إٍسرائيل في معطيات التحليل السياسي العربي !

دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

في غرف العمليات العسكرية، يضع القادة العسكريون أمامهم خرائط مجسمة لقراءة تفاصيل المعارك وخطط التعاطي معها، وتشكيل وجهة نظر واضحة قريبة من الواقع ليتم اتخاذ القرار المناسب واللازم لها.

ويفترض بغرف العمليات السياسية أن تحذو هذا الحذو، أي : أن ترى المشهد برمته، دون التغاضي عن التفاصيل والمعطيات الموجودة في المشهد لأن لكل شيء أهميته مهما كان صغيرا.

والغريب أن نصف التحليل السياسي العربي لا يرى ذلك بوضوح، فهو مصاب بحالة استلاب أمام الموقف الآخر المنحاز له، بل هناك في بعض الحالات تماه معه، وهو هنا يبتعد عن كونه تحليلا، ففي التحليل ينبغي التحديق جيدا بالمعطيات، والبحث عن معطيات خفية يمكن أن تفتح المجال لرؤية أوضح تتعلق بالحالة العامة وتداعياتها !

هناك من يقول : إن كل سياسة عربية معلقة بعرقوبها، وهذا أخطر ما في المسألة، فقرع جرس الخطر ضروري جدا، ويفترض التدقيق جيدا بالمشهد العام للمنطقة، الذي بدأ يرتسم في العقد الأخير، واحتمالاته كي تتضح الرؤية ويستكمل التحليل معناه ويُبنى الموقف الصحيح على أساسه !

المسألة هنا تتعلق بإسرائيل، فهي تدخل على مرمى الحدث العربي في كل لحظة بطريقة التسلسل، ثم تنسحب بالطريقة نفسها، فلا تبدو بالنسبة لبعض العرب على مجسم التحليل العسكري بوضوح، ولايراها المحللون السياسيون إلا من بوابة المواقف المتماهية مع رؤية الآخر !

وعلى الأٌقل ينبغي الاستفادة مما يفعله الآخرون الذين هم معها، أو التي هي معهم، فأميركا نفسها تراقب إسرائيل وسلوك إسرائيل معها وتتجسس عليها وتقرأ كل آليات التحالف معها وتأييدها دون أن تهمل مراقبتها والتعاطي مع ما يجري داخلها ككيان قائم بذاته، وكذلك تفعل إسرائيل بأميركا، وقد كشفت أميركا أكثر من حالة تجسس إسرائيلية عليها!

ما الذي يجري عربيا؟

هل أخذ التحليل السياسي العربي الذي تبنى السياسات العربية على أساسه إسرائيل في حسبانه؟ أي هل يمكن أن نغفل آليات التفكير الإسرائيلية تجاهنا، وماهي خططها للاستفادة مما يحصل من حولها في المنطقة العربية؟ وهل نحن آمنون فعلا منها ، وأن يمكن أن تكون صديقة وحليفة وجارة حتى لو سامحناها بما فعلته بالشعب الفلسطيني؟!

إن أخطر مايحصل في المنطقة العربية الآن هو شكل التعاطي مع إسرائيل، والاطمئنان إليها وربما التفكير بطي صفحة الصراع معها على أساس أنها تغيرت وأنها أحق منا بالوجود ككيان حضاري وهذا ينطبق على التطبيع معها والاتجاهات الذي غرقت فيه بعض البنى السياسية العربية .

السؤال الضروري الآن : ماذا ستفعل إسرائيل في الحال العربي المستجد ؟ الحال العربي المفكك، والضعيف، الذي تعيش فيه كل بنية من بناه الوطنية بحالة استثنائية فتسيطر عليها الصراعات والتناقضات ، وترسم لها خرائط جديدة بلا ملامح، ونظم جديدة بلا هويات، وبؤر صراع جديدة متوالدة، وحروب اقليمية مفتوحة!

تلك هي الفكرة . ينبغي أن نضع كل المعطيات المتعلقة بإسرائيل على مجسمات غرف العمليات العربية والتحليل السياسي لكي تبدو الصورة أوضح مما يعتقده البعض!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى