اختبار آخر لواشنطن في سوريا

 


غالباً ما تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما في حملته الرئاسية، عن «نقص التعاطف» في صفوف الأميركيين. وفي هذه الأيام ربما يمضي مزيداً من الوقت في الحديث عن العجز الفيدرالي، ولكن مع قيام العالم الآن بالتعامل مع أسوأ أزماته الإنسانية على امتداد عقود، فإن الوقت مناسب لاتخاذ إجراء بشأن نقص التعاطف المشار إليه.
قامت الأمم المتحدة أخيراً، بتوجيه النداء العالمي الأكثر شمولاً من أجل الحصول على المال لأزمة واحدة، فهي تريد 6.5 مليارات دولار، لتقديم العون في تغذية وإيواء نحو 16 مليون شخص لاذوا بالفرار من بيوتهم في الصراع الدائر في سوريا.
على امتداد العام المقبل، فإن عدد اللاجئين السوريين يتوقع أن يصل إلى قرابة الضعف، حسب تقديرات الأمم المتحدة. ويحتاج ما يزيد على ثلث السوريين بالفعل، إلى مساعدة إنسانية، سواء في سوريا نفسها أو تركيا والأردن ولبنان والعراق.
ما الذي يدفع نحو هذه الزيادة؟ على امتداد العام الماضي، تضاعف عدد الاشتباكات المسلحة في إطار الصراع الذي امتد 33 شهراً حتى الآن. وقد بلغ عدد المدنيين الذين قتلوا منذ 2011، ما يربو على 120 ألف نسمة. وإذا نظرنا لهذا الموقف من منظور آخر، فإن المساعدة الإنسانية المطلوبة للسوريين ستقتطع نحو نصف الأرصدة القياسية المقدرة بنحو 12.9 مليار دولار، تمس الحاجة إليها للتعامل مع 17 أزمة كبرى على امتداد العالم في 2014.
من الجوانب الغريبة في ما يتعلق بأزمة اللاجئين، أن جانباً كبيراً منها لا تسهل رؤيته، فنحو 80% من السوريين في البلاد القريبة من مواطنهم لا يقيمون في خيام إيواء مؤقتة قرب الحدود، وإنما وجدوا سبلاً للإقامة داخل المدن، والتأثيرات الناجمة عن ذلك يتم الشعور بها، على سبيل المثال، في صورة أزمة مياه في الأردن، وزيادة حادة في البطالة، وارتفاع الأسعار الغذائية في لبنان.
وداخل سوريا فإن جزءاً كبيراً من المعونات يظل محتجباً عن العيون، حيث قيد نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى حد كبير إمكانية وصول جماعات الإغاثة الأجنبية إلى من يحتاجون للمساعدات. وتقدر الولايات المتحدة أن 9.3 ملايين نسمة في سوريا يحتاجون المساعدة الفورية، خاصة مع إطباق البرد على المنطقة.
في الوقت الحالي، تظل الاستجابة الإنسانية من جانب الولايات المتحدة هي أكثر جهودها نجاحاً في الأزمة السورية، وفي 15 يناير ستجتمع الدول المتبرعة لمساعدة سوريا، للاتفاق على مجموعة جديدة من الالتزامات. ومع طلب الأمم المتحدة لمزيد من الأموال مع تصاعد القتال وتدفق موجات اللاجئين، فإن «نقص التعاطف» الأميركي سيوضع موضع الاختبار مجدداً.

صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى