اشتباك القامشلي: «هدنة» جديدة تنتظر التطبيق
تصاعَدت الاتهامات الرسمية والشعبية لقوات «الأسايش» الكردية التابعة لـ»قسد»، باستغلال اتفاقات وقف إطلاق النار الأربعة التي أُعلن عنها في أوقات سابقة، لتحقيق تقدّم ميداني متزايد، أدّى أخيراً إلى السيطرة على كامل حيّ طي. وعلى رغم إعلان «الأسايش»، من طرف واحد، في بيان لها أوّل من أمس، التوصّل إلى اتّفاق دائم لوقف إطلاق النار، مع دعوة المدنيين إلى العودة إلى الحيّ، وذلك بعد سلسلة من المفاوضات، إلّا أن الحيّ شهد اشتباكات عنيفة مساء السبت. وفي وقت اتّهمت فيه «الأسايش» عناصر «الدفاع الوطني» بخرق الاتفاق وزعزعة استقرار المنطقة، أكد مصدر ميداني جكومي، لـ»الأخبار»، أن «الأسايش تعمّدوا خرق وقف إطلاق النار، من خلال التسلّل إلى مواقع الجيش والدفاع الوطني في حيّ طي ومحيط الفوج 54، للسيطرة على أكبر مساحة جغرافية ممكنة». وبيّن المصدر أن «الأسايش استخدموا قذائف الهاون في هجماتهم، ما أدّى الى استشهاد ملازم وعنصر من الجيش السوري»، لافتاً إلى أن «تعزيزات عسكرية وصلت إليهم من الرقّة ومنبج، ما يؤكد وجود نيّات مسبقة لخرق الاتفاق».
وعلى رغم تأكيد مشيخة قبيلة طيّ في قرية جرمز رفضها وجود «الأسايش» في حيّها، والاستعداد للمواجهة العسكرية لطردهم منه، حاولت «قسد» تجاوز هذا الموقف العشائري، من خلال إصدار بيان لما قالت إنهم «شيوخ ووجهاء الجزيرة السورية» من داخل حيّ طيّ، طالبوا فيه «الأسايش بفرض الأمان في الحيّ، وإعادة المدنيين إليه». وفي هذا السياق، يؤكد مصدر عشائري أن «كلّ شيوخ ووجهاء العشائر المعروفين في الجزيرة لم يحضروا اجتماع قسد المزعوم، بِمَن فيهم شيوخ ووجهاء قبيلة طيّ المعنيّون بالأمر»، مضيفاً إن «مشيخة قبيلة طيّ رفضت بشكل قاطع وجود أيّ عنصر من الأسايش أو قسد، ولا تقبل إلّا بوجود الحكومة السورية وقواتها العسكرية داخل الحيّ».
وبالتزامن مع ذلك، تواصلت الجهود الروسية لإنجاز اتفاق يقوم على أساس إخراج كلٍّ من «الأسايش» و»الدفاع الوطني» من الحيّ، مع دخول قوى الأمن الداخلي الحكومية إليه، لإنهاء التوتر القائم في المدينة ومنع امتداده إلى مناطق أخرى. وفي هذا الإطار، يؤكّد مصدر مقرّب من الجانب الروسي، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «بعد جولة مفاوضات استمرّت لأربعة أيام، تمّ تحديد اتفاق لوقف إطلاق النار». ويكشف أن «الاتفاق نصّ على وقف دائم لإطلاق النار، وإعادة تأهيل الخدمات في الحيّ، والسماح للأهالي بالعودة إليه، ونشر الشرطة المدنية السورية داخله، مع نشر الشرطة العسكرية الروسية كقوّات فصل بين الطرفين». ويتابع المصدر أن «الجانب الروسي يُعدُّ الضمانة لتطبيق الاتفاق، مع عدم وجود أيّ اعتراض من الطرفين على بنوده».
ويلفت مصدر ميداني سوري، من جهته، إلى أن هنالك «إصراراً حكومياً على انسحاب الأسايش من كامل الحيّ، وتطبيق بنود الاتفاق، الذي يُتوقّع أن تُنجز بنوده بعد ظهر غد (اليوم الثلاثاء)». ويشير المصدر، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الحيّ سيبقى تحت إشراف وسلطة الحكومة السورية، وفق الاتفاق»، الذي يحدّد بنوده بأنها «تبدأ بعودة الأهالي إلى الحيّ، وإزالة آثار الاشتباكات وإعادة الخدمات فيه، مع دخول الشرطة الحكومية إليه لضبط الأمان داخله». وبالفعل، شرعت الآليات أمس في فتح الطرقات، وإعادة تأهيل خطوط الكهرباء والاتصالات المتضرّرة، توازياً مع بدء عودة الأهالي، فيما يُنتظر اليوم انطلاق إجراءات نشر قوى الأمن الداخلي الحكومية داخل الحيّ، مع تثبيت مخافر لها فيه، ليكون تحت إشراف الحكومة السورية.