تحليلات سياسيةسلايد

احتدام القتال في محيط قيادة الجيش السوداني مع اشتداد الحصار

قصف الجيش السوداني الخميس أحياء سكنية ومواقع لقوات الدعم السريع بطائرات مسيرة ويتزامن احتدام القتال في الخرطوم مع تواجد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان في نيويورك التي توجه إليها للترويج لروايته حول النزاع في البلاد خلال اجتماعات الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة مستغلا ازدواجية الخطاب الأممي.

وطالبت محامية حقوق الإنسان أمل كلوني وزعماء دوليون اليوم الخميس بإيلاء المزيد من الاهتمام للحرب في السودان ومحاسبة المسؤولين عن القتال الذي أودى بحياة الآلاف وتسبب في نزوح ملايين المدنيين.

وقالت كلوني في اجتماع بنيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة “هناك ناجون في جميع أنحاء العالم يرون تحركات قوية ومنسقة بشأن أوكرانيا وهي ليست أقل استحقاقا في مكان آخر”.

وانعقد الاجتماع برعاية الولايات المتحدة وكندا وجامبيا والنرويج وبريطانيا لجذب الانتباه إلى الصراع في السودان وضمان العدالة.

وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد إن الولايات المتحدة تؤيد إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي توجد اتهامات بارتكابها في إقليم دارفور السوداني قد تخضع للتحقيق وأن مكتبه بدأ التحقيق في الأحداث الأخيرة.

وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تروك قال هذا الشهر إن الهجمات ذات الدوافع العرقية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع السودانية والميليشيات المتحالفة معها أودت بحياة المئات في غرب دارفور.

وقالت توماس جرينفيلد اليوم الخميس “تقاعس المجتمع الدولي عن محاسبة المسؤولين عن الجرائم السابقة. لذلك، يعتقد هؤلاء الأشخاص أن بإمكانهم القيام بذلك مرة أخرى. لقد فشلنا في تحقيق العدالة لشعب دارفور. ويجب أن يتغير هذا على الفور”.

وتساءل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في الاجتماع قائلا “إذا لم نكن غاضبين مما نراه هنا، فأين إنسانيتنا؟”

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث في اجتماع منفصل بشأن السودان الأربعاء إن خمسة آلاف شخص قتلوا وأصيب 12 ألفا ويواجه أكثر من ستة ملايين نقصا حادا في الغذاء.

وميدانيا أفاد شهود عيان بأن الجيش السوداني قصف بكثافة مناطق في أم درمان وعدد من ضواحي العاصمة مستهدفا مواقع انتشار قوات الدعم السريع، وفق موقع ‘روسيا اليوم’.

كما قصفت طائرة مسيرة تابعة لقوات البرهان بعض المواقع التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع في منطقة أبوآدم جنوب الخرطوم، ما أدى إلى تصاعد كثيف للسحب الدخانية.

وأكد شهود أن وسط الخرطوم شهد اليوم الخميس اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة بين الطرفين، فيما سمع دوي انفجارات كبيرة.

وحققت قوات الدعم السريع خلال الآونة الأخيرة نصرا عسكريا هاما بسيطرتها على مدينة أم روّابة الإستراتيجية شمال ولاية كردفان، ما مكنّها من قطع الإمدادات على الجيش السوداني.

وأكدت الدعم السريع أن قوات البرهان المحاصرة داخل مقراتها في العاصمة لم يبق لها من خيار سوى الاستسلام، فيما تحدث عدد من عناصرها الذين وقعوا في الأسر عن انهيار معنويات جنود وضباط الجيش السوداني على كامل الجبهات.

وتورط الجيش السوداني في ارتكاب جرائم مروّعة ضد المدنيين، إذ قصف العديد من الأحياء السكنية بالبراميل المتفجرة، في خرق غير مقبول للقوانين الدولية يعكس حالة التخبط التي تسيطر على قوات البرهان.

ويتحصن قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان بقاعدة بورتسودان بعد أن غادر مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم المحاصر من قبل قوات الدعم السريع.

وأجرى البرهان زيارات خارجية من بورتسودان في خطوة اعتبر محلّلون أنها تنطوي على مساع دبلوماسية لتثبيت حكمه في حال أجريت مفاوضات لوضع حد للنزاع.

ومع تفاقم الأوضاع الاقتصادية وغلاء إيجارات المنازل ونفاد المدخرات المالية بدأت رحلة عودة العائلات التي نزحت من الخرطوم هربا من القتال إلى منازلها مرة أخرى.

وغالبية الأسر كانت تتوقع انتهاء الحرب خلال أسبوعين أو شهر تقريبا، لكنها تفاجأت باستمرار الأزمة إلى فترة طويلة قاربت الـ6 أشهر وربما تستمر إلى سنوات طويلة حال عدم توفر الإرادة لوقف إطار النار والانخراط في مفاوضات سياسية.

وقال الخبير الاقتصادي أسامة الطيب إن عودة النازحين واللاجئين من الولايات المتاخمة للجوار وبعض دول الجوار إلى منازلهم في العاصمة الخرطوم أمر متوقع، خاصة وأن الأغلبية غادرت خائفة ومضطربة منذ الطلقة الأولى وفي حوزتها مبالغ مالية محدودة.

وأشار الطيب إلى أن الحرب دخلت شهرها السادس دون أمل في انتهائها قريبا وكانت توقعات الأسر الفارة من نيران الاشتباكات العودة خلال شهر أو شهرين.

وأضاف “توقع معظم المواطنين العثور على وظائف في سوق العمل تساهم في سداد إيجارات السكن الشهرية وشراء مستلزمات المعيشة اليومية ولكن الواقع فرض سيطرته عليهم، ما اضطرهم إلى خيار العودة مرة أخرى، رغم المآسي والكوارث اليومية في أحياء العاصمة الخرطوم”.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

 

ميدل إيست اون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى