اردوغان يعلن ان قواته يمكنها دخول عفرين “في أي لحظة” مع سيطرت القوات التركية على بلدة جنديرس الاستراتيجية في المنطقة ولاحقا نحو الشرق لملاحقة الأكراد
اكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الجمعة ان القوات التركية تستطيع ان تدخل “في اي لحظة” مدينة عفرين، معقل الفصائل الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، في شمال غرب سوريا.
وقال اردوغان غداة سيطرة القوات القوات التركية على بلدة جنديرس الاستراتيجية على بعد نحو عشرين كيلومترا من المدينة، ان “هدفنا الآن هو عفرين … ومنذ الآن باتت عفرين محاصرة. يمكننا دخول عفرين في اي لحظة، بمشيئة الله”.
هذا، وأكد الرئيس التركي، أن مدينة عفرين بشمالى سورية باتت محاصرة من جانب تركيا التى ستحرك قواتها لاحقا نحو الشرق لملاحقة المتشددين” الأكراد”.
وقال أردوغان خلال كلمة بمقر حزب العدالة والتنمية الحاكم، في العاصمة أنقرة:” نحن اليوم في عفرين، وغدًا سنكون في منبج، وبعد غد سنطّهر شرقى نهر الفرات حتى الحدود مع العراق من الإرهابيين، بعون الله”.
وأفادت وكالة أنباء أناضول التركية الرسمية بأن أردوغان جدد تأكيده بأن بلاده ليست في شمال سورية من أجل “احتلال” أبدًا، وإنما لتطهيرها من الراغبين في احتلالها، والمنظمات الإرهابية، وإعادتها إلى أصحابها الحقيقيين.
وحققت القوات التركية الخميس هدفا مهما في هجومها على المقاتلين الأكراد في شمال غرب سوريا بسيطرتها على بلدة جنديرس الاستراتيجية في منطقة عفرين بعد أسابيع من المعارك العنيفة، لكن ليس من المتوقع أن تقف حملتها عند هذا الحد.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “تمكنت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها من فرض سيطرتها الكاملة على جنديرس في جنوب غرب عفرين، بعد قصف جوي ومدفعي كثيف”.
ويأتي ذلك بعد أن سجل الجيش التركي خسائر بشرية في مواجهته مع وحدات حماية الشعب الكردية التي تصفها أنقرة بانها “ارهابية” منذ بدء هجومها عليها في 20 كانون الثاني/يناير.
وأكدت رئاسة الأركان التركية مقتل 40 جنديا في هذه العملية التي تخوضها تحت مسمى “غصن الزيتون” وادت الى توتر في العلاقات مع واشنطن التي تدعم وحدات حماية الشعب التي قاتلت تنظيم الدولة الإسلامية بإسناد أميركي في سوريا.
ومع سيطرتها على جنديرس، باتت القوات التركية والفصائل الموالية لها تسيطر على البلدات الخمس الرئيسية في المنطقة، وفق عبد الرحمن.
وقد يشكل احتلال جنديرس منعطفا إذ يمكن للقوات التركية ان تنطلق منها لمهاجمة مدينة عفرين نفسها، معقل الفصائل الكردية التي يعيش فيها آلاف من المدنيين.
وأكد آرون لوند الخبير في مؤسسة “سنتشري فاونديشن” الأميركي ان قوات أنقرة “اصطدمت بالتحصينات الكردية في الأسابيع الأولى لكنها اليوم تتقدم وتسيطر على مواقعهم شيئاَ فشيئا”.
واضاف “يبدو ان العملية التركية تتقدم ببطء ولكن بثبات. قد يكون الأمر أبطأ وأكثر إيلاماً مما توقعه الأتراك ولكن في الوقت الحالي، لا تتقدم المعركة سوى في اتجاه واحد، هو هزيمة الأكراد”.
وبعد السيطرة على جنديرس التي هجرها أهلها، قام المقاتلون السوريون المدعومون من تركيا بتمشيط البلدة التي قال مراسل لفرانس برس ان جثث المقاتلين الأكراد تملأ شوارعها.
وعرضت قنوات التلفزيون التركية مساء الخميس شريط فيديو يظهر العلم التركي مرفوعا على مبنى في البلدة.
وقالت اليزابيث تيومان المحللة في “معهد دراسات الحرب” ان احتلال جنديرس “خطوة رئيسية في اطار تقدم القوات التركية باتجاه مدينة عفرين”.
وقال فابريس بالانش استاذ الجغرافيا المختص بسوريا، ان “جنديرس موقع استراتيجي يشرف على وادي عفرين وتمثل ممراً” باتجاه المدينة الواقعة على بعد نحو عشرين كيلومترا في الجهة الشمالية الشرقية.
وعلق الخبير العسكري التركي عبدالله اغار إنها “رأس جسر” يمكن أن تنطلق منه القوات التركية باتجاه عفرين، مع التذكير بأن وحدات حماية الشعب الكردية حفرت خنادق مضادة للدبابات وفخخت الطريق الرئيسي الذي يقود اليها، مضيفاً “انها منطقة الموت”.
وتابع ان السيطرة على جنديرس “مهمة كذلك من الناحية النفسية”، لأنها دليل على “عجز” وحدات حماية الشعب عن وقف تقدم قوات أنقرة.
وأمام هذه الوضع، أعلنت قوات سوريا الديموقراطية نقل 1700 من مقاتليها الذين يحاربون تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة إلى منطقة عفرين، رغم امتعاض وزارة الدفاع الأميركية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الخميس انه يأمل ان تنتهي العملية التركية بحلول شهر أيار/مايو، لكن المراقبين لا يتوقعون ذلك.
و يتوقف تطور الحملة التركية في شمال سوريا إلى حد كبير على الفاعلين الآخرين الكبار في النزاع السوري، لا سيما الولايات المتحدة وروسيا وإيران ودمشق. ومارست قوات حماية الشعب الكردية ضغوطا على روسيا للتدخل، لكن عبثا.
واذا كانت السيطرة على جنديرس تمثل انتصاراً تكتيكياً مهما فإنها لا تعني هزيمة الفصائل الكردية التي من المتوقع أن تزداد شراسة في مقاومة القوات التركية مع اقترابها من عفرين.وقالت تيومان ان “القوات التركية قد تتكبد خسائر أكبر خلال الأسابيع المقبلة”.من جهة ثانية، وفي حين أدى التدخل التركي الى مقتل قرابة 200 مدني وفق المرصد السوري، وهو ما تنفيه أنقرة، فإن الهجوم على عفرين، ان كان هذا هو هدف تركيا، من شأنه أن يخلف تبعات كارثية.
ويقول بالانش ان “استراتيجية وحدات حماية الشعب الكردية تقوم اليوم على ما يبدو بحشر المدنيين في عفرين لاستخدامهم دروعاً بشرية (…) وتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي لا يمكنها أن تتغاضى عن مقتل آلاف المدنيين”.
صحيفة راي اليوم الالكترونية