أحوال الدنيا

الإعلام وفتح الباب المغلق

د. فؤاد شربجي

يبدو أن اصلاح الإعلام ليس هاجسنا وحدنا. هذا مالك صحيفة الواشنطن بوست جيف بيزوس يكتب قبل أسبوع معترفا أن صحيفته فشلت في إقناع الجمهور أن جريدته تقدم الحقيقة بدقة، وأوضح بيزوس ان (أي صحيفة يجب أن تكون دقيقة في تقديم الحقيقة، ‏ويجب أن يتعامل الجمهور معها وأن ينظر لها على أنها دقيقة في تقديم الحقيقة) وينتقل ليعترف (أننا في واشنطن بوست فشلنا في القسم الثاني) أي فشلنا في ‏إقناع الجمهور بمدى دقتنا. ويبدو أن هذا ما دفع هيئة تحريرالبوست لتقرر محاولة الإصلاح بدءا باتخاذ موقف حيادي تجاه مرشحي الرئاسة لتترك للقارئ حرية الاختيار والتصويت، حسب ما قاله المدير التنفيذي للجريدة.

إذن فإن تشخيص العيب في الأداء الإعلامي للواشنطن بوست تمثل أو استنتج من ‏(عدم القدرة على إقناع الجمهور بدقة وتأثير ما تقدمه الصحيفة) وهو ما دفع التحرير للاعتراف بهذا الخطأ والعيب، ومحاولة معالجته، سعيا لاستعادة ثقة الجمهور بدقة الإعلام الذي تقدمه الجريدة. المعيار واضح (رأي الجمهور في الإعلام) ‏هو ما يحدد جودته وصحة أدائه.

‏الفكرة أن نجاح وانتشار وتأثير الواشنطن بوست في العالم كله، وليس في أمريكا فقط، لم تمنع صاحبها من ملاحظة العيب الذي يعتور ‏أداءها كمقدمة لمعالجته وتصويبه واستعادة وتعميق ثقة القارئ بما يتلقاه من إعلام. إذا كانت جريدة قوية وواسعة الانتشار تعترف بفشلها في امر هام فلماذا تختبئ وسائل إعلام صغيرة ومتواضعة ومحدودة وراء ادعاءات بطولات لتستغرق في أمراضها وليستفحل غباؤها ومقاطعة الجمهور لها. الإعلام لا يحتاج للكفاءة المهنية، والمهارة الفنية فقط، بل يحتاج إلى مراجعة الذات وقوة الاعتراف بالأمراض، وهذا هو الطريق الصحيح للإصلاح.

‏إصلاح الإعلام هاجسنا أيضا، وهو من أولوياتنا كما أرى. ولكن هل سنمتلك شجاعة الاعتراف بحالنا. وهل سنحترم رأي الجمهور بإعلامنا؟؟ وهل سيتاح لنا إمكانية المعالجة والتعافي، سيما وأن الوزير الجديد يبدي سعيه الجاد لهذا الإصلاح. فهل سيتمكن من إخراج الإعلام مما يعانيه؟؟  خاصة وإننا نمتلك الكفاءات القادرة على النهوض إذا وضعت على المسار المهني السليم.

مع ملاحظة أن الكامن من الطاقات الإعلامية لدينا أكثر من المتسيد المسيطر، وفي كل خير. ندعو بالتوفيق لكل من ينخرط في كشف عيوب ومكامن قصور إعلامنا في إطار إصلاحه والنهوض به ليرقى إلى مستوى حضارة وثقافة شعبنا وأمتنا. وطالما النوايا صادقة، فلا يبقى للإصلاح كي يتحقق إلا أن تزال العقبات من طريقه. وأن يبعد المعرقلون بعرقلتهم عن العملية الإعلامية، وكلاهما (العقبات والمعرقلون) كثير وقوي وفاعل ومعيق ومعرقل. ومع ذلك فالأمل موجود. وإذا كانت الواشنطن بوست تستطيع الإقرار بعيوبها وخطأها ونقصها، فلماذا لا نفعل نحن؟؟ خاصة وأن الهدف إصلاح الإعلام والارتقاء به ليليق بحضارة وثقافة الشعب العربي السوري. هل سنفعل حقا؟؟  أم سنبقى وراء الباب المغلق؟؟!!!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

زر الذهاب إلى الأعلى