الأفكار السورية لما بعد الحرب، والعقبات التي تواجهها !
دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط
أطلقت الحكومة السورية مشروع “البرنامج الوطني لسورية ما بعد الحرب ” ويهدف إلى وضع آليات وخطط لرسم ملامح للمشهد السوري في المرحلة المقبلة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية لتعزيز مقومات الصمود والعيش.
وفي البيان الذي نشره موقع رئاسة مجلس الوزراء وقتها نتعرف على مكونات البرنامج بحيث يتألف من محاور عدة تتضمن البناء المؤسسي وتحديث البنى التحتية و تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة ومحور التنمية الإنسانية الذي يتضمن التكوين الاجتماعي والتربوي والتعليمي والثقافي إضافة إلى التطوير ومحور الحوار الوطني .
وفي إشارة مهمة لمصدر حكومي تم إيضاح أن المشروع أعد بالتعاون مع الشركاء الوطنيين المعنيين، وفي اجتماع لافت تم قبل أيام عقده فريق عمل مختص بالموضوع يتألف من 200 مختص من جميع قطاعات ومكونات الدولة مع رئيس الحكومة السورية المهندس عماد خميس اعتبر رئيس الحكومة أن مشروع «سورية ما بعد الحرب»، هو استراتيجي بامتياز يهدف إلى معالجة آثار الحرب من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والخدمية واستعادة مسارات التنمية استناداً إلى قدرة المجتمع والاقتصاد السوري على الصمود والتعافي والنمو، مشيراً إلى وجوب الاستعداد إلى مرحلة ما بعد الحرب بالتنسيق والتعاون مع اللجان الأخرى المعنية بإعادة الإعمار والإصلاح الإداري.
وهذا يعني أن سورية شرعت بالإعداد لما بعد الحرب قبل أن تنتهي، لأن نهاية الحرب رغم كل ما تحقق على الصعيد الميداني، مرهونة بمجموع التوافقات التي يجري الإعداد لها على مستوى الحل السوري سواء في جنيف أو أستنة أو حتى مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي الذي لم يعقد بعد، وهذه التوافقات ذات بعد وطني /محلي وعربي وإقليمي وحتى دولي، لأن طبيعة الحرب التي دارت خلال السنوات السبع التي مرت تحمل كل هذه المعطيات.
ويغدو طرح المشروع في هذه الظروف نوعا من الحيوية وفي الوقت نفسه هو معالجة مبكرة ينبغي أن يسبقها دراسات كثيرة تتعلق بالحرب نفسها ونتائجها وما يترتب عليها من نتائج يبدو حتى الآن أنها في صالح الدولة السورية وهذا عامل مشجع ولكنه غير كاف لانضاج مشروع وطني كامل لما بعد الحرب كما يبدو من الحديث عن العقبات التي تذكرها الجهات السورية المختصة.
في العودة إلى المشروع نتعرف على مضمونه من خلال ما قاله الدكتور عماد صابوني رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي عن خمسة محاور تشمل ” المؤسساتي والخدمي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتي تتضمن البناء المؤسسي وتعزيز النزاهة وتطوير وتحديث البنى التحتية والنمو والتنمية الإنسانية والاجتماعية والحوار الوطني، حيث تم تشكيل 12 فريق عمل من كل الجهات مع تحديد مجالات عمل كل محور”
ليس هذا فحسب، بل إن هناك فترة زمنية حددت لتنفيذ المشروع على أساس أن هدف البرنامج هو وضع خطة إستراتيجية لمرحلة ما بعد الأزمة مع تحديد الأهداف والسيناريوهات المختلفة على المستوى المتوسط وأحياناً المستوى الطويل، وفي تصريحات ذات بعد سياسي نقل عن الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين أن المشروع المهم يهدف إلى استثمار إمكانات سورية وعرض المشروع إلى المجتمع الدولي للمساهمة في إعادة إعمارها كتعويض للشعب السوري عن الأضرار التي لحقت به ..
في الاجتماع الأخير مع فريق العمل قالت إحدى الصحف السورية (تشرين) إن رئيس مجلس الوزراء، بدا متفائلاً بعد استماعه إلى معاوني الوزراء المكلفين برئاسة فرق عمل المشروع ، حيث عرضوا على طاولة الحكومة نسب التنفيذ في الوزارات المعنية، والتي تجاوزت في أغلبها نسبة 80% !
وهذه النسبة متفائلة، لولا أنه تم استثناء المحور المتعلق بالإصلاح المؤسساتي، وذلك على لسان رئيسة الفريق المكلف بإعداد التقرير التحليلي حول واقعه حاجته إلى وقت أطول من أجل إعداد ورقة عمل واقعية وليست ورقية، والمقصود هنا وزيرة التنمية الإدارية سلام سفاف، فالحامل الأساسي لأي مشروع حكومي مهما كان طموحا هو المؤسسات، فكيف إذا كان مشروعا يتعلق بالتعامل مع آثار سنوات من الحرب المدمرة لكل البنى المجتمعية ؟!
المجتمعون، كما نقل من داخل الاجتماع، كانوا متفقين على أن أبرز المشاكل التي واجهتهم تمثلت بتقييم الأضرار والخسائر ومخرجات البحث العلمي وجمع البيانات والمعلومات الدقيقة بسبب تداعيات الحرب وعدم مقدرة المكتب المركزي للإحصاء على تقديم الأرقام المطلوبة باعتبار أن بعضها سري ولايجوز التصريح عنه إلا بإذن من اللجنة الاقتصادية أو رئيس مجلس الوزراء حصرياً..
في النهاية نحن أمام مشروع /حلم يتعلق برسم مستقبل وأسس بناء لهذا المستقبل، وقد قيل إن هناك أحلاما تتحقق ، ومن أجل تحقيقها (في مثالنا هذا) يفترض تجييش كل البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى العسكرية لرسم الطريق السليم لها .
إن التغلب على العقبات التي تواجه هذه المشروع هو نوع من حرب جديدة يمكن تسميتها بحرب إعادة البناء، ومقومات نجاح هذه الحرب تبنى على التضحيات وإدارة الصراع بالاستفادة من كل الإمكانات المتاحة محليا وعربيا وإقليميا ودوليا !