الأردن وإسرائيل.. هل عادت مياه إلى مجاريها؟: أنباء عن دعوة ملكية لشريك نتنياهو بعد لقاء الصفدي- اشكنازي على جسر الملك حسين دون صور..

 

في أول تواصل مباشر منذ سنوات، التقي وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بنظيره الإسرائيلي غابي اشكنازي في جسر الملك حسين الخميس الماضي، ودون نشر أي صور من جانب الأردن أو الحكومة الاسرائيلية، في خطوة من الواضح أنها تمهّد لإعادة المياه إلى مجاريها في التواصل الحكومي بين الجانبين اللقاء المذكور، يمكن اعتباره أول ثمار التحالف الثلاثي الذي تبلور في قمّة أبوظبي التي عقدها ولي العهد الشيخ محمد بن زايد وجمعت عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة. وهي قمّة تبعها عددٌ من القرارات المشتركة، ما يظهر رغبةً في إحياء جناحٍ من نادي الملكيات العربية متمثلاً بالثلاثي الأردني- البحريني- الإماراتي، ولعل أهم ما يميزه هو اشتراك الدول الثلاث بعلاقات مع إسرائيل.

اجتماع الصفدي بأشكنازي يحمل بالضرورة دلالات واسعة، خصوصا وانه يأتي بعد يومين من استقبال الصفدي نفسه وزير خارجية مملكة البحرين الدكتور عبد اللطيف الزياني والذي زار (أي الزياني نفسه) إسرائيل بالتزامن مع انعقاد القمة الثلاثية في أبو ظبي، وعقد محادثات موسّعة تبعها مؤتمراً مع اشكنازي (وزير الخارجية عينه)، ولاحقاً مؤتمرا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

بهذا المعنى، يبدو أن البحرين لعبت دورا مهماً في ترتيب اللقاء الأردني- الإسرائيلي، ويمكن من قراءة الخبر الأردني الرسمي، تلمّس أن عمّان تحاول إظهار ان اللقاء مع أشكنازي لا يعتبر تقارباً مع جناح نتنياهو، وهي مراهنة تنبأت بها “رأي اليوم” منذ إعلان صفقة القرن، حيث سيتحول جناح وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس الوزراء المقبل بيني غانتس واشكنازي لجناح يعوّل عليه العرب، وتحديدا عمان.

غانتس كان قد صرّح من واشنطن عن كونه سيتواصل مع الجيران العرب لبناء تفاهمات على الملفات المشتركة، وحدد انه سيعمل مع عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، وهو الأمر الذي يبدو انه مقبل قريبا حيث أعلنت صحيفة “جيروزالم بوست” السبت ان الجنرال بيني غانتس تلقى رسالة من الملك يدعوه فيها لزيارة عمان ولقائه، وهو أمر ستتكشف حقيقته لاحقا.

والجنرال غانتس أيضاً هو من قاد المصالحة العاجلة مع الفلسطينيين قبل أسبوعين والتي تضمنت عودة التنسيق الأمني ودفع أموال الضرائب للسلطة وادت لخروج محمود عباس بزيارتين للأردن ومصر تراهن عمان على جناح غانتس إذن، وتمضي بالتزامن أيضا بتحالف ثلاثي على كل المستويات مع الامارات والبحرين، إذ اسهم الأخير في فتح قنصلية فخرية اردنية في مدينة العيون وذلك لاحقا لخطوة إماراتية في ذات السياق، وتبعت عمّان المنامة بخطوة مشابهة. ما يوحي بالدعم الملكي الثلاثي للمملكة المغربية بالتزامن. ما يوحي باستدارات جديدة في بوصلتها السياسية لصالح تقوية التحالفات المذكورة.

ولكن في العلاقة مع إسرائيل، كان هناك مؤشرات متتالية، من بينها إعلان مسؤولين إسرائيليين نقل مسؤول اردني كبير إلى مستشفى هداسا الإسرائيلي بالتزامن مع وجود كبير المفاوضين الفلسطينيين الراحل صائب عريقات فيه؛ والتواصل الأردني الحثيث مع حلفاء إسرائيل الجدد في أبو ظبي والمنامة.

على صعيد موازٍ، لا يزال من غير الواضح ما الذي تتوقعه عمان من جناح غانتس- اشكينازي، وهو الجناح الذي يتجاهله بنيامين نتنياهو في علاقاته العربية الأخرى، رغم انه من المنتظر ان يقود غانتس الحكومة الإسرائيلية قريبا وفق تفاهمات التحالف البيني فيها.

الأردن عانى خلال السنوات الأخيرة من الكثير من الصلف الإسرائيلي، سواء في التعامل مع المقدسات التي تشرف عليها عمان ضمن الوصاية الهاشمية، أو بالتعامل مع ملفات حساسة جدا للاردن كوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) والتي سعى نتنياهو لتفكيكها، إلى جانب معارضة عمان بالضرورة لخطط الضم الإسرائيلية للمستوطنات وغور الأردن. وهذه ملفات من اخطر ما يؤرق عمان في المرحلة الحالية واللاحقة.

العاصمة الأردنية أيضا تحتاج للكثير من الضمانات على عدم تسوية أي ملف في الخطة الاقتصادية للسلام على حسابها وحساب أراضيها وديمغرافيتها، وهنا ضمانات قد لا تستطيع الحكومة الإسرائيلية بتركيبتها الحالية تقديمها، في ضوء سيطرة اليمين والليكود.

بكل الأحوال، تتسق الخطوات المذكورة والتقارب الخجول مع جناح غانتس في الحكومة الإسرائيلية مع التحالف الثلاثي من جهة ومع صعود الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن والذي قد يدعم بوضوح جناح غانتس على نتنياهو وهو ما يراهن عليه الأردن بصورة واضحة اليوم.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى