
أنقرة طلبت تعديلات التوغل شمال سوريا من 5 كيلومترات إلى 30 كيلومترا
تناقش أنقرة ودمشق “توسيع نطاق” اتفاقية أضنة، التي وقعت بين الحكومتين التركية والسورية في أكتوبر/تشرين الأول 1998، وأسفرت عن خروج زعيم “حزب العمال الكردستاني” عبدالله أوجلان من سوريا، وانتهاء أزمة بين البلدين، كادت تؤدي إلى مواجهة عسكرية.
حسب معلومات خاصة، وتقرير من “بلومبيرغ”، تجري محادثات لتزويد الجانب السوري معدات عسكرية تشمل مدرعات ومسيرات وأنظمة دفاع جوي، مقابل رفع عمق الأراضي التي يحق للجيش التركي التوغل فيها شمال سوريا من 5 إلى 30 كيلومترا، لملاحقة عناصر “حزب العمال الكردستاني”، أي ذات عمق المنطقة الآمنة، التي تأسست بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، بموجب اتفاق أميركي تركي في نهاية 2019.
وراعت أنقرة عدم نشر معدات في العمق السوري، بعدما تعرضت محاولات سابقة لإقامة قواعد وسط سوريا، إلى قصف إسرائيلي. ويكتسب تجدد الحديث عن اتفاق أضنة و”توسيع نطاقه” أهمية كبيرة وسط تطورات مهمة، إذ تجري مفاوضات بين دمشق و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تضم “وحدات حماية الشعب” الكردية وتعتبرها أنقرة امتدادا لـ”حزب العمال الكردستاني”، للاندماج بالجيش السوري. كما أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، أبرمت اتفاقا مع أوجلان الموجود في السجن منذ بداية 1999، تضمن التخلي عن السلاح، واتباع الخيار السياسي.
ما اتفاقية أضنة؟ ما بنودها العلنية والسرية؟ وماذا يعني استئناف العمل بها وتوسيع نطاقها؟ ما قصة عبدالله أوجلان؟ وعلاقته مع سوريا؟
سوريا وتركيا… أوراق ضغط
مرت العلاقات بين الجارتين، سوريا وتركيا، في العقود الماضية بتقلبات كثيرة، وصلت إلى حافة الحرب، آخرها منتصف التسعينات. استخدمت أنقرة ملف مياه نهري الفرات ودجلة للضغط على دمشق. في المقابل، استضافت سوريا قيادة “حزب العمال الكردستاني” وزعيمه عبدالله أوجلان في بداية الثمانينات.
في عام 1998، حشدت تركيا جيشها على حدود سوريا ووجهت إنذاراً، وطلبت بوضوح إخراج أوجلان
كان أوجلان على صلة بالاستخبارات السورية، وقاتل عناصره مع فصائل فلسطينية خلال الوجود العسكري السوري في لبنان. ولم يستقبله أي مسؤول سياسي حتى عام 1992 حين التقاه نائب الرئيس الراحل عبدالحليم خدام للمرة الأولى، ثم اجتمع به مرات عدة لإقناعه بالوصول إلى حلول سياسية مع تركيا، ضمن وساطة دمشق مع حكومة نجم الدين أربكان. فشلت الوساطات بين أوجلان وأنقرة، واستمرت دمشق باستضافته، ورفض طلبات أنقرة بتسليمه أو طرده. وفي عام 1998، حشدت تركيا جيشها على حدود سوريا ووجهت إنذاراً، وطلبت بوضوح إخراج أوجلان.
تم التوقيع على اتفاقية في 20 أكتوبر 1998، وساهمت في تحسن العلاقات بين الجانبين، بل إن أنقرة لعبت دور الوسيط بين بشار الأسد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في 2008، بعد العزلة التي تعرض لها الأسد جراء اغتيال الحريري في 2005. كما جرى اعتقال كثيرين من “العمال الكردستاني” وسلم بعضهم للسلطات التركية.
ظلّت اتفاقية أضنة تتجدد بشكل دوري إلى حين اندلاع الثورة السورية، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 2012. وقد سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإحيائها مرات عدة اعتبارا من سنة 2017، مع إدخال تعديلات عليها كالسماح بدخول القوات التركية إلى عمق الأراضي السورية، لملاحقة الانفصاليين الأكراد بعمق 30-35 كيلومترا، ولكن الأسد رفض القبول بذلك، وبقي متمسكا بموقفه لغاية الإطاحة به سنة 2024. وبعد سقوط الأسد، تجرى مفاوضات بين سوريا وتركيا لتوقيع سلسلة من الاتفاقات العسكرية، بينها نسخة جديدة من اتفاقية أضنة.
لاشك ان تجدد الحديث عن اتفاق أضنة و”توسيع نطاقه” يكتسب أهمية بالتزامن مع مفاوضات بين دمشق و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تضم “وحدات حماية الشعب” الكردية وتعتبرها أنقرة امتدادا لـ”حزب العمال الكردستاني”، للاندماج بالجيش السوري بوساطة أميركية. كما أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، أبرمت اتفاقا مع أوجلان الموجود في السجن منذ بداية 1999، تضمن التخلي عن السلاح، واتباع الخيار السياسي.
يضاف الى ذلك تنامي ملامح المواجهة في سوريا، بين تركيا التي تعزز وجودها بالشمال وإسرائيل التي تعزز توغلاتها وتوسعاتها بالجنوب، في وقت تجري دمشق مفاوضات مع موسكو حول مصير القاعدتين العسكريتين في طرطوس واللاذقية غرب البلاد.
مجلة المجلة اللندنية



