إلى متى تستمر هذه الغارات الإسرائيليّة على أهدافٍ سوريّةٍ وإيرانيّةٍ في العُمق السوريّ؟

 

بعد أيّام معدودة من احتفال بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيليّ في البيت الأبيض، بمُباركة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب رسميًّا بضَم دولة الاحتِلال لهضبة الجولان السوريّة، واعتِبارها أرضًا يهوديّةً، يشُن الطيران الإسرائيليّ عُدوانًا جديدًا على شِمال شرق مدينة حلب، استهدف مخازن ذخيرة تابعة للقُوّات الإيرانيّة، حسب بعض التّقارير الإخباريّة.

إسرائيل كاتس، نائب وزير الخارجيّة الإسرائيليّة، اعترف بوقوف حُكومته خلف هذا العُدوان، ووصف مُهمّة الطائرات الإسرائيليّة بأنّها كانت عمليّة مُعقّدة بالمُقارنة مع غارِاتها المُماثلة في قِطاع غزّة ما لم يقُله الوزير كاتس أنّ الغارات الإسرائيليّة على قِطاع غزّة تُواجه دائمًا بردٍّ انتقاميٍّ مُباشرٍ وسريعٍ يتمثّل في إطلاق صواريخ برؤوس مُتفجّرة تصِل إلى شِمال تل أبيب، وتُدمّر عمارات، وتُرسِل ثلاث ملايين إسرائيليّ إلى المَلاجئ، وتدفع نِتنياهو إلى الهرولة إلى القاهرة بحثًا عن اتّفاقٍ سريعٍ لوقف إطلاق النّار، بينما الإسرائيليّة على سورية لا تُواجه بأيّ رد.

.هذه الاعتداءات الإسرائيليّة المُتكرّرة التي تستهدف مخازن أسلحة، أو قواعد عسكريّة سوريّة أو إيرانيّة، تستلزِم ردًّا من البلدين ولا يكفِي التصدّي للصّواريخ وإسقاط بعضها، خاصّةً أنّها بدأت تُحدِث خسائر بشريّة، وتُغرِق مدينة حلب بظلامٍ دامِس.

نُدرِك جيّدًا أنّ مئتي غارة إسرائيليّة على أهدافٍ سوريّةٍ لم تُسقِط النظام السوري، ولم تُقلّل من عزيمة جيشه العربيّ ومعنويّاته، وتمنعه من مُواصلة انتصاراته واستعادة الأراضي لسيادة الدولة السوريّة، ولم تُخرِج أيضًا الإيرانيين، جُنودًا كانوا أو مُستشارين، بل زادت من أعدادهم وقوّتهم، مثلما نُدرك في الوقت نفسه أنّ القيادتين السياسيّة والعسكريّة لمحور المُقاومة لديها أولويّات ربّما تكون أكثر أهميّة، ولا تُريد الانجِرار إلى مُواجهة مع الإسرائيليين في الوقت الذي يُريدونه، ولكنّنا نُدرك أيضًا أنّ الكيل قد طفَح، ولا بُد من ردٍّ قويٍّ بالقدر نفسه يكون رادِعًا، خاصّةً أنه يملِك القُدرة على ذلك.

فإذا كان نِتنياهو يخشى من صواريخ المُقاومة في قِطاع غزّة، ويحسب لها ألف حِساب، ويكون ردّه العسكريّ عليها “مسرحيًّا”، أيّ بقصف أماكن خالية بصواريخ طائراته، فكيف سيكون الحال لو جاء الرّد من سورية أو من “حزب الله” في جنوب لبنان، بصواريخ أكثر تقدّمًا مُزوّدة برؤوس تدميريّة يصِل وزنها إلى أكثر من 500 كيلوغرام؟

لا نعرِف لماذا يلتزم القادة الروس الصّمت على هذه الغارات العُدوانيّة الإسرائيليّة الاستفزازيّة، وتُحرِّم على حُلفائها السوريين والإيرانيين الرّد بصواريخ “إس 300” أو “إس 400″، في إطار حق الدّفاع عن النّفس الذي تُشرّعه كُل القوانين الربّانيّة والوضعيّة؟

روسيا سمحت للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بنشر منظومات صواريخ “إس 300” في مُحيط العاصمة كاراكاس للتصدّي لأيّ تدخّل عسكريّ أمريكيّ، فلماذا لا تُعطي الحق نفسه للقيادة السوريّة؟ ولماذا تظل منظومات صواريخ “إس 300” التي أكمل الجيش السوري تدريباته على كيفيّة استخدامها وتشغيلها بإشراف مُستشارين روس مُجرّد هياكل للعرض وليس للرّد على هذه الاعتداءات التي باتت مُهينةً ومُذلّةً في الوقت نفسه؟

الأُمور خرجت عن دائرة الاحتمال، وبات الرّد حتميًّا لوقف هذه الاعتداءات الاستفزازيّة كُلِّيًّا، ولا بُد من أن يفهم الحُلفاء الروس أن هُناك انتقادات عديدة لمواقفهم هذه التي تُشجّع الإسرائيليين على المزيد منها، وتساويهم في هذه الحالة مع الأمريكيين المَكروهين في مُعظم دول المِنطقة.

باختصارٍ شديد نقول إنّ كيل الإهانات قد طفح، ولا بُد من ردٍّ من محور المُقاومة حتى يكون له من اسمه نصيب، ويُثبِت أنّه البديل الصّحيح لسِياسات التّطبيع والتّواطؤ والتّخاذل في دولٍ عربيّةٍ أُخرى.. ونأمل أن نسمع ما يُخرِس المُنتَقدين لهذا المحور، حُكّامًا كانوا أو شُعوبًا في القريب العاجِل.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى