الأعداء ولا شيء آخر
لقد انتهى الفيلم، وما علينا إلا تصويره
أنطونيوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ 1 ـ
قبل العدوان:
ترامب شخصية محيّرة. فهو نرجسي مالي، قبل انتخابه، ومغرور سلطوي، بعد فوزه. احتار، من اليوم الأول ، بماذا يغرد غراب البين على تويتره؟ واحتارماذا يفعل بما يجهل عن الشعوب والبلدان والحوادث، فذهب إلى ما يعرفه: المال الداشر في الخليج. داعياً أصحاب النقصان المزمن ، الطالبين حصاناً أبيض من البيت الأبيض ، ليعودوا( من إصطبله) برسنٍ فقط.
من نافذة بيتنا… أرى دمشق المضاءة المتوجسة من عتم ما بعد صواريخ ترامب الذكية، فأقول لنفسي: سيكون غبياً لوفعلها… فهو يحصل على ما يريد بطريقته الاحتضانية الودودة في المصافحات مع ملوك وامراء النفط .
أما دمشق…
دمشق لديها خبزها، ولديها خبرتها بالغزاة، ولديها فكرتها عن مسألة البقاء الى”الأبد”.
ـ 2 ـ
بعد العدوان:
يجب إعادة الاعتبار لتلك الطريقة القديمة في الشكر… تقبيل كل يد أطلقت صاروخاً على صواريخ
عدوان، ليلة أمس، على سورية. العدوان، على سورية، جريمة شرف.
ـ 3 ـ
أمريكا لا تهتم بالمفاهيم أيضاً. فعشية وصول لجنة التحقق من استخدام الكيميائي في دوما… أطلقت الحرب على سورية. الحرب التي تضاف إلى سجل الذرائع ثلاثية القوة الغاشمة: “التهمة، الإدانة، التنفيذ”.
ليس هناك منطقة وسطى بين النائب العام والجلاد.
ـ 4 ـ
انتظار الضربة كان أسهل على السوريين من الضربة نفسها. لقد كانت المجهول الغامض(قبل) وأصبحت المعلوم الواضح (بعد).
في الصباح تفقد الناس مدينتهم، وفي المساء احتفلوا بنجاة مدينتهم. ومع ذلك… ثمة شيء محزن في تأمّل الوجوه الصبورة في سورية. صبورة مع نبرة فقدان الأمل بصياغة حياة سعيدة في هذه البلاد التي علتها ومصيبتها… حسناتها.
ـ 5 ـ
لم يعد يؤسفني اكتشاف الصغائر في الحيّز الأخلاقي لبشر يتعيشون على نقصانهم. يأخذون ثمناً لوطنيتهم المحلية،(معارضة الشماته) من أموال ادارتهم العالميه (حارسةالفضائل).
أنا من دعاة إعادة تعريف الأشياء والمفاهيم والقيم. بما في ذلك “الوطنية”… كلمة الوطنية التي تعني، في أصغر معانيها، الانتماء إلى بلد معين ـ أم معنية على شكل أرض، يقول حكماء الهنود الحمر: لا تبصق على الأرض… فهي أمّنا.
لكن … في أحسن وأسوأ تعريف، لا يمكن اعتبار الشماتة بسورية وهي تحت النار الأمريكية، البريطانية، والفرنسية، في لحظة ليل المفاهيم ، نوعاً من وجهات النظرالوطنيه… بل النوع النموذجي لوضاعة التابع ، مسبق الصنع !