تحليلات سياسيةسلايد

احتدام القتال حول مستشفى الشفاء وبلينكن يجتمع مع السيسي ويتفقان على رفض تهجير الفلسطينيين وتحذير مصري من العواقب الخطيرة لاي اجتياح لرفح

اجتمع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة اليوم الخميس في إطار محادثات تهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، في حين قال وزير إن إسرائيل ستواصل القتال “حتى لو انقلب العالم كله عليها”.

وفي غزة، تركز الهجوم العسكري الإسرائيلي لليوم الرابع على مستشفى الشفاء، وهو المرفق الطبي الوحيد الذي يعمل ولو جزئيا في شمال القطاع. وقال سكان إنهم رأوا مباني مشتعلة داخل المجمع.

وقالت الأمم المتحدة إن الحرب المستمرة منذ خمسة أشهر أدت إلى تعرض 2.3 مليون فلسطيني بغزة إلى نقص حاد في الغذاء يتجاوز في بعض المناطق الآن مستويات المجاعة.

وقال بلينكن لقناة الحدث التلفزيونية “إننا نضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن. من شأن هذا أن يقدم إغاثة فورية للعديد من الأشخاص الذين يعانون في غزة.. للأطفال والنساء والرجال”.

وأضاف أن الولايات المتحدة أعدت مشروع قرار في الأمم المتحدة بهذا الشأن.

واستؤنفت المحادثات الرامية لوقف إطلاق النار هذا الأسبوع في قطر بعد أن رفضت إسرائيل اقتراحا من حماس الأسبوع الماضي. وتتناول المحادثات هدنة مدتها نحو ستة أسابيع تسمح بالإفراج عن 40 من المحتجزين الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح مئات الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.

لكن حماس تقول إنها لن تطلق سراح الرهائن إلا ضمن اتفاق ينهي الحرب، بينما تقول إسرائيل إنها ستناقش فقط وقفا مؤقتا للقتال.

وقال بلينكن لقناة الحدث “أعتقد أن الفجوات تضيق، وأعتقد أن التوصل إلى اتفاق ممكن للغاية”. وأضاف “الفريق الإسرائيلي موجود ولديه صلاحية التوصل إلى اتفاق”.

وقال مكتب الرئيس المصري ووزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن والسيسي استعرضا التقدم المحرز في المفاوضات.

وشدد السيسي على “ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار”، مشيرا إلى كارثة إنسانية تهدد حياة المدنيين في غزة. وحذر الرئيس المصري من “العواقب الخطيرة لأي عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية”.

توافقت مصر وأميركا على «رفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم بأي شكل أو صورة»، وكذلك «ضرورة اتخاذ الإجراءات كافة لضمان نفاذ المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة». وبينما حذّرت القاهرة من التداعيات الإقليمية «الخطيرة» والمتزايدة لتوسيع رقعة الصراع في المنطقة، أشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في القاهرة، الخميس، إلى «العواقب الخطيرة لأي عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية».

ووفق إفادة لمتحدث الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، الخميس، فإن وزير الخارجية الأميركي نقل للرئيس السيسي تحيات الرئيس جو بايدن وتقديره لدور مصر الراسخ في «إرساء السلام والاستقرار بالشرق الأوسط». وأضاف أن اللقاء تناول الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، حيث تم استعراض آخر مستجدات الجهود المشتركة للوساطة بهدف «التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين». وشدّد السيسي خلال اللقاء على «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار»، مشيراً إلى ما يتعرض له قطاع غزة وسكانه من «كارثة إنسانية ومجاعة تهدد حياة المدنيين»، كما شدّد السيسي على «ضرورة التحرك العاجل لإنفاذ الكميات الكافية من المساعدات الإنسانية للقطاع»، مؤكداً «ضرورة فتح آفاق المسار السياسي من خلال العمل المكثف لتفعيل حلّ الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

في حين أشاد الوزير الأميركي خلال لقاء السيسي بالجهود المصرية للدفع تجاه التهدئة، مؤكداً «حرص الولايات المتحدة على التنسيق والتشاور بهدف استعادة الاستقرار والأمن بالمنطقة».

وتسابق الجهود القطرية والأميركية والمصرية الزمن من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن إقرار هدنة جديدة في قطاع غزة، وبما يحول دون تنفيذ إسرائيل لعملية اجتياح عسكري واسع لمدينة رفح الفلسطينية. وإلى الآن لا تزال جهود إقرار هدنة جديدة في غزة تواجه صعوبات تحول دون وقف ثانٍ للقتال في أعقاب انتهاء الهدنة الوحيدة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي تم التوصل إليها بوساطة قطرية وأميركية ومصرية.

