شرفات

إلى الوزراء القادمين ، إلى الوزراء الذاهبين : هل سنذكركم بالخير !

إلى الوزراء القادمين ، إلى الوزراء الذاهبين : هل سنذكركم بالخير !

اشتريت كتاباً من السوق قبل سنوات يتحدث عن أسماء الحكومات التي مرّت على سورية منذ الاستقلال، وهو كتابٌ مفيدٌ يمكن من خلاله أن نحفظ جزءاً من تاريخ بلدنا. ولكن الذي حصل أنني توقفت عند مسألة بديهية هي أن أحداً منهم لم يتمكن من البقاء وزيراً على طول الخط، وأن كثيرين منهم يتذكرهم الناس بغير طيبة خاطر، ووصلت إلى نتيجة تقول: لو أن الوزراء في الحكومات المتعاقبة، يقرؤون ملاحظات الناس على الأسماء السابقة لهم لتعلموا الكثير. 

لكن المصيبة ، أن الوزير، وهي صيغة تاريخية معرفة بأنه صاحب الحل والربط في الدولة، هذا الوزير، وما أن يؤدي القسم، حتى ينشغل بالاستقبالات وينسى أن الأمانة برقبته، ومن جميل الصدف أنني تعرفت على كثير من الوزراء السابقين ، وسمعت من بعضهم حجج فحواها أنه كان أفضل من الوزير الذي تلاه، إلى الدرجة التي حكى لي أحد الوزراء طرفة، أنه وما أن صدر قرار باستبداله، حتى رن جرس التلفون من الوزير الجديد يطلب السيارة .

هي أحاديث تحكى على كل حال، ولكن الضرورة القصوى تتطلب من كل وزير هذه الأيام أن يتذكر أن الناس ليسوا بخير، أنهكتهم الحرب والحصار والوباء، وأن طريقة عمله وجهوده ونظافة يده وعقله وقوة مبادراته تخفف من أعباء الناس، فعلى وزير النفط مثلاً أن يفكر بعذاب الناس في الحصول على المازوت والغاز والشتاء على الأبواب، وعلى وزير الكهرباء أن يفكر بحلول تنجد قطاعات واسعة من الشعب خربت المونة في براداتها، وكان يمكن لهذه المونة أن تخفف الضغط الاقتصادي على الناس، وعلى وزير الاقتصاد أن يبدع خطط اقتصادية مع وزراء آخرين لإنعاش الاقتصاد، وعلى الأقل أن يسأل مراكز توزيع الدخان لماذا تخفون الدخان الوطني وتبيعونه في السوق السوداء بثلاثة أضعاف ثمنه الحقيقي، وعلى وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن يسأل بائع المسبحة والفول لماذا رفعتم الأسعار إلى أضعاف ومن سمح لكم، وعليه أن يسأل كل من رفع الأسعار هل حافظت على الجودة أم تراجعت الجودة أيضاً ، وعلى وزير التربية  أن يجمع المعلمين ويسألهم لماذا يذهب الناس إلى المدارس الخاصة والدولة تتكلف المليارات من الدولارات على التعليم، وعلى وزير العدل أن يسأل القضاة والمحامين كم قضية تحسم كل يوم ، وهل رضيت ضمائركم في الأحكام التي أصدرتموها، وعلى وزير الزراعة أن يطمئن على جهود أغنى ثروة بقيت في سورية الآن وهي الزراعة، فماذا يحتاج الفلاح وكيف ينبغي أن نقف في وجه من يسرق جهوده، وعلى وزير الإعلام أن يسأل طواقم عمله عن السبب في هروب الناس إلى وسائل الإعلام الأخرى بدلا من اللجوء إلى إعلامهم الوطني.

التفاصيل كثيرة، وأهم هذه التفاصيل أن على الوزراء أن يعرفوا جيداً أنهم سيقالون فيما بعد، وأن أهم ثروة لديهم يجمعونها أثناء بقائهم في الوزارة هي ذاكرة الشعب، ورحم الله من أخلص لوطنه فأحبه الناس وذكروه بالخير !

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى