الإدارة الامريكية تكشف أوراقها دون خجل: لا مؤتمر للسلام ولا جهود لدفع عملية سلام في الشرق الأوسط
كشف وزير الخارجية الأمريكي اليوم بتصريحاته اوراق الإدارة الامريكية بشأن الجهود التي وعد بها بايدن الشرق الأوسط لدفع عملية السلام للامام وتنفيذ ما تراه الإدارة الامريكية حلاً للصراع في الشرق الأوسط ، أي حل الدولتين.
وزير الخارجية الامريكي قال انه لا يوجد لدى الادارة الامريكية الان اي نية او برامج او خطط لبدأ عملية جادة في الشرق الأوسط ، واتبع ذلك بشرح الأسباب وكأنما كما كان ينتظر مبررات لإعلان المخطط الأمريكي الذي جاء به بايدن الى البيت الأبيض او المخطط الذي وجده بايدن في البيتالس الأبيض قبل دخوله للبيت الأبيض حاكماً.
تلك الأوراق التي تركها الرئيس السابق ترامب حول رؤيته للحل في الشرق الأوسط.
ما قاله وزير الخارجية الامريكي هو ان المشاكل السياسة التي تغرق فيها الاحزاب السياسية الاسرائيلية والمشاكل السياسة التي تغرق فيها السلطة الفلسطينية ، تجعل من الصعب جداً على الادارة الامريكية ان تتخذ اي خطوة مبادرة او تبذل اي جهد فعال ونافع بشأن تحريك قضية السلام في الشرق الأوسط.
وهذا يعني انه لا يوجد لدى الادارة الامريكية اي نية لتحريك تنفيذ ما وعدت به او حتى تنفيذ أي وعد من وعودها خاصة تلك الوعود والتعهدات التي اطلقت اثناء الحرب التي اشتعلت بين القوى المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني.
فقد سارع الرئيس الأمريكي واجرى ثمانين اتصالاً من اجل وقت الحرب ليس حماية للفلسطينيين او دفاعاً عن اطفالهم او نسائهم الذين قتلتهم اسرائيل في أسرتهم في منازلهم بل دفاعاً عن اسرائيل وخشية ان تنهار مؤسسة الدولة الصهيونية واحدة تلو الاخرى ان هي أكملت المقاومة الفلسطينية حربها على مدى أبعد مما جرى حتى تلك اللحظة.
اجرى بايدن ثمانين اتصالاً لاقناع الاسرائيليين بوق الحرب واجرى الاتصالات لاقناع وكلائه في المنطقة وحلفائه بالزج بكل جهودهم وعلاقاتهم من أجل الوصول الى وقف اطلاق النار.
لكن نتنياهو الذي مازال حاكماً حتى تلك اللحظة عرف كيف يتناول بايدن وكيف يجبر بايدن على الانصياع لشروط اسرائيل.
فلقد اطلق بايدن في تلك الفترة وعوداً كثيرة على لسان وزير خارجيته وعلى لسان الناطق بإسمه وعلى لسان مستشاره القومي بأن الإدارة الامريكية تريد وقف كل اسباب التوتر التي دفعت الامور نحو الاشتباك الخطير خاصة تلك المتعلقة بالقدس وتهجير العائلات من احيائها خاصة حي الشيخ جراح وسلوان وكذلك حماية الاقصى من التوترات والهجمات والاقتحامات، اي وعدت الادارة الامريكية باعادة اوضاع القدس الى ما كانت عليه من حيث منع اسرائيل تصعيد اجراءاتها الاجرامية التهجيرية والتعذيبية والاضطهادية ضد اهالي القدس لدفعهم للهجرة وهدم بيوتهم واخراجهم من املاكهم ، وكذلك بالنسبة للمسجد الأقصى فقد وعدت الادارة الامريكية بعدم المساس به.
لكن كل هذه الوعود التي اطلقت اثناء المعركة ومن أجل التوصل لوقف اطلاق النار لم تنفذ ولم تأخذ بحقها أي اجراءات ولم تنتقد الادارة الامريكية بأبسط الكلمات استمرار اسرائيل في اضطهاد اهالي القدس واستمرار اسرائيل في اقتحام الاقصى واستمرار اسرائيل وتصعيدها استخدام الرصاص الحي لقتل أبناء القدس والضفة الغربية دون سبب سوى قتل الفلسطينيين.
وزير الخارجية الامريكية يقول الاوضاع داخل اسرائيل وداخل السلطة لا تشجع الادارة الامريكية ولا تجعلها قادرة على التحرك باتجاه تحريرك قضية السلام في الشرق الأوسط.
وزير الخارجية الامريكي يعني بهذا الكلام ان ما سبق ان نكثت به الادارة الامريكية من وعود حول وضع حد لممارسات اسرائيل الارهابية العنصرية ضد الفلسطينيين كلام فارغ وانها ستستمر في اغلاق عيونها وسد اذانها عما يجري من جرائم يومية ترتكبها اسرائيل وقوات الاحتلال والمستوطنون المسلحين وقوى الامن والشرطة والمخابرات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في الشمال والوسط والجنوب ، واستمرار هذه المعركة يعتبره وزير الخارجية الامريكي امراً لا يتيح للإدارة الامريكية تدخلاً معه بسبب التعقيدات السياسية داخل اسرائيل وداخل السلطة الفلسطينية.
ماذا يعني وزير الخارجية، وزير الخارجية بكلام اخر يقول للاسرائيليين ولبينيت تحديداً ان هنالك ضوء أخضر لاستمرار حملة التصعيد ضد الشعب الفلسطيني ولإستمرار بتصعيد حملة نهب الارض الفلسطينية والسيطرة عليها وبناء المزيد من المستوطنات وان هنالك وربما لبقية فترة حكم بايدن هنالك كل الوقت متاح للحكومة الاسرائيلية لتحول الضفة الغربية كأمر واقع الى يهودا والسامرة لتأتي بعدها كل الحجج التي تقول بحل الدولتين لتبرهن انها حجج واهية اذ ان اسرائيل ستكون مع ذلك الوقت قد حولت الضفة الغربية الى يهودا والسامرة.
لقد قامت اسرائيل ببناء ثلاثمائة مستوطنة جديدة خلال عام من الزمن ، وليس في حسابتنا هنا تلك الزيادات على الوحدات السكنية في المستوطنات التي كانت قائمة وهي تسعى الان للسيطرة على ما تبقى الان من نقاط استراتيجية تحيل حياة الفلسطينيين الى جحيم وتحول قراهم ومدنهم الى جزر معزولة مطوقة من مسلحين يدعون مستوطنين لكنهم في حقيقة الامر جنود احتلال يحتلون وينهبون الارض الفلسطينية ويطلقون الرصاص الحي على اطفال ونساء ورجال فلسطين لتركيعهم واخضاعهم للاستعمار الصهيوني.
لقد سبق ان فسرنا ان الادارة الامريكية لا تنوي الشروع في أي جهد لبحث اوضاع الشرق الأوسط وانها تترك لإسرائيل كل الحرية للبطش وارتكاب الجرائم ونهب الأرض وتهجير الفلسطينيين دون ان تقول لهم كلمة انتقاد واحدة وتعتمد الإدارة الامريكية على الطرف الفلسطيني الذي تتشاور معه لضبط الأوضاع بحيث يمنع ردود الفعل الفلسطينية من الوصول الى حافة الانفجار.
لكن الرئيس محمود عباس قال في كلمته امام الامم المتحدة انه يعطي عاماً كاملاً من أجل بذل جهد سياسي للوصول الى حل الدولتين ، وطالب غوتيرش بأن يدعو الى مؤتمر دولي تحضره اللجنة الرباعية ، ان الرئيس محمود عباس سوف يفعل كل ما يستطيع من أجل ضبط الامور وعدم السماح بانفلاتها نحو تفجرات أكبر في وجه قوات الاحتلال.
كذلك تعتمد الادارة الامريكية على ان بينيت ، الرجل الضعيف، سوف يستمر للخضوع لأراء وأفكار واقتراحات وخطط الصقور الذين يحيطون به سواء في القوات المسلحة الاسرائيلية او المخابرات او الاستخبارات او الشرطة ، يخضع لهؤلاء لأنه اسرائيلي جديد امريكي القلب والقالب وهو مواطن امريكي قابل الرئيس بايدن بصفته رئيساً لوزراء اسرائيل لكنه خضع له كمواطن امريكي.
نعود الان للوضع، اذن ما العمل، لابد من مراجعة المواقف السابقة ، ولابد من حساب أدق لنصائح حلفاء امريكا الذين ابدوا استعدادهم لمساعدة فصائل المقاومة وبرهنوا انهم جادين باتجاه وقف اطلاق النار لكنهم ابرزوا على الطاولة ان وقف اطلاق النار هذا تم دون شروط أي حتى دون الوعود التي وعدت بها الادارة الامريكية اثناء القتال وهي ازالة اسباب التوتر في القدس سواء بتهجير أهل الشيخ جراح وسلوان او باقتحامات المسجد الأقصى.
ان اعادة النظر والتدقيق في قرار وقف اطلاق النار يظهر بوضوح ان كل حلفاء أمريكا الذين اظهروا صداقتهم للمقاومة شكلاً ، وعملوا لمصلحة اسرائيل موضوعاً ، كلهم كانوا يسعوا لتلبية طلبات بايدن وليس احتياجات الشعب الفلسطيني ، هؤلاء جعلوا من المقاومة تقع في مكيدة ومصيدة وقف اطلاق النار دون شروط ، مما جعل كل الشهور التي مضت بعد وقف اطلاق النار وقتاً سائباً وضائعاً ومجالاً للتنازل والتراخي من أجل دخول شاحنات النفط وشاحنات مواد البناء وحتى الان لم تبدأ عملية اعادة بناء غزة ، سيمر عام كامل دون ان تبدأ تلك العملية ، خشية ان تدخل مواد البناء الى قطاع غزة لتستخدم في اهداف اخرى.
ان اي عملية مراجعة سريعة أو طويلة ، عميقة او سطحية ستظهر بوضوح ان هنالك خطأ كبير وقعت به المقاومة اذ لم تثبت مطالبها كشروط لوقف اطلاق النار ، لكن هذا لا يمنع المقاومة من ان ترفع من كفة الميزان الاخرى في المقاومة ضد العدوان والاحتلال وهي مقاومة الضفة الغربية وهذا بدأ وهو واضح مما يدور في الضفة الغربية الان ان المقاومة تتصاعد في كل مكان ولكن دون ان تكون موحدة الجغرافيا وموحدة الزمن ومن المطلوب من غرفة عمليات المقاومة ان تجعل من هذه المقاومة موحدة جغرافياً وزمانياً بحيث يصبح جيش الاحتلال منشغلاً كل الانشغال على جبهة واسعة لا يتمكن معها من الاستفراد بقرية هنا او بلد هناك او مدينة هنا.
هذا سوف يضع العدو في خانة الحصار ، ليس هذا فقط بل سيضع اصدقاء العدو عندنا أيضاً في خانة الحصار هذا العدو الداخلي الذي يتصرف بشكل غير مسبوق باتجاه اعادة تنظيم مؤسسات الدولة لتصبح مؤسسات عبادة الفرد ، هذا الوضع لا يمكن ان يولد مقاومة حقيقية وسوف يؤدي الى صدام حقيقي بين أجهزة السلطة نفسها ، ذلك ان عدداً كبيراً من كوادر فتح يرفض هذا الخط السياسي ، ويطالب بالتعبئة والتحشيد ومقاومة الاحتلال خاصة في شمال الضفة الغربية وجنوبها ، في منطقتي نابلس والخليل، ولذلك نحن نقول ان واجب المقاومة عدم الركوع والانحناء لما تريده تلك الدول الحليفة لبايدن ، بل خلق اوضاع جديدة تجبر الادارة الامريكية على التحرك من ناحية وتجبر الادارة الامريكية على اللجوء لحفائها مرة اخرى لأنها عندها سوف تقول لها المقاومة هذه هي شروطنا.
عندما تفكر قيادات المقاومة في كيفية اشعال المقاومة الشعبية بشكل متصل زماناً وجغرافياً عليها ان تبقي ما قاله بلينكن في نفس التصريح ، ان تبقيه حياً في اذهانها ، لقد قال بلينكن ، نحن نفهم ونتفهم ان اسرائيل تصر على الافراج عن اسراها الموجودين في غزة كشرط مسبق لأي حديث عن استدامة وقف اطلاق النار او البدء ببحث عملية السلام.
بلينكن يتفهم ان هنالك اسرى اسرائيليين لدى المقاومة ، أين اسروا؟. اسروا اثناء هجومهم على الشعب الفلسطيني ، اثناء قتلهم الأطفال والنساء وهدمهم المنازل وقتل الاطفال في أسرتهم، اعتقلوا وكانوا اسرى حرب ، جزء بسيط من الذين هاجموا الشعب الفلسطيني وهم مدججين بالطائرات والصواريخ والقذائف المحرمة دولياً اما اسرى الفلسطينيين الذين يعتقلون دون سبب ولأسباب يسمونها ادارية، ويعتقلون قياماً قعوداً ، ربما لأنهم جائوا ليصلوا في الأقصى فهذه لم تشغل بال وزير الخارجية الامريكي.
فقط ، لتبقى هذه حية في اذهان الجميع، لنعرف اين يقف بايدن ، أين يقف وزير خارجيته اليهودي الصهيوني ، أين يقف كل المسؤولين الامريكيين من قضية فلسطين ، فلماذا نعطيهم عاماً آخر وكأن نحن الذين نعطي ، نحن تحت الاحتلال وواجبنا المقاومة ، نحن تحت الاعتداء المستمر الذي لا يتوقف لحظة وعليه ، وعلينا ان نقاوم بشكل مستمر وان لا نتوقف لحظة عن ذلك، لأن الحرية لا تعطى بل تؤخذ غلاباً.