اتفاق سعودي – هندي على «تعزيز الضغط» لمحاربة الإرهاب
أبدى ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، استعداد المملكة للتعاون مع الهند في مجال الاستخبارات لمحاربة الإرهاب كما تبدأ اليوم زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى الصين ثالث محطاته الآسيوية.
وقال الأمير محمد بن سلمان عقب محادثات مع رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي (الأربعاء)، في ثاني أيام زيارته للعاصمة نيودلهي، إن «الإرهاب والتطرف يشكلان مصدر قلق لكل من الهند والسعودية»، مضيفاً إن المملكة مستعدة للتعاون مع الهند، في المجال السياسي، إلى جانب الاستخباراتي. وزاد: «كل من بلدينا يجابه تحديات متشابهة أولها التطرف والإرهاب وأمن المحيط الهندي. نؤكد للهند أننا جاهزون للعمل سواء في المجال الاستخباراتي أو السياسي».
وأعلن ولي العهد أن المملكة تستهدف استثمارات في الهند تفوق 100 بليون دولار أميركي خلال العامين المقبلين وقال: «الهند علاقتها مع الجزيرة العربية، التي تمثل المملكة المساحة الأكبر منها، تمتد إلى آلاف السنين، حتى قبل أن يُكتب التاريخ»، مضيفاً: «هذه العلاقة متجذرة في عقولنا ودمائنا، واليوم نبني على علاقة قديمة جدا، ساهمت في بناء المملكة في الخمسين سنة الماضية، من خلال الأيدي العاملة والشركات والعقول الهندية». وتابع: «الفرص بين بلدينا اليوم كثيرة جدا، وهناك الكثير من المصالح التي تتقاطع، وأيضا كثير من التحديات التي نواجهها سويا. نريد التأكد أن الحكومتين السعودية والهندية تضعان كل الاستراتيجيات والخطط والإجراءات اللازمة لتحقيق هذه المصالح».
وأوضح ولي العهد أن البلدين حققتا «الكثير من النجاحات»، قائلاً إن «أهمها الاستثمار في مجال تكرير البترول والبتروكيماويات بحجم 44 بليون دولار أميركي. واتفقنا لتعميق التعاون مما يجعل الهند مركزا إقليميا مهما جدا لتوزيع النفط والمواد الناتجة منه». وأشار إلى أن مودي زار السعودية في 2016 «ونتج عن الزيارة في 2017 و2018 استثمارات في تكرير النفط والبتروكيمياويات». وتابع: «أيضا في العامين الماضيين، تم استثمار 10 بلايين دولار في مجال التقنية والشركات الصغيرة في الهند، وحققنا عوائد رائعة جدا تحفزنا لاستثمار المزيد في الأعوام المقبلة».
وأضاف: «نتوقع اليوم أن الفرص التي نستهدفها في الهند في مجالات متعددة تفوق 100 بليون دولار في العامين المقبلين، نريد أن نعمل كحكومتين لكي نضمن تحقيق هذه الاستثمارات وتحقيق عوائد نافعة لكلا البلدين».
وتمنى الأمير محمد بن سلمان أن تسهم علاقة البلدين في توفير مزيد من الأيدي العاملة الهندية للمساهمة في مستقبل السعودية ورؤية2030 من جانبه، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي: «اتفقنا على الحاجة لزيادة جميع الضغوط الممكنة على دول تدعم الإرهاب بأي شكل، من بالغ الأهمية أن يتم القضاء على البنية التحتية للإرهاب ووقف الدعم للإرهابيين وداعميهم».
وأضاف أن الهند اتفقت مع السعودية على تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب والأمن البحري والسيبراني وأشار إلى أن السعودية تمثل أهم شريك للهند، مبيناً السعودية تمثل أهم شريك وتمدنا بالطاقة وكانت الهند أقامت صباح ، استقبالاً رسمياً لولي العهد، في نيودلهي.
واستقبل الرئيس الهندي رام نات كوفيند، في القصر الرئاسي، الأمير محمد بن سلمان، بحضور رئيس الوزراء ورافق موكب ولي العهد للقصر الرئاسي كوكبة من الخيالة، فيما كانت المدفعية الهندية تطلق 21 طلقة ترحيباً بمقدمه وأقام رئيس الجمهورية الهندية رام نات كوفيند، حفلة عشاء لولي العهد، بحضور رئيس الوزراء وعقد الأمير محمد بن سلمان والرئيس كوفيند قبيل حفلة العشاء اجتماعاً جرى خلاله استعراض العلاقات التاريخية السعودية الهندية.
وخلال الحفلة استذكر الرئيس الهندي الزيارات التاريخية التي قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في العام 2006، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في العام 2014، وزيارة رئيس وزراء الهند إلى المملكة في العام 2016.
وأوضح أن البلدين تربطهما روابط تاريخية غنية تعتمد على الروابط الحضارية المشتركة، مشيراً إلى أنه «بناء على أواصر الروابط القوية منذ زمن قديم، عاش شعبنا من الخلفيات المتنوعة بأمن وسلام، وخبرات ثقافاتنا المشتركة والتعاون الاقتصادي والمطلب المشترك للعالم الأمن المستدام، تجعلنا شركاء طبيعيين»، معبراً عن تقديره لمساعي ولي العهد من أجل جلب التغيير الاجتماعي والتقدم.
وبين أن بلاده تقدر المملكة بالغ التقدير كشريك موثوق به لأمن طاقتها، مرحباً بمشاركة المملكة في احتياطات بلاده النفطية الاستراتيجية. وقال: «نحن ننظر إلى المملكة العربية السعودية كعامل استقرار في المنطقة وما وراءها، ونقدر قيادتكم الحكيمة لتنويع الاقتصاد، ونرحب ببرنامجكم رؤية 2030»، مؤكداً رغبة الهند بأن تكون شريكاً قوياً وموثوقاً به لنمو المملكة وتقدمها.
وأكد الرئيس الهندي أن الإرهاب هو أخطر تهديد للبشرية، «ويجب على الهند والمملكة، والمجتمع الدولي، أن يتحد لهزيمة هذه القوى الشريرة وتدميرها ومكافحة التطرف، ولا مكان للمسؤولين عن مثل هذه الأفعال في مجتمعنا الذي يحب السلام، ويلزم العامل معها بكل حزم وحسم».
من جانبه، قال الأمير محمد بن سلمان الكلمة التالية: «شكراً فخامة الرئيس على الترحيب الحار والحفاوة التي نلقاها اليوم، أشكر أيضاً دولة رئيس الوزراء وجميع أصدقائنا في الهند العزيزة العلاقة القديمة والتاريخية بالنسبة لنا مهمة جداً لكن اليوم نشهد حاضر مميز للغاية وفيه فرص كثيرة جداً لدولتينا، واليوم أيضاً نحتفل ونحضر إنجاز حقق في عامين وهو انجاز كبير جداً في عدة مجالات من الاقتصاد إلى الأمن إلى السياسة وغيرها من المجالات.
في هذه الزيارة بتأسيس المجلس التنسيقي الرفيع المستوى الاستراتيجي بين السعودية والهند سوف تشهد الاستراتيجية القادمة تسارعا أكبر بكثير مما حدث في السنتين الماضيتين، نحن تتقاطع المصالح بين السعودية والهند في مصالح كثيرة جداً وأيضاً المخاطر التي تجابهنا متشابهة وكثيرة سواء في الإرهاب أو غيرها من المخاطر وهذا يؤكد أن علينا أن نعمل جميعاً لتحقيق جميع المصالح المجابهة لجميع التحديات. أود أن أشكر دولتكم مرة أخرى على الحفاوة الحارة التي لقيناها في الهند ونستطيع أن نقول إن لديكم بلدا رائعا وشعبا رائعا وقطاعا خاصا مميزا للغاية وحكومة رائعة، شكراً».
إلى ذلك، التقى الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع في نيودلهي، رئيس مجلس إدارة شركة ريلاينس السيد موكيش امباني وجرى خلال اللقاء، استعراض الفرص الاستثمارية الواعدة في المجموعة بكافة فروعها، في التقنية والاتصالات وغيرها، إضافة إلى استعراض مجالات الاستثمار في الهند في البترول والغاز.
والتقى أيضا عدداً من الرؤساء التنفيذيين ومدراء كبرى الشركات الهندية التي استثمر فيها صندوق رؤية سوفت بنك وجرى خلال اللقاء، استعراض المجالات الاستثمارية المشتركة في إطار صندوق رؤية سوفت بنك، والاستفادة منها في روية المملكة 2030 والتنويع الاقتصادي وتشجيع ثقافة الابتكار في المملكة.
بدورها، أعلنت «أرامكو» السعودية، أن الاستثمار في الهند يمثل أولوية للشركة، وانها تتوقع أن يرتفع طلب البلاد على النفط إلى 8.2 مليون برميل يومياً بحلول2040 وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية أمين الناصر في جلسة نقاشية في نيودلهي: «الهند تمثل أولوية استثمارية لأرامكو السعودية»، مضيفاً إن الهند تشتري حالياً نحو 800 ألف برميل يومياً من النفط السعودي.
وكانت العاصمة الهندية شهدت انطلاق أعمال «الملتقى السعودي الهندي» تزامناً مع الزيارة الرسمية للأمير محمد بن سلمان وشهد الملتقى إبرام محافظ الهيئة العامة للاستثمار السعودية المهندس إبراهيم العمر اتفاقين مع كل من «سوفت بنك» للتعريف بفرص الاستثمار في السوق السعودي، وشركة «أيون اكسجينج أريبيا» في قطاع معالجة وتوزيع المياه، إلى جانب إبرام 9 اتفاقات أخرى في قطاعات مختلفة منها المعادن والتنقيب، والترفيه، وصناعة الأدوية، والاتصالات وتقنية المعلومات.
صحيفة الحياة