اجتماع جدة.. اتفاق عربي على إنهاء الأزمة في سوريا والتحرك من خلال “الحلّ السياسي” لإعادتها من جديد لمحيطها العربي
اتّفق الوزراء العرب المشاركون في اجتماع جدة على أهمّية تأدية دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة في سوريا.
وأعلنت وزارة الخارجيّة السعوديّة السبت في بيان أنّ الوزراء المجتمعين أكّدوا أنّ “الحلّ السياسي هو الحلّ الوحيد للأزمة السوريّة”، مشدّدين على “أهمّية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، ووضع الآليّات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربيّة بما يكفل نجاح هذه الجهود”.
وأضاف بيان الخارجيّة السعوديّة أنّه تمّ خلال اجتماع الوزراء أيضًا “التشاور وتبادل وجهات النظر حول الجهود المبذولة من أجل التوصّل الى حلّ سياسي للأزمة السوريّة ينهي كافّة تداعياتها ويحافظ على وحدة سوريا، وأمنها واستقرارها، وهويّتها العربيّة، ويعيدها إلى محيطها العربي، بما يحقّق الخير لشعبها الشقيق”.
وبحسب البيان “اتّفق الوزراء على أهمّية حلّ الأزمة الإنسانيّة، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريّين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتّخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السوريّة”.
واستضافت السعوديّة الجمعة هذا الاجتماع المخصّص للبحث في عودة دمشق إلى الحاضنة العربيّة بعد أكثر من عقد على إبعادها، وذلك في خضمّ تحرّكات دبلوماسيّة إقليميّة يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ اتّفاق الرياض وطهران على استئناف علاقاتهما الشهر الماضي.
وكانت دول عربيّة عدّة على رأسها السعوديّة أقفلت سفاراتها وسحبت سفراءها من سوريا، احتجاجًا على قمع النظام السوري في العام 2011 الانتفاضة الشعبيّة التي تطوّرت إلى نزاع دامٍ دعمت خلاله السعوديّة وغيرها من الدول العربيّة فصائل المعارضة السوريّة.
وعلّقت جامعة الدول العربيّة عضويّة سوريا لديها في تشرين الثاني/نوفمبر 2011.
لكن خلال السنتين الماضيتين تتالت مؤشّرات التقارب بين دمشق وعواصم عدّة، بينها أبوظبي التي أعادت علاقاتها الدبلوماسيّة، والرياض التي أجرت محادثات مع دمشق حول استئناف الخدمات القنصليّة بين البلدين.
وانعقد اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي في جدّة وشارك فيه أيضًا مصر والعراق والأردن للبحث في مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربيّة، قبل نحو شهر من انعقاد قمّة عربيّة في السعوديّة.
ولم يفصح المسؤولون السعوديّون عن أيّ معلومات تتعلّق بالاجتماع باستثناء وصول وزراء خارجيّة وممثّلي الدول المشاركة الواحد تلو الآخر إلى جدّة على البحر الأحمر. ونشرت قناة “الاخبارية” الحكوميّة لقطات مصوّرة من الاجتماع.
واستقبلت السعوديّة الأربعاء وزير الخارجيّة السوري فيصل المقداد للمرّة الأولى منذ بداية النزاع في بلده. في الوقت ذاته، كان وفد إيراني موجودًا أيضًا في المملكة للتحضير لإعادة فتح البعثات الدبلوماسيّة الإيرانيّة.
وقالت الخارجيّة السعودية في بيان سابق إنّ وزير الخارجيّة السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله ونظيره السوري ناقشا “الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسيّة شاملة للأزمة السوريّة تنهي كافّة تداعياتها، وتحقّق المصالحة الوطنيّة، وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي”.
وفي معرض إعلانه مشاركة الدوحة في الاجتماع، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة القطريّة ماجد الأنصاري الثلاثاء إنّ تغيّر الموقف القطري من سوريا “مرتبط أساسًا بالإجماع العربي وبتغيّر ميداني يحقّق تطلّعات الشعب السوري”.
لكنّ رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اعتبر في مقابلة تلفزيونيّة مساء الخميس أنّ الحديث عن عودة سوريا إلى الجامعة العربيّة “تكهّنات”، مشدّدًا على أنّ أسباب تعليق عضويّة دمشق لا تزال قائمة بالنسبة إلى الدوحة.
يصعب فصل الجهود الدبلوماسيّة تجاه سوريا عن التقارب الحاصل بين طهران والرياض اللتين أعلنتا في 10 آذار/مارس التوصّل إلى اتّفاق بينهما بعد قطيعة استمرّت سبع سنوات إثر مهاجمة البعثات الدبلوماسيّة السعوديّة في إيران على خلفيّة إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر في السعوديّة.
قبل زيارة وفد إيراني للسعوديّة هذا الأسبوع، زار وفد سعودي السبت الفائت طهران لمناقشة آليّات إعادة فتح بعثات المملكة الدبلوماسيّة في الجمهوريّة الإسلاميّة.
والسعوديّة وإيران على طرفَي نقيض في عدد من قضايا المنطقة، بينها الحرب في اليمن.