وفي لقاء آخر بالقاهرة، استعرض بلينكن مع وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الجهود المبذولة من جانب الولايات المتحدة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، و«دعم مفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين بغية الوصول إلى هدنة إنسانية».

وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، فإن الوزير شكري تطرق خلال اللقاء إلى مختلف أوجه العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وسبل تدعيمها وترسيخها، وما تشهده المرحلة الراهنة من تكثيف أطر التعاون على الأصعدة كافة، وكذا تنامي وتيرة التنسيق وتبادل الرؤى حيال القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها أزمة قطاع غزة وسبل إنهائها واحتواء تداعياتها.

وشدّد شكري على ضرورة تكثيف الجهود كافة من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في أقرب وقت، وأهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2720 الخاص بعمل الآلية الأممية لتنسيق ومراقبة دخول المساعدات، والتغلب على العوائق التي تضعها إسرائيل في هذا الصدد.

ووفق «الخارجية المصرية»، فقد أكد شكري على موقف مصر الراسخ فيما يتعلق بالتحذير من المخاطر الشديدة لأي عملية عسكرية في مدينة رفح، وما ستنتج عنها من عواقب إنسانية وخيمة سيكون لها أكبر الأثر في مضاعفة ما يشهده القطاع حالياً من وضع إنساني شديد التأزم.

وحذّرت مصر أكثر من مرة من خطورة إقدام إسرائيل على تنفيذ عملية عسكرية برية في مدينة رفح التي يتكدس فيها نحو 1.5 مليون فلسطيني، معظمهم نزحوا إلى المدينة الملاصقة للحدود المصرية نتيجة استمرار الاستهداف الإسرائيلي المتواصل لجميع مناطق القطاع على مدى الأشهر الستة الماضية، مؤكدة أن عواقب ذلك «ستكون وخيمة».

وأعاد شكري خلال مباحثاته مع بلينكن في القاهرة، الخميس، التذكير برفض مصر التامّ لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني خارج أراضيه، محذراً من التداعيات الإقليمية الخطيرة والمتزايدة لتوسيع رقعة الصراع في المنطقة بشكل بات يهدد استقرار وسلامة الإقليم والعالم.

وسبق لمصر أن حذّرت من أي إجراءات إسرائيلية تقود إلى تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها ستكون بمثابة «تهديد جدي وخطير» لاتفاقية السلام بين البلدين، الموقعة منذ عام 1979.

وكانت الإدارة الأميركية قد ناقشت خلال الأيام الأخيرة «عدة بدائل» للاجتياح البري الإسرائيلي لرفح، حسب موقع «أكسيوس» الأميركي. ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين قولهم إن أحد المقترحات «يدور حول تأجيل العملية العسكرية في رفح، والتركيز على استقرار الوضع الإنساني في شمال غزة»، حيث المجاعة «وشيكة»، وفقاً لتقارير أممية.

وتعارض إدارة بايدن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، وقالت إنها «تشعر بالقلق من عدم وجود خطة قابلة للتنفيذ من شأنها حماية الفلسطينيين». وجدّد الرئيس الأميركي في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الثلاثاء الماضي، التعبير عن «قلقه العميق» بشأن تنفيذ إسرائيل عملية برية في رفح، بحسب بيان للبيت الأبيض. وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، الإثنين الماضي، إن «العملية يمكن أن تمنع دخول المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها من مصر إلى غزة، وتعزل إسرائيل دولياً، وتضر بمعاهدة السلام الإسرائيلية – المصرية».

في المقابل، يُصر نتنياهو على تنفيذ عملية عسكرية في رفح «للقضاء على حركة (حماس)»، حيث قال خلال مناقشة سرية في «لجنة الشؤون الخارجية والأمن» بالكنيست، أخيراً، إنه «لا سبيل لتدمير (حماس) إلا باجتياح بري للمدينة الحدودية في جنوب قطاع غزة».

في غضون ذلك، تطرقت مباحثات شكري وبلينكن في القاهرة إلى عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث حرص الجانبان على «تبادل التقييمات واستعراض الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام في بؤر التوتر المتزايدة في المنطقة».

وتمثل رفح حاليا آخر المناطق الآمنة نسبيا حيث نزح أكثر من نصف سكان القطاع وتكدسوا بالقرب من الحدود مع مصر.

ويعتزم زعماء الاتحاد الأوروبي المجتمعون في بروكسل أيضا الدعوة إلى وقف مستدام لإطلاق النار، وقال مسؤول السياسة الخارجية في التكتل جوزيب بوريل إنهم سيتخذون موقفا أكثر حزما من التصريحات السابقة.

وأضاف “إنهم (سكان غزة) يتضورون جوعا. لذا آمل أن يبعث المجلس برسالة قوية إلى إسرائيل مفادها ’أوقفوا المنع.. كفوا عن منع دخول الغذاء إلى غزة واهتموا بالمدنيين”.

ومضى قائلا “من المؤكد أن لإسرائيل الحق في الدفاع (لكن) ليس في الانتقام”.

ومع تصاعد المخاوف بشأن المجاعة في غزة، اجتمع مسؤولون من 36 دولة ومن وكالات تابعة للأمم المتحدة في قبرص لمناقشة سبل تسريع تسليم المساعدات الإنسانية.

ووصلت سفينة مساعدات إلى القطاع الأسبوع الماضي عبر طريق جديد من قبرص، ومن المتوقع أن تغادر سفينتان أخريان قريبا رغم أن وكالات الإغاثة قالت إن توصيل الشحنات صعب من الناحية اللوجستية وهي لا تكفي لتكون بديلا عن تسليم المواد الغذائية بالشاحنات.

وقال وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس “علينا أن نتذكر أن هناك قيودا فيما يتعلق بالاستلام والتوزيع”.

وبالقرب من مجمع الشفاء قال سكان لرويترز عبر تطبيق للتراسل إن الجيش نسف منازل قريبة بينما احترقت مبان في مجمع المستشفى.

وقال رباح، وهو أب لخمسة أطفال، إن المكان منطقة حرب إذ حوصر الناس داخل منازلهم وسط اشتباكات في الشوارع.

وأضاف “إسرائيل رجعت الدبابات لجوات قلب مدينة غزة مشان تدمر البيوت اللي لسه واقفة والشوارع كمان، كل هاد بيصير قدام عيون العالم اللي بيشوف بعيون واحدة بس”.

* إسرائيل تقول إن مسلحين يختبئون في المستشفى

قالت إسرائيل إن قواتها قتلت أكثر من 50 مسلحا من حركة حماس أمس، ليرتفع عدد من تقول إنهم مسلحون استشهدوا حول المستشفى إلى 140، إضافة إلى مقتل جنديين إسرائيليين.

وقالت إنها عثرت على بنية تحتية تستخدم لأغراض الإرهاب وأسلحة داخل المجمع وحوله، وعرضت صورا لبنادق آلية من طراز إيه.كيه-47 (كلاشنيكوف) وقذائف صاروخية ومدافع هاون وأسلحة أخرى.

وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاجاري “العديد من إرهابيي حماس.. عناصر وقادة كبار” كانوا يختبئون في المجمع مع مسلحي حركة الجهاد الإسلامي.

وأضاف “عندما دخلنا المستشفى وجدنا إرهابيين يقاتلون ضدنا هنا في هذا المكان”.

وأظهرت مقاطع مصورة ليلا نشرها الجيش الإسرائيلي جنودا يسلمون صناديق طعام وماء إلى المستشفى.

وتنفي حماس أن المستشفى يؤوي مسلحين وقالت إن القتلى من المصابين والنازحين.

وأظهرت لقطات مصورة نشرتها حماس مسلحيها خارج مجمع الشفاء وهم يحملون أسلحة ويطلقون النار على دبابات إسرائيلية في شوارع تمت تسويتها بالأرض. وتتطابق مواقع المباني وحدودها مع صور أقمار صناعية تحققت رويترز منها.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إن من المقرر أن يجتمع بلينكن مع وزراء خارجية مصر والسعودية وقطر والأردن اليوم، بالإضافة إلى وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ.

ويضغط المسؤولون من أجل إنهاء ستة أشهر من القتال الذي أودى بحياة ما يقرب من 32 ألف فلسطيني، واستشهد 65 شخصا في الساعات الأربع والعشرين الماضية بحسب السلطات الصحية في غزة.

واندلعت الحرب بعد أن شن مسلحون من حماس هجوما على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.

وقال وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في بودكاست (كول مي باك) الذي يقدمه دان سينور إن إسرائيل ستتقدم نحو رفح، على الرغم من القلق الدولي المتزايد بشأن تأثير مثل هذا الهجوم.

وأضاف “سيحدث هذا. سيحدث حتى لو اضطرت إسرائيل للقتال بمفردها.. حتى لو انقلب العالم كله على إسرائيل، بما في ذلك الولايات المتحدة، سنقاتل حتى ننتصر في المعركة”.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى