إمام أوغلو يهدد عرش أردوغان
أفادت دراسة حديثة أعدها مركز ‘أوراسيا’ لأبحاث الرأي العام في تركيا مؤخرا، بأن عمدة اسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو سيهزم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهامش مريح في حال تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، فيما يكابد زعيم حزب العدالة والتنمية من أجل إنقاذ شعبيته المتآكلة بسبب سياساته الفاشلة في إدارة أزمات البلاد المتناثرة.
واكتسب إمام أوغلو (50 عاما) بعد فوزه بانتخابات اسطنبول العام الماضي مرتين متتاليتين، شعبية وطنية أصبحت تمثل تهديدا حقيقيا لبقاء أردوغان بالرئاسة، حيث بات إمام أوغلو النجم الصاعد على المسرح السياسي التركي في نظر المراقبين والمحللين والسياسيين والقادر على هزيمة أردوغان عاجلا أم آجلا.
ويأتي هذا في وقت يخطط فيه الحزب الحاكم وحلفائه القوميين لإرجاء انتخابات مبكرة ينادي بها معارضو أردوغان، إذ قال ثلاثة من المسؤولين في حزب الرئيس التركي الجمعة، إنه لا نية لإجراء انتخابات قبل موعدها المقرر عام 2023.
ويتوجس حزب أردوغان من إجراء انتخابات في الوقت الراهن في ظل تراجع شعبيته وفقا لكافة استطلاعات الرأي التي أشارت مؤخرا إلى تلاشي أصوات العدالة والتنمية وحلفائه.
إلى ذلك كشف استطلاع مركز ‘أوراسيا’ الذي تم إجراؤه خلال مايو/أيار بشأن احتمال تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، اندثار أصوات حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية وانتقالها لصالح أحزاب المعارضة، بينها الأحزاب الجديدة التي باتت تشكل منافسا قويا لحزب أردوغان، مهددة بقاءه على رأس الحكم في تركيا.
وعقب صدور نتائج الاستطلاعات وردت السبت تصريحات وزير العدل التركي السابق يشار أوكويان، كشفت أن 63 نائبا من حزب العدالة والتنمية يستعدون للانتقال إلى حزب ‘الديمقراطية والتقدّم’ الذي يترأسه المسؤول السابق عن تنسيق الشؤون الاقتصادية في الحكومة وأبرز حلفاء أردوغان السابقين ومنافسه الحالي علي باباجان.
وقال أوكيان نقلا عن مصادر “مهمة جدا”، إن “هؤلاء النواب يتعدون للاستقالة من حزب أردوغان والانضمام إلى حزب منافسه باباجان تحضيرا للانتخابات القادمة”.
وخلال استطلاع ‘أوراسيا’ الذي أجري في الفترة بين 20 و23 مايو/أيار بمشاركة 2460 شخصا، سئل المشاركون عن الحزب السياسي الذي سيصوتون له في حال عقد انتخابات برلمانية قريبا، اختار 34.49 بالمئة من المشاركين لحزب العدالة والتنمية الحاكم، فيما فضل أكثر من 51 بالمئة من المشاركين التصويت لصالح أحزاب المعارضة بما فيهم حزب الشعب الجمهوري بقيادة إمام أوغلو.
وسلطت نتائج الاستطلاع الضوء على عجز حزب العدالة والتنمية عن الانفراد بتشكيل الحكومة دون تحالف سياسي، خصوصا ما إذا تحالفت أحزاب المعارضة وهو ما يرجحه مراقبون استنادا لمتغيرات المعطيات السياسية والمستجدات الراهنة التي كشفت تراجع شعبية حزب أردوغان.
ويعيش حزب العدالة والتنمية مؤخرا أصعب أيامه، ما دفعه للتخطيط مع حلفائه، للقيام بإجراءات قانونية من شأنها أن تؤثر على طريقة خوض المجموعات السياسية للانتخابات، ويمكن أن تقف حجر عثرة أمام مشاركة أحزاب المعارضة الجديدة في أي انتخابات مبكرة.
وتأتي تحركات الحزب الحاكم بعد أن شكل أيضا أبرز حلفاء أردوغان السابقين وهو رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو فضلا عن باباجان، حزبا سياسيا خلال الأشهر الماضية لمنافسة حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وتشير تحليلات السياسيين إلى أن الحزبين الجديدين بقيادة باباجان وداوود أوغلو، سيمتصان حتما معظم الأصوات من قاعدة حزب العدالة والتنمية الذي يعيش منذ أشهر على وقع استقالات مدوية لأكبر أعضائه وعزوفا كبيرا لمناصريه.
ويسعى أردوغان في ظل تراجع الدعم للحزب الحاكم، لإنقاذ شعبيته المتآكلة عبر تحجيم أصوات المعارضة عن طريق قانون يقلص مشاركتهم بالانتخابات فضلا عن ممارسات القمع ضد كل من يشكلون خطرا على هيمنة حزبه في الانتخابات القادمة.
وتواصل الحكومة التركية التضييق على المعارض إمام أوغلو، وتقوم بمحاصرته بالتحقيقات من أجل إبقائه في دائرة مفرغة وإثنائه عن أداء مسؤولياته وواجباته لإفشاله في رئاسته للبلدية وتحطيم مستقبله السياسي.
وكان حزب إمام أوغلو المعارض قد أشار في وقت سابق إلى أنه سيقدم الدعم للأحزاب الجديدة، مما دفع ناجي بستانجي أحد كبار مسؤولي حزب العدالة والتنمية، للقول إن حزبه يعمل مع حلفائه في حزب الحركة القومية لمنع محاولات “تسويق” مشرعين بطريقة مخالفة للديمقراطية.
وقال مسؤول رفيع في بالحزب الجديد الذي يتزعمه باباجان، “من الواضح أن أي تشريع قانوني بخصوص الأحزاب السياسية، يتم طرحه لمنع الأحزاب الجديدة كحزبنا من دخول الانتخابات”.
من جانبه حذَّر زعيم المعارضين في تركيا ورئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيلجدار أوغلو من أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يقوم بأعمال استفزازية من أجل الإيقاع بالأحزاب المعارضة، قائلًا “ستزيد وتستمر هجماتهم علينا ولكن لن نقع في هذه الفخاخ”.
وأوضح كيليجدار أوغلو أن موقف العدالة والتنمية تجاه حزبنا ما هو إلا فخ للإيقاع بالحزب، مؤكدًا أن أردوغان ونظامه سيرحلون في أول انتخابات قادمة.
وتأتي مخططات حزب العدالة والتنمية التركي المنافية للعملية الديمقراطية، في ظل تقلص مناصريه وتراجع حظوظه السياسية في البلاد خصوصا بعد فشله المتكرر في إدارة الأزمات لاسيما أزمة فيروس كورونا التي فاقمت المشاكل الاقتصادية المتراكمة نتيجة السياسات الخاطئة التي تنتهجها الحكومة التركية.
وقبل أيام سلط استطلاع رأي حول شعبية الأحزاب السياسية في تركيا الضوء عن تراجع شعبية حزب العدالة والتنيمة 10 بالمئة، حيث بات نحو 25 بالمئة من المصوتين له غير مؤيدين له ولسياسة زعمائه، وفق ما أفادت به صحيفة زمان التركية نقلا عن مؤسسة ‘MAK’ للدراسات المجتمعية واستطلاعات الرأي.
ميدل إيست أونلاين