استعادة العلاقات الأميركية الروسية

 

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أخيراً، اعتقاده بمكانة أميركا "الاستثنائية" في الساحة العالمية، إلا أنه حذّر من أنه إذا أعرضت أميركا عن مسؤولياتها العالمية..
فإن ذلك سيوجد فراغاً في القيادة، حيث لا توجد دولة أخرى على استعداد لملئه. ولا يشك أحد بأن أميركا هي القوة القائدة في العالم، وستستمر في أن تحظى بدور أساسي لتأديته. إلا أنه لا توجد دولة واحدة يمكنها التقبل، بواقعية، أن تحل، بمفردها، جميع المشكلات الشائكة التي يواجهها المجتمع العالمي اليوم.
تحتاج أميركا لشركاء موثوقين، ويمكن الاعتماد عليهم، إذا كانت تأمل بإيجاد حلول لأخطر هذه التحديات. وبفضل مُنعطفٍ غير متوقع للأحداث، قد يكون أحد حلفائها المحتملين الأكثر قيمة روسيا. ولقد تمت الموافقة على قرار، أخيراً، من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بقيادة الجهود الدبلوماسية الروسية، من أجل نقل وتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية للرئيس السوري بشار الأسد، والذي قد يتحول في الواقع ليكون فرصةً لا تقدر بثمن "لاستعادة" فعلية لعلاقة كلا البلدين.
وخلال العقد الماضي، ترتب على المصالح المتضاربة، والقيم المختلفة سوءُ فهمٍ وعدم ثقة مريران. إلا أنه من ناحية التعارض الأكثر وضوحاً، فهو مسألة خلافية لاستخدام القوة العسكرية، واحترام السيادة الوطنية.
إلا أن هذه وغيرها من النزاعات تحجب واقعاً أكثر أهمية بكثير. حيث لدى أميركا وروسيا مصالح مشتركة تعد أكثر أهمية مقارنة بالاختلافات فيما بينهما. ويشكل النضال ضد الإرهاب الدولي أولوية ملحة لكلا البلدين، اللذين أصبحا على حد سواء أهدافاً رئيسية لأعمال الإرهاب، بشكل متكرر.
لدى كل من روسيا وأميركا أيضاً مصالح مشتركة ملحة في تعزيز التجارة والاستثمار، والحفظ على الاستقرار والسلام الدوليين.
وتقدم الأزمة الحالية في سوريا استهلالاً نادراً للبلدين من أجل تخطي اختلافاتهما، وإيجاد أرضيةٍ مشتركة لشراكة استراتيجية لتحقيق العديد من الأهداف المشتركة، بما فيها الحد من أسلحة الدمار الشامل. ولقد بدأ هذا العمل، أخيراً، عندما اجتاز المحققون الدوليون خطواتهم الأولى لتصنيف وإزالة وتدمير ترسانة سوريا الضخمة للأسلحة الكيماوية.
لو تمكن كلا الجانبين من تنحية الضغائن القديمة جانباً، وتجاهل شكوك الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن، فإنهما سيتمكننان من تحقيق هدفهما العاجل لنزع الأسلحة الكيماوية من ساحة القتال في سوريا. وسيكون هذا وحده إنجازاً باهراً. كما يمكن أن يمهد الطريق "لاستعادة" فعلية للعلاقات الأميركية الروسية، ويبشر بمرحلة جديدة للعلاقة بين البلدين.


صحيفة البيان الأماراتية
نقلاً عن صحيفة «موسكو تايمز» الروسية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى