
أنهت الحكومة السورية المؤقتة واحداً من أكثر الملفات التي كانت تشكّل عقدة لها في الجنوب السوري، من خلال دخول مدينة بصرى الشام، التي كانت المعقل الأساسي لـ«اللواء الثامن»، بقيادة أحمد العودة.
وخرج المتحدث باسم «اللواء الثامن»، أكرم الحوراني ليعلن «حل اللواء بشكل نهائي، وتسليم كامل مقدراته العسكرية والبشرية لوزارة الدفاع»، مضيفاً أن التنسيق المباشر لإنهاء العملية سيكون بقيادة القيادي محمد القادري، وأن الخطوة جاءت «حرصاً على الوحدة الوطنية وتعزيز الأمن والاستقرار».
ويأتي قرار حلّ اللواء بعد مقتل القيادي بلال المقداد (بلال الدروبي)، الملقّب بـ«أبو يزن»، على يد مجموعة من «اللواء الثامن»، في حادثة استغلتها دمشق لتصفية أهم الفصائل في درعا، التي رفضت الاندماج في هيلكية وزارة الدفاع، علماً أنه شارك في إسقاط نظام الرئيس السابق، بشار الأسد، من خلال قيادته لـ«غرفة عمليات الجنوب».
وفي هذا السياق، تفيد مصادر عشائرية، «الأخبار»، بأن «الحكومة السورية استثمرت المزاج الشعبي الغاضب في الريف الشرقي لمحافظة درعا عقب مقتل المقداد، لتفرض شروطاً قاسية على اللواء الثامن، تجاوزت طرح تقاسم السيطرة في بصرى الشام إلى المطالبة بحلّ اللواء وتسليم أسلحته بشكل كامل»، لافتة إلى أن «دمشق طرحت، عبر وساطة لجنة الإصلاح المكوّنة من وجهاء المحافظة، خيارين: إمّا تطويق المدينة ودخولها بالقوة عبر أرتال عسكرية تمركزت على أطراف بصرى الشام، أو الاستسلام وتسليم كامل مقارّه وأسلحته».
وبالفعل، وبعد حلّ «اللواء الثامن»، تسلّم «الأمن العام» التابع لوزارة الدفاع، كل المقارّ الأمنية والعسكرية، التابعة له، مع كامل عتاده العسكري، في بصرى الشام ومحيطها، ومنها صيدا، والسهوة، والجيزة.
وبحسب المعلومات، فإن عدداً من عناصر «اللواء الثامن»، «ممّن لم يثبت تورطهم في ارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، سيُمنحون خيار الاندماج في مؤسسات وزارة الدفاع أو الداخلية». كما كُشف عن وجود عدد من السجون، احتوت معتقلين مدنيين، بعضهم متهم بقضايا جنائية تمّ نقلهم إلى المراكز الأمنية الرسمية، فيما تمّ إطلاق سراح آحرين، بينهم نساء كنّ معتقلات في أحد المباني القريبة من القلعة.
من جهته، كشف مصدر من عائلة المقداد، لـ «الأخبار»، أن «تأجيل دفن أبو يزن جاء بهدف الضغط على الدولة لتسليم المتورطين في قتله، وعلى رأسهم أحمد الطعمة المعروف بالكاسر، وعبد الكريم الدوس الملقّب بالسفاح، وهما من أبرز قيادات الصف الأول في اللواء الثامن»، لافتاً أن أن «الأجهزة الأمنية تسلمت، حتى الآن، عنصرين فقط من المجموعة التي نفّذت عملية التصفية».
ويروي مصدر آخر من العائلة، أن «العودة لم يستطع تغطية انتهاكاته بحق المدنيين، على الرغم من لعبه دوراً محورياً في منع النظام من اقتحام مدن في ريف درعا الغربي، بحجة قتال بقايا تنظيم داعش كما حدث في مدينة جاسم، خلال صيف عام 2023»، لافتاً إلى أن قيادة العودة لـ«غرفة عملية الجنوب أيضاً، لم تعفِه من المسؤولية أمام السكان عن الكثير من الانتهاكات التي ارتكبها».
ويضيف أن «علاقة العودة بروسيا والإمارات كانت موضع خلاف أساسي مع الحكومة الحالية، وهو ما عجّل في إقصائه من المشهد، من خلال جذب قيادات أساسية في اللواء الثامن، من مثل الذراع اليمنى للعودة المعروف باسم علي باش، وهو ممّن التقوا بوزير الدفاع مرهف أبو قصرة من قيادات اللواء الثامن».
وفي السياق نفسه، يقول مصدر في «اللواء الثامن»، لـ«الأخبار، إن «دمشق مارست ضغوطاً متصاعدة في الشهور الأخيرة، وكان استقدام علي الدروبي إلى بصرى الشام، بعد التحاقه بوزارة الدفاع، رسالة واضحة بقرب إنهاء اللواء»، لافتاً إلى أن «بعض القيادات، وعلى رأسهم علي باش، حاولوا استمالة الدروبي لكنّ محاولاتهم فشلت، فتوجّهوا إلى موالاة الحكومة الجديدة. لكنّ الانقسام داخل القيادة، ومع الخروج المفاجئ لأحمد العودة من المشهد، أدّى إلى تفكك التنظيم والرضوخ لمعادلة الأمر الواقع».
صحيفة الأخبار اللبنانية