اعترافات غربية مبكرة: المقاومة تتعافى… والإسرائيليون غارقون في «المطحنة»
ريم هاني
«أثبت حزب الله أنّه قادر على تجميع صفوفه تحت الضغط»، فيما تزيد «قدرته على البقاء ومواصلة القتال، من خطر أن تكون إسرائيل قد دفعت بجيشها إلى صراع دموي وطويل الأمد».
على هذا النحو، وصف تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أخيراً، التطورات الميدانية بين حزب الله وقوات الاحتلال، مشيراً إلى أنّه «بعد تعرضه لسلسلة من الضربات القاسية من قبل إسرائيل، لا يزال حزب الله يقاوم، وينصب الكمائن للقوات الإسرائيلية في لبنان، ويصعد الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة في عمق إسرائيل»، ما يعني أنّه رغم أنّ الأخيرة «قتلت جيلاً كاملاً من كبار قادته ودمرت جزءاً من أسلحته»، فلا يزال الحزب قادراً على «تحويل الصراع الأكثر دموية في لبنان منذ عقود إلى مطحنة طويلة الأمد بالنسبة إلى إسرائيل».
ويردف أصحاب هذا الرأي أنّ الغزو الإسرائيلي للبنان كان يهدف إلى «إجبار حزب الله على وقف هجماته»، بيد أنّه، وبدلاً من ذلك، أصبح «يكثفها»، وأبرز مثال على ما تقدم، الهجوم الذي استهدف منزل بنيامين نتنياهو، وهو الثاني التي ينفذه الحزب بطائرات مسيرة، أثبتت «قدرة الجماعة على اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية»، جنباً إلى جنب تكثيف عدد الصواريخ التي بلغت «المئات»، في الأيام الماضية، مقارنة بعشرات الصواريخ التي كانت تُطلق في المدة السابقة.
ووسط المزاعم الإسرائيلية بتدمير جزء كبير من «قدرات حزب الله العسكرية»، نقلت الصحيفة عن محللين وديبلوماسيين عسكريين قولهم إنّ الأخير لا يزال قادراً على استيراد المزيد من الأسلحة، ولديه «آلية محكمة لاستبدال القادة الذين قتلوا». ويصف أحد هؤلاء، وهو دانيال بيمان، من «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» في واشنطن والمسؤول السابق في الحكومة الأميركية، حزب الله، بـ«المجموعة القادرة على التكيّف، والذكية والمصمّمة، والمستعدة لتحمل الخسائر».
وفي ما يتعلق بالمرحلة القادمة من الحرب، يرى مراقبون أنّ عدم تراجع إسرائيل قد يدفع بالحزب إلى الكشف قريباً عن أسلحة أكثر تطوراً، لافتين إلى أنّه من بين الأسباب المحتملة التي جعلته يؤجل تلك الخطوة حتى الآن، عدم استهداف إسرائيل للبنية التحتية الرئيسة على امتداد الأراضي اللبنانية، والحاجة إلى الوقت للقيام بالإجراءات التشغيلية لهذه الأسلحة، بالإضافة إلى اتباع حزب الله «استراتيجيته المعتادة» في حروبه مع إسرائيل، والمتمثلة في الكشف «تدريجياً» عن قدراته، وبالتالي، استنزاف العدو قدر الإمكان.
وفي السياق نفسه، يلفت تقرير نشره «المجلس الأطلسي»، الثلاثاء، إلى أنّ حزب الله قد يلجأ إلى «أنظمة صواريخ أكثر تقدماً، بأعداد ووتيرة أكبر، إذا استهدفت إسرائيل البنية التحتية»، مشيراً إلى أنّه «من طبيعة الحزب التصرف بشكل تدريجي عند مواجهة الجيش الإسرائيلي، والاحتفاظ ببعض أسلحته الأكثر تقدماً حتى تدعو الحاجة إليها، والاحتفاظ بعنصر المفاجأة»، نظراً إلى أنّه في حال صعّدت إسرائيل هجماتها، فسيكون على حزب الله التصعيد بالمثل.
وينقل التقرير عن معلومات استخباراتية إسرائيلية أنّ «قوات الحزب على الخطوط الأمامية لا تزال منضبطة، وتحافظ على تسلسل هرمي عسكري صارم»، فيما تتمتع الوحدات المقاتلة على الأرض بـ«قدر كبير من الحكم الذاتي لمواجهة القوات الإسرائيلية»، وهم «يدركون مهمتهم، ويمكنهم المضي قدماً من دون الحاجة إلى البقاء على اتصال دائم مع القيادة».
وبحسب الرأي المتقدم، فمن «وجهة نظر حزب الله، ورغم الضربات التي يتلقاها، فإن الوقت يصب لمصلحته»، لأنّه «في حال افترضنا أنه قادر على تحمل الضربات الجوية اليومية”، فإن كل ما يتعين عليه فعله هو “الحفاظ على إطلاق الصواريخ إلى شمال إسرائيل ومواجهة تحركات القوات الإسرائيلية على الأرض»، وهو ما «سيحرم إسرائيل من القدرة على إعادة الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم إلى منازلهم»، وقد يدفع نتنياهو، إمّا إلى القبول بحل تفاوضي، أو تصعيد الصراع.
وفي حديث إلى صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، وصف مسؤول في جيش الاحتلال، وهو واحد من أربعة مسؤولين أمنيين إسرائيليين تحدثوا إلى الصحيفة، حزب الله بـ«العدو الهائل»، لافتاً إلى أنّ مقاتليه أصبحوا مدربين بشكل أفضل وأكثر خبرة بعد القتال في سوريا، ويمتلكون أسلحة أكثر تقدماً مقارنة بعام 2006.
كما تنقل الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين ولبنانيين قولهم إنّ الحزب «تعافى من نكساته غير المسبوقة»، وهو يخوض معركة شديدة ضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان، و يواصل ضرب الصواريخ عبر الحدود، ما يؤكد «مرونة الجماعة ومحدودية الحملة البرية الإسرائيلية»، ويرجع ذلك، جزئياً، إلى تمرس الحزب في «خوض حرب العصابات، ومعرفته جيداً لطبيعة الأرض، وهيكل قيادته المرن، ومساعدة من إيران وسنوات من التخطيط للتصدي لغزو إسرائيلي».
وتُذكّر الصحيفة بأنّه عندما أرسلت إسرائيل قواتها عبر الحدود في الأول من أكتوبر، «قدّر المسؤولون هناك أن العمليات العسكرية ستستمر لبضعة أسابيع»، إلا أنّه بعد أكثر من ثلاثة أسابيع، قال المسؤولون أنفسهم إنهم «سيحتاجون على الأرجح إلى بضعة أسابيع أخرى»، ما أثار مخاوف بشأن «تمدد المهمة» الإسرائيلية، كما حصل في الحروب السابقة مع لبنان.
صحيفة الأخبار اللبنانية