اشتداد التصعيد في إدلب: أيّ مصير للهدنة؟

 

فعلياً، لم يدم وقف إطلاق النار في إدلب، المتفق عليه بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما في أنقرة في الثاني عشر من الشهر الحالي، سوى ساعات. ولا يبدو أن أحداً من الطرفين يريد الاعتراف بذلك؛ إذ على رغم تنديدهما بالخروقات، وإحصائهما إياها بالتفصيل، إلا أنهما لم يعلنا بعد انتهاء الهدنة. في اليومين الأولين بعد سريانها، هاجمت مجموعات المسلحين عدة مواقع للجش السوري في ريف إدلب الجنوبي. في المقابل، شنّ الجيش السوري حملة واسعة من القصف الجوي والمدفعي على مواقع المسلحين وتجمّعاتهم في المنطقة نفسها. بعدها، انتقل التصعيد من ريف إدلب الجنوبي إلى ريف حلب الغربي، حيث بدأ المسلحون قصف أحياء مدينة حلب، متسبّبين في سقوط عدد من المدنيين. وردّ الجيش السوري على ذلك بحملة قصف واسعة في الريف الغربي، ترافقت مع تحشيد عسكري وتهديد بإطلاق عملية عسكرية، وخصوصاً أن تلك المنطقة «لا يسري عليها وقف إطلاق النار». ويوم أمس، هاجمت المجموعات المسلحة مواقع الجيش السوري في ريف إدلب الجنوبي على محور أبو دفنة، لكن الجيش تمكّن من صدّ الهجوم، قبل أن يشنّ المسلحون هجوماً آخر على تل خطرة غربي مطار أبو الضهور، ويتمكّنوا من السيطرة عليه.

في اليومين الماضيين، سلكت التطورات مساراً تصاعدياً، إذ استمرّ الجيش في حملة القصف في ريف حلب الغربي، فيما كثّفت الفصائل المسلحة في المقابل من قصف مدينة حلب، ليرتفع عدد الضحايا المدنيين بسرعة. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، مقتل 47 عسكرياً سورياً و51 مدنياً من جراء الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة في سوريا منذ الـ16 من الشهر الجاري، أي منذ ثلاثة أيام فقط. وقال مدير مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء يوري بورينكوف، في بيان: «منذ 16 كانون الثاني من العام الحالي، تعرّضت مواقع القوات الحكومية في منطقة إدلب لخفض التصعيد لهجمات من قِبَل التشكيلات المسلحة غير الشرعية 16 مرة. كما نفذت المجموعات الإرهابية خلال الفترة ذاتها 253 عملية قصف استهدفت البلدات والمدن المسالمة». وأوضح بورينكوف أن الأوضاع في المنطقة «لم تشهد تصعيداً مثل هذا منذ أيار 2019». ولفت البيان إلى أن «المسلحين، وفي حين استخدموا سابقاً بشكل أساسي أسلحة وذخيرة يدوية الصنع مثل قاذفات البالونات، بدأوا الآن استخداماً نشطاً لأسلحة وذخيرة نظامية لدول الناتو».

وخلال الساعات الـ24 الماضية، سجّل مركز حميميم «65 حالة قصف من قِبَل التشكيلات المسلحة غير الشرعية الناشطة في منطقة إدلب لخفض التصعيد». وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن التصعيد «حال دون خروج أيّ مدني خلال اليوم من منطقة إدلب بواسطة المعابر التي فتحتها القوات الحكومية السورية يوم 13 كانون الثاني». وفي هذا السياق، أكدت الوكالة السورية الرسمية، «سانا»، قيام الفصائل المسلحة بمنع المدنيين «من الخروج عبر الممرات الإنسانية في أبو الضهور بريف إدلب الجنوبي الشرقي، والهبيط في ريف إدلب الجنوبي، والحاضر في ريف حلب الجنوبي الغربي، إلى المناطق الآمنة». وأشار مراسلو الوكالة إلى أن «هناك محاولات حثيثة من قِبَل المواطنين للخروج من مناطق انتشار الإرهابيين بعد تفاقم وضعهم الإنساني نتيجة ممارسات المجموعات الإرهابية بحقهم، والتي عملت على نشر عدد من إرهابيّيها لمراقبة الطرق المؤدية إلى الممرّات على مدار الساعة، واعتقال كلّ من يحاول من الأهالي المغادرة».

وفي سياق منفصل، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمر حول ليبيا في برلين أمس، بـ«الكفّ» عن إرسال مقاتلين سوريين موالين لتركيا إلى طرابلس الليبية دعماً لحكومة فايز السراج. وقال ماكرون خلال المؤتمر: «يجب أن أقول لكم إن ما يقلقني بشدة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس. يجب أن يتوقف ذلك»، مضيفاً أن «من يعتقدون أنهم يحققون مكاسب من ذلك، لا يدركون المجازفات التي يعرّضون أنفسهم ونحن جميعاً لها».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى