علاقات اجتماعية

الانفصال رغم الحب شائع.. لكن هل هو منطقي؟

بين مقولة «كل ما نحتاج إليه هو الحب» وبين «أحياناً الحب لا يكفي» تناقضات لا تعد ولا تحصى.  البعض يظن أن الحب يضمن وبشكل تلقائي علاقة سلسة سهلة إلى حد ما ويمكنها الاستمرار إلى الأبد. ولكن كما هو معروف النظرية هذه خاطئة تماماً، فلا الحب يضمن علاقة سهلة ولا هو يضمن استمراريتها. الحب أحياناً ينتهي ويختفي وفي أحيان أخرى يتحول إلى نفور وكره فيكون الانفصال. ولكن في المقابل هناك حالات شائعة جداً، حيث الحب لا ينتهي ولا يتحول إلى نفور، بل يكون لم يزل على حاله ومع ذلك يحدث الانفصال رغم الحب .

البعض يعتبر هكذا انفصالاً غير منطقي.. فمن يقوم بذلك؟! على ما يبدو كثر يقومون بذلك ولكل واحد منهم أسبابه الخاصة.. ولكن هل هذه الأسباب منطقية. ما سنقوم به هو عرض الأسباب الأكثر شيوعاً ونترك لكم حرية القرار ما إن كانت منطقية بالفعل أم غير منطقية على الإطلاق.

مشاعر الحب كثيرة.. السعادة معدومة

القلب يريد ما يريده.. ولكن أحياناً ما يريده القلب لا يكون ذلك الشخص الرائع الذي يوفر للآخر ما يحتاج إليه من استقرار وأمان. ومع ذلك يستمر الشخص باختبار مشاعر الحب تجاه الآخر لأن الحب أعمى، ولا يريد أن يرى ولا أن يسمح للعقل بالتدخل وإبلاغه بأن الشخص هذا لا يناسبه وبأن منحه الفرص والعيش على فكرة «ربما يتغير» لا فائدة منها.

ولكن مهما بلغ حجم تجاهل الواقع، فالشخص يصل إلى مرحلة لا يمكنه المضي قدماً من بعدها. حينها تتحول اللاسعادة إلى اكتئاب ويصبح الحب مصدر التعاسة. ونعم.. الشخص الذي نحبه يمكنه أن يكون سبب تعاستنا. حين يتم الوصول إلى هذه المرحلة فإنه يتم الانفصال رغم الحب ومشاعره التي ما تزال جياشة.

كل شخص يريد شيئاً مختلفا

أحدهما يريد الارتباط والآخر يريد الحب فقط حالياً.. ولكن الـ«حالياً» امتدت لسنوات ويبدو أنها ستمتد لسنوات إضافية. سبب شائع بشكل كبير جداً بين العشاق والمحبين، وهنا الانفصال عادة يأتي من الطرف الذي يريد مستقبلاً جدياً للعلاقة.. وليس من الطرف الآخر.
في المقابل السبب قد لا يكون عدم رغبة بالارتباط، بل بالأولوليات المختلفة، فأحد الطرفين ما زال يريد تحقيق الكثير من الأمور قبل الالتزام والارتباط. أو قد يكون السبب مفاجئًا كعرض عمل جديد في بلد آخر أو مدينة أخرى.

اعتراض الأهل

الأسباب التي تدفع الأهل للاعتراض عليه أو عليها عديدة جداً ومتشعبة وأحياناً معقدة. فالأسباب قد تكون اجتماعية أو دينية أو مادية وفي بعض الأحيان قد تكون سخيفة تتعلق بالشكل، بحجة أنه يمكنه الزواج بمن تفوقها جمالاً أو يمكنها الزواج بمن هو أكثر وسامة. اعتراض الأهل يضع الثنائي أمام حلول صعبة للغاية، فأما الزواج رغماً عنهم ما يعني قطيعة لا سبيل لمعرفة متى تنتهي أو الاستسلام لضغوطات الأهل وهذا عادة ما يحدث.

العين بصيرة واليد قصيرة

هذه النقطة تتعلق بالرجل أكثر من المرأة.. فهو يعشقها وهي كذلك. يريد أن يوفر لها حياة جميلة هانئة مريحة ومستقرة ولكنه لا يملك الإمكانيات المادية لتحقيق الحد الأدنى من أحلامه. فهو لا يملك الإمكانيات ربما حتى لاستئجار شقة، وفي حال كان يملك ذلك فهو لن يتمكن من توفير حياة «طبيعية» لها. القرار هنا عادة يصدر عن الرجل، وليس عن المرأة باعتبار أنها تتمسك بفكرة أنها ستعيش معه على «الحلو والمر». ولكن في بعض الأحيان قد تقرر المرأة أنه حان وقت الانفصال لأنه لا أمل يلوح في الأفق. وطبعاً هناك القرار المشترك بعد وصولهما لمرحلة اليأس من قدرتهما على نقل حبهما إلى مستويات أخرى.

مشاعر الحب أكثر حدة مما يجب

نعم يمكن لمشاعر الحب أن تتجاوز الحد المنطقي.. وحينها هي تتحول إلى مشاعر مرضية. الغيرة المرضية واحدة من السموم التي يمكنها أن تجعل العشاق ينفصلون، لأنها تحول كل ما هو جميل إلى كل ما هو قبيح، فتفرض الشكوك نفسها وتصبح العلاقة منهكة ومستنزفة للمشاعر.
اختبار مشاعر الحب الشديدة للآخر أيضاً من شأنها أن تحولها إلى علاقة يحاول أحد الطرفين السيطرة فيها على الآخر بشكل كلي على الآخر. قد تستمر لبعض الوقت ولكن مصيرهما سيكون الانفصال رغم الحب . فأما الطرف الذي تسممت مشاعره بالغيرة وحب السيطرة سيشعر بالإنهاك والاستنزاف ويقرر الانسحاب وأما الطرف