركية في إدلب أنقرة – دمشق: مسار التطبيع لا يتحفّز

يتابع مسار الانفتاح السوري – التركي، المدفوع من روسيا وإيران، تباطؤه على وقع إصرار دمشق على وضع أسس لهذا الانفتاح، يكون خروج الجيش التركي من الأراضي السورية نتيجة مؤكَّدة لها، مقابل محاولة حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان استثمار الوقت في البحث عن حلّ وسطي يحقّق لها أقصى فائدة ممكنة من هذه العملية. ويأتي ذلك في وقت تُواصل فيه السعودية سعيها لتحويل القمّة العربية التي تستضيفها في التاسع عشر من شهر أيار المقبل إلى «تاريخية»، عبر دعوة سوريا إليها، وهو ما بات راجحاً جدّاً

بعد اجتماع على مستوى نواب وزراء خارجية «الرباعية» في موسكو، أظهرت خلاله دمشق صرامة في موقفها من الانفتاح على أنقرة، والذي ربطته بخطوات يجب على الأخيرة أن تتّخذها بشكل ينهي الوجود العسكري التركي غير الشرعي في الشمال والشمال الغربي من البلاد، تأجَّل لقاءٌ كانت تسعى تركيا إلى عقده على مستوى وزراء الخارجية، يهدف هو الآخر إلى التحضير لقمّة تَجمع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بنظيره السوري، بشار الأسد. اللقاء الذي أعلنت مصادر روسية وتركية إرجاءه إلى مطلع الشهر المقبل، خرج وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، للتعقيب على تأجيله، بالقول خلال لقاء تلفزيوني إن الانفتاح على دمشق «تحوَّل إلى ضرورة بعد تعثّر الحلّ السياسي طيلة السنوات الماضية»، مشيراً إلى أن «الهدف من اللقاء هو إحياء العملية السياسية، ومكافحة الإرهاب، وضمان سيادة ووحدة الأراضي السورية، وعودة اللاجئين السوريين في تركيا إلى سوريا بأمان». واعتبر تشاووش أوغلو، الذي سعت بلاده منذ بداية العام الحالي إلى تسريع وتيرة التطبيع مع سوريا للتخلّص من عبء الملفّ السوري، أنه «لن تكون لدينا أيّ ميزة في الانتخابات إذا التقينا بالنظام أو الأسد أو وزرائه قبل الانتخابات أو بعدها، وربّما يكون لذلك جانب سلبي»، مضيفاً أن حكومته «لا تهتمّ بحسابات الانتخابات هنا، لم تؤدِّ هذه الطريقة أو أيّ طريقة أخرى إلى حلّ الأزمة التي استمرّت لأكثر من 11 عاماً، ويحتاج البلد (سوريا) إلى سلام دائم لإعادة بنائه»، وفق تعبيره.

وبالتزامن مع تأجيل اللقاء الرباعي على مستوى وزراء الخارجية، أجرى الجيش التركي المتمركز في عشرات النقاط في إدلب، تغييرات ميدانية خلال الأيام الماضية، إذ أفادت مصادر ميدانية، «الأخبار»، بأن الجيش التركي استقدم تعزيزات جديدة عبر الحدود، وأعاد الانتشار في بعض النقاط في منطقة جبل الزاوية، التي تمثّل الجيب الذي تسيطر عليه «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) على طريق حلب – اللاذقية المغلَق، في وقت سعت فيه مجموعة تابعة لـ«الهيئة» لشنّ هجوم على مواقع للجيش السوري غربي حلب، في محاولة هي الثالثة من نوعها منذ بداية شهر رمضان، تصدّى لها الجيش السوري.

وبالتوازي مع فتور مسار التطبيع السوري – التركي، تستعدّ السعودية لاستضافة القمّة العربية المقرَّرة في الرياض الشهر المقبل، وسط حالة تقارب متزايدة مع دمشق، متّسقةٍ مع مبادرات مماثلة تقودها الإمارات وسلطنة عمان ومصر والجزائر. ويزيد ذلك من فرص السعودية في جعْل قمّتها «تاريخية» في حال دعت سوريا إليها، ولا سيما بعدما تمكّنت الولايات المتحدة من إفشال محاولات سابقة للجزائر في هذا الاتجاه، ليقتصر الحضور السوري في القمّة الأخيرة على لقاءات تشاورية على هامشها أجراها وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في الجزائر، من دون المشاركة فيها.

وفي هذا السياق، تستضيف السعودية لقاء تشاورياً على مستوى وزراء الخارجية للتحضير للقمّة، وسط ترجيحات بأن يتناول اللقاء إمكانية دعوة دمشق. وهي دعوة غير متعسّرة في الواقع، بالنظر إلى عدم وجود مبدأ واضح في ميثاق الجامعة العربية لحسم مِثل هذه الحالات، سواء عبر مبدأ الأغلبية أو الإجماع، إذ تَعتبر المادة السابعة من الميثاق الداخلي القمّة منعقدة في حال مشاركة ثلثَي الأعضاء، ما يعني أن الأمر منوط بحجم تأييد دعوة سوريا، والتي باتت محطّ شبه إجماع عربي، باستثناء قطر التي تتصدّر، في الوقت الحالي، المشهد المعارض للحكومة السورية. ويأتي الانكباب على تلك المسألة على رغم أن الأسد أعلن، خلال زيارته لموسكو الشهر الماضي، أن العلاقات الثنائية مع الدول العربية أكثر أهمّية بالنسبة إلى بلاده من المشاركة في القمّة، معتبراً أن «سوريا لا يجوز أن تعود الى الجامعة العربية وهي عنوان للانقسام (…) تعود فقط عندما تكون عنواناً للتوافق».

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى