الأربعاء الماضي وصل الأسد إلى موسكو وتباحث مع الرئيس بوتتين. والخميس بعد عودته إلى دمشق نشر الكرملين بيانه حول الزيارة. مشددا على أن الرئيس الروسي مهتم بسماع رأي الأسد. خاصة وأنه يرى أن هناك ميلا ل “تصعيد خطير” في المنطقة. وردا على سؤال أحد الصحفيين. إن كان اللقاء بحث موضوع التقارب السوري التركي. أجاب المتحدث باسم الكرملين. أن اللقاء (بحث تطورات المنطقة والتسوية فيها و تطرق إلى احتمال لقاء الأسد أردوغان) ولولا سؤال الصحفي ربما لم يجر التطرق لقصة لقاء الرئيسين التركي والسوري. ومدى احتمالية حدوثه.
عندما يصدر عن الرئيس بوتين أن المنطقة متجهة لتصعيد خطير فإن الأمر يشير إلى إمكانية وقوع حرب واسعة وخطيرة ستكون سوريا في وسطها. وبذلك يصبح لقاء الأسد بوتين أكثر أهمية. لأنه يعني تعاون الحليفان واستعدادهما لمواجهة مثل هذا التصعيد الخطير. طبعا سورية ليست حليف استراتيجي لروسيا فقط. بل هي جزء من المدى الاستراتيجي للأمن القومي الروسي. وهي العمق للمجال الحيوي لمصالح روسيا الإستراتيجية. وهذا ما يجعل من تعاونهما في مواجهة أي تصعيد. تعاونا عضويا لابد أن يترجم بدعم يتقدم للجيش العربي السوري بتسليح أحدث وأفعل. وبتقوية للمجتمع السوري اقتصاديا. فهل توصل الرئيسان إلى وضع خريطة طريق لتحقيق هذا الدعم للجيش. والإنجاز لهذه التقوية الاقتصادية للبلد والمجتمع السوري. خاصة وأن روسيا كما أتضح من سياساتها تؤمن أن سورية تشكل الجناح المقابل لجناح أوكرانيا من حيث المصالح الروسية الاستراتيجية في العالم. فهل سنرى إسهاما روسيا قويا في التعاون مع سورية بمواجهة التصعيد الخطير المحتمل؟؟
من الواضح أن رعاية الرئيس بوتين للتقريب بين أردوغان والأسد مبنية على أساس (رؤية روسية إستراتيجية للإقليم) تحتم علاقة طبيعية وغير صدامية بين تركيا وسورية. ولابد أن هذه الرؤية الروسية للمنطقة تعتبر أن احتمال تصعيد خطير فيها كان سببا آخر دافعا لتسريع التقريب بين أنقرة ودمشق. وطالما أن سورية متمسكة بحقوقها السيادية. من ضرورة انسحاب القوات التركية إلى وقف دعم الفصائل الإرهابية. ولأن تركيا من الجهة المقابلة متمسكة بضرورة تأمين أمنها القومي على الحدود قبل سحب قواتها. لذلك لا يبقى من حل إلا بدور للراعي الروسي يوجب أن تقوم من خلاله موسكو بتأمين دعم عسكري للجيش العربي السوري بحيث يستطيع ضبط الحدود وتأمين حصته من أمن الحدود مع تركيا. وربما تتعهد موسكو بتسير دوريات على الحدود من الجانب السوري. أو تضمن دعم الجيش السوري حتى يؤمن القيام بدوره الطبيعي في هذه الناحية. وهذا ما يحل أكبر مشكلة في وجه التقارب السوري التركي. إذن الدور الروسي هو السر في تجاوز ما يعيق التقارب بين أردوغان والأسد. فهل سنرى إجراءات توفر امكانيات تحقيق مثل هذا الدور الروسي؟؟؟
أما موضوع وقف تركيا لدعمها للفصائل الإرهابية. فإن تجارب أنقرة تشير إلى أنها صاحبه سوابق بالانقلاب على مثل هذه الفصائل. وإنهاء دعمها لهم. وإلغاء وجودهم كتنظيمات عسكرية على أراضيها. ويمكن لتركيا إنجاز هذه الخطوات بالتنسيق مع موسكو. وباطلاع سوري لمالات هذه التنظيمات حرصا على الأمن القومي السوري.
تبقى قضية اللاجئين. وتأمين شروط وظروف عودتهم إلى سورية. وهذا ما يستدعي دعما اقتصاديا لسورية وتعاونا تركيا معها لتجاوز معيقات العقوبات الاقتصادية. الأمر الذي يمهد لفتح طريق عودة اللاجئين إلى بلدهم. خاصة وأن تركية خبيرة في تجاوز العقوبات الغربية. ويمكن أن تشكل مخرجا اقتصاديا يساعد سورية في إعادة اللاجئين إلى بلدهم. هذه العودة التي تسعى إليها تركية. باعتبارها هدفا استراتيجيا ملحا لحكومة حزب العدالة والتنمية. وهذا الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في تجاوز العقوبات. لا يمكن أن يتم إلا برعاية روسية. وبدعم اقتصادي استثماري روسي وربما تركي. يجعل من قضية عودة اللاجئين أمرا ممكن متاحا ولو بالتدريج المرتبط بالتدرج في المساعدة الاقتصادية لسورية وتمكينها من توفير شروط وظروف العودة اللائقة للاجئين.
الاستراتيجية السورية القائمة على (المضي قدما على أساس السيادة الكاملة) تستطيع تجاوز صفحة الماضي مع تركيا على أساس بناء مستقبل يحقق مصلحة الشعبين التركي والسوري. وفق مبدأ حسن الجوار واحترام سيادة وآمن ومصالح البلدين الجارين. وتأتي الرعاية الروسية لتكون الداعم والضامن لهذا المسار من التقارب السوري التركي بما يحقق قوة واستعدادا للمنطقة عامة.و لسورية خاصة في مواجهة أي تصعيد خطير تواجهه المنطقة ويتخوف منه السيد بوتين.
زيارة الأسد إلى موسكو ومباحثاته مع بوتين خطوة متقدمة في مسار مواجهة المخاطر المتفاقمة من العدوان الإسرائيلي وامتداداته باتجاه المنطقة. وأن التوافقات الروسية السورية تشكل ترسخا لأسس نظام إقليمي قوي يتقدم في مواجهة أي مخاطر متدحرجة عن العدوان الإسرائيلي. و يتطور في اتجاه بناء استقرار وامن وازدهار كل دول المنطقة.
بوابة الشرق الاسط الجديدة