ارتفاع مذهل في معدلات تشوهات اطفال الفلوجة والبصرة والسبب ذخيرة الامريكان والبريطانيين

 

شهدت الفلوجة واحدة من اعنف المعارك الدامية في الحرب على العراق وتسببت بمقتل المئات من سكانها ودمرت المنازل والمنشآت وبعد ما كانت تسمى بمدينة المآذن غير سكانها اسمها لتكون المدينة الملوثة بعد ان شنت الولايات المتحدة الامريكية عليها حملتين عسكريتين قبل ثمانية اعوام.
والآن وقبل شهر من اصدار منظمة الصحة العالمية للأمم المتحدة تقريرها في تأثر هاتين المعركتين على الواقع الصحي للمدينة تكشفت دراسة جديدة عن ارتفاع مذهل في حالات التشوهات الخلقية بين ولادات الاطفال العراقيين في هذه المدينة بعد الحرب اذا سجلت معدلات عالية في حالات الاجهاض بسبب ارتفاع نسبة التلوث بسموم الرصاص والزئبق اضافة الى تشوهات خلقية ولادية تراوحت مابين تشوهات ولادية في القلب وقصور ولادي في وظائف الدماغ و تشوهات الاطراف …وما يقلق هو تسجيل معدلات عالية لهذه التشوهات في الفلوجة والتي تقع 40 ميلاً تقريباً غرب بغداد وتقول موزجان سفاب اصفهاني اخصائية السموم البيئية في جامعة ميتشغان كلية الصحة العامة ورئيس الفريق البحثي ان هناك ادلة دامغة في ربط معدلات الاسقاط لدى نساء العراق وتشوهات أطفالة الخلقية بالعمليات العسكرية.
وقد ووجدت الدراسة ارتفاع مماثل في نسبة التشوهات لدى اطفال البصرة اثر غزو القوات البريطانية لها 2003 وقد تعرضت الفلوجة لأول قصف من قوات مشاة البحرية الامريكية المارينز في نيسان ابريل 2004 بعد مقتل اربع عناصر من شركة بلاك ووتر الامنية الامريكية وسحل جثثهم في الشارع وترك جثتان معلقة على جسر الفلوجة وبعد سبعة اشهر عادت قوات المارينز لتقصف المدينة بشكل عنيف وبأقوى طائراتها المنتشرة في العراق.
واعترفت القوات الامريكية فيما بعد باستخدامها لقذائف من الفسفور الابيض ولكنها لم تعترف أبداً باستخدامها قذائف اليورانيوم المنضب المتهم الاساسي بتسببه بالأمراض السرطانية وتشوهات الاطفال الخلقية.
الدراسة الجديدة والتي نشرت في الدورية الخاصة بالتلوث البيئي وعلم السموم تأتي تعزيزاً للإدعاءات بان ذخيرة القوات الامريكية والناتو والتي استخدمت في الصراع مسئولة عن تسبب ازمة صحية كبيرة في العراق وتأتي كأحدث دراسة ضمن سلسلة دراسات والتي تربط ما بين القصف وارتفاع معدل حالات تشوهات الاطفال وكانت النتائج الاولية لهذه الدراسة في عام 2010 قد دفعت منظمة الصحة العالمية للتحقيق في معدل زيادة حالات التشوهات بين الاطفال في المنطقة.
تقرير منظمة الصحة العالمية الذي سيصدر الشهر المقبل يتوقع على نحو كبير ان يظهر ارتفاع معدلات تشوهات الاطفال الولادية بعد النزاع. ولقد بحثت المنظمة العالمية في تسع مناطق تعد من اخطر مناطق العراق تلوثاً بما فيها الفلوجة والبصرة حيث وجدت معدلات تلوث عالية ويتوقع ان تدعو منظمة الصحة العالمية الى دراسات اضافية لتحديد الاسباب على نحو دقيق.
الدراسة هذه وجدت ان اكثر من نصف اطفال الفلوجة الاحياء والذين ولدوا بين 2007 و2010 ولدوا بتشوهات خلقية اذا كانت النسبة قبل هذه الفترة حالة تشوه بين عشرة ولادات بينما في القرن الماضي كانت لا تعدو2%من حالات الولادة 45%من حالات الحمل التي تم رصدها انتهت بالاجهاض فقط بعد مرور سنتان من القصف بينما كانت النسبة قبل الهجوم الامريكي هي 10%وارتفعت النسبة بين عامي 2007 و2010 لتصل الى حالة اجهاض من بين كل 6 حالات حمل.
الدراسة التي رصدت التاريخ الطبي لـ 56 عائلة فلوجية ايضا رصدت الولادات في مدينة البصرة جنوب العراق والتي تعرضت للاحتلال من القوات البريطانية عام 2003 حيث رصدت نسبة تشوهات بلغت 20 حالة لكل 1000 حالة ولادة في مستشفى البصرة للولادات عام 2003 وهو رقم اكبر بـ 17 ـمرة من النسبة المسجلة قبل عقد من الزمان هذه النسبة ارتفعت بنسبة 60%في السنوات السبعة الماضية لتبلغ 37 حالة ولادة مشوهه خلقيا من لكل 1000 ولادة.
الفريق البحثي لجامعة ميتشغان عزى أسباب التشوهات الخلقية للأطفال في هاتين المدينتين هو من جراء التعرض للمعادن السامة الناجمة من انفجار القنابل والرصاص والتي استخدمت في العقدين السابقين لقد وجد الباحثون ان نسبة الرصاص في شعر اطفال الفلوجة والذين يعانون من تشوهات خلقية اكبر بخمسة اضعاف من اقرانهم الاسوياء فيما كانت نسبة الزئبق هي ستة اضعاف.
ولقد وجدت الدراسة ان الاطفال ذوي التشوهات الولادية في مدينة البصرة عندهم نسبة رصاص في اسنانهم هي ثلاثة اضعاف نسبتها لدى اقرانهم في المناطق غير الملوثة وقالت الدكتور سفاب اصفهاني لأول مرة نعثر عن بصمة تلوث معدني وهذه ادلة دامغة تربط بين الزيادات المذهلة في تزايد معدلات الولادات المشوهة في العراق بسبب تلوث معدني عصبي سام عقب القصف المتكرر للمدن العراقية وعدت ذلك الوباء بأنه ازمة صحة عامة.
وتضيف موزجان ان تعرض الجنيين لأي تلوث معدني وهو في رحم امه يعرضه لتغير جذري في نموه الذي كان سيكون طبيعيا لولا هذا التلوث المعدني الذي يؤثر على جهازه العصبي حيث ان زيادة معدلات نسبة تركيز الرصاص والزئبق في اجساد الاطفال ذوي التشوهات الخلقية في مدينة الفلوجة سبب اساسي لهذه التشوهات وتمضي قائلة ليس لدي أي مصدر اخر للتلوث في هاتين المدينتين وإنما القصف المتكرر لهما يبرر هذه الزيادة وتضيف ان الارقام مازالت تخضع للتدقيق لإخفاء العديد من الاسر لولادات مشوهة للعامة.
اليستر هي أستاذ علم السموم البيئية في جامعة ليدز يقول ان الدراسة جاءت بنتائج مثيرة للاهتمام حيث ان القلق سينتاب الناس هنا لو كانت نسبة التشوهات مابين 5 -10% بين الاطفال حديثي الولادة ولكن ان تصل النسبة لخمسة اضعاف ذلك في الفلوجة فلا أحد سوف يتجاهل ذلك والجميع سيدعو لمعرفة سبب ذلك قد اجد اطلاق ذخيرة بكميات كبيرة سبب معقول للتسمم بالرصاص والزئبق ولكن ايضاً هناك سبب اخر يتمثل في التوتر الذي تعرض له الناس هناك في تلك الفترة حيث ان الضغوط والتوترات النفسية تحدث تغيرات فسيولوجية كبيرة.
وقال متحدث من وزارة الدفاع الامريكية لم نطلع على أي تقارير رسمية تشير لزيادة في حالات تشوهات الاطفال الخلقية من جراء تعرضهم في الفلوجة او البصرة للتسمم المعدني من جراء ذخيرة استخدمتها امريكا أو شركائها في الائتلاف وإننا نولي اهتمام كبير في حماية الصحة العامة للسكان في مسرح العمليات ولكن علينا الاعتراف بان المواد المتفجرة بما فيها العبوات البدائية الغير متفجرة تسبب خطر على حياة المدنيين.
اما المتحدث باسم الحكومة البريطانية فانه نفى وجود أي ادلة علمية او طبية تربط مابين استخدام الذخيرة التقليدية في البصرة والفلوجة ومابين ازدياد التشوهات الولادية مؤكدا على استخدام قوات بلادة لذخيرة تتماشى مع القانون الدولي لحقوق الانسان واتفاقية جنيف.
وتخطط الدكتورة سفاب اصفهاني لدراسات تحليلية على الاطفال في المناطق الملوثة باليورانيوم المنضب عندما يتم جمع تبرعات للمضي قدماً في ابحاثهم لتشمل دراسة الغذاء والهواء والماء لمعرفة السبب الاساسي للتلوث باليورانيوم المنضب ثم نشرع في تطهيرها من التلوث واذ ما نسجل الان 50% من الولادات تأتي بعيوب وتشوهات خلقية فانه بعد بضع سنيين جميع الولادات ستأتي مشوهة بسبب مخاطر معدن الرصاص أثناء الحمل حيث ينتقل الرصاص من عظام المرأة الى جنينها وتكاد تكون نسبة تركيز الرصاص في دم الجنين ودم الام متماثلة ويترسب الرصاص في الدماغ إلا أن الأجنة والأطفال أكثر تأثراً به من البالغين وعند تواجد تركيزات بمستويات عالية فانه يؤثر على الدماغ ويهاجم الجهاز العصبي مسبب تشنجات وغيبوبة ومن ثم الموت والأطفال الذين ينجون من تعرضهم لتركيز عال من الرصاص يظلون يعانون من نقص في قدراتهم الذهنية واضطرابات نفسية، والزئبق يؤثر على الدماغ والكلى وينتقل للإنسان عن طريق الغذاء والهواء والماء والتربة وينتقل من الام لجنينها ويسبب التسمم بالرصاص تلف بخلايا الدماغ تنجم عنها حالات خرس وعمى وعوق ذهني.
اليورانيوم المنضب وهو اخطر تسمم يصيب الانسان ويستخدم اليورانيوم المنضب الناتج من فضلات وقود المفاعلات النووية في تدعيم رؤوس القذائف حيث يكسبها قوة هائلة وعند اصطدام القذائف بأهدافها تنجم حرارة عالية تودي لحرق اليورانيوم وهذه يمكن أن تكون غبار جوي أو دخان وعندما يستنشقها الانسان تعمل على الترسب في جسمه وتعمل كعنصر سام مثل المعادن الثقيلة والأخطر أيضا كونه عنصر مشع وهو ما يغير جينات الانسان ويصيبه بالأمراض السرطانية ويغير من نمو الجنيين وتشوهه، ومن مخاطره أن عمره الاشعاعي يعد بآلاف السنيين وتكاليف تطهير المناطق الملوثة به باهظة التكاليف.

صحيفة الاندبندت البريطانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى