أهم ما توافق حوله المشاركون في المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي عقد في الرياض في الأيام السابقة، تركز على (ضرورة معالجة بؤر التوتر في العالم وإطفاء النزاعات لأن الاستقرار أساس النمو المطلوب لمعالجة التضخم العالمي). ولا يخفى على أحد أن الحرب في أوكرانيا أثرت على الاقتصاد الأوروبي والعالمي، وعلى أسعار القمح والشعير والنفط والغاز، وأضرت بسلاسل التوريد. كما أن الحرب في غزة وامتدادها إلى البحر الأحمر أضر بالكثير من خطط النمو في المنطقة. لذلك فإن السعي لتحقيق النمو الاقتصادي لمعالجة التضخم العالمي يتوقف تقدمه على تحقيق الاستقرار. ولكن السؤال الملح: هل هناك إرادة سياسية لدى القوى المطلقة والمثيرة للنزاعات والعدوان والمستفيدة منها؟؟؟ وهل لدى القوى العظمى إرادة منع النزاعات و تحقيق مثل هذا الاستقرار الضروري للنمو و التنمية؟؟؟
من المسائل التي لفتت الانتباه في المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض (والذي سماه البعض دافوس الرياض) لفت الانتباه ما قاله وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير, من أن الحرب على غزة أضرت كثيرا باستراتيجية المملكة 2030 وعطلتها. وهذا ما يوضح او يكشف أهدافا للحرب أبعد من نتائج القصف والتدمير والتهجير. أهدافا من مثل عرقلة مشاريع تنمية وازدهار كمشروع 2030 الذي هدف إلى تحقيق ازدهار في المنطقة العربية برمتها يماثل ما جرى في أوروبا من ازدهار بعد الحرب. إضافة إلى ما يسببه تمدد الحرب إلى البحر الأحمر بالاقتصاد العالمي وانخفاض موارد قناة السويس إلى النصف، وهي من الموارد الرئيسية للاقتصاد المصري المتعب. وهكذا فإن الحرب الإسرائيلية على غزة لم تضر بالاقتصاد المصري فقط، ولم ترفع أسعار المواد التي كانت تمر عبر قناة السويس بفرارها من البحر الأحمر واتخاذ طرق أطول ومكلفة أكثر، بل أضرت بإستراتيجية 2030 السعودية وعطلت إنجاز الازدهار المأمول للمنطقة. وهذا ما يكشف أبعادا خطيرة للعدوانية الإسرائيلية تتجاوز احتلال فلسطين، والاستيطان الصهيوني، وتتجاوز العدوان العسكري لتكشف أنه عدوان يطال المنطقة كلها ويعتدي على الأمن والاستقرار، ويضر بالاقتصاد والنمو، ويمنع أي محاولة للازدهار والتقدم.
بعد كل ذلك يطالب بلينكن في المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض بضمانات أمنية موثوقة لإسرائيل لتحقيق حل الدولتين، في الوقت الذي يترتب على العرب جميعاً المطالبة بضمانات أمنية، لا تتعلق بالمسائل العسكرية والاستخباراتية فقط، بل تطال الاقتصاد والاستثمار والتنمية لأن إسرائيل في كل ما تفعله وترتكبه من ممارسات تهدف أيضاً إلى إحباط ومنع أي تقدم أو نمو أو ازدهار عربي إضافة للاحتلال والاستيطان والعدوان.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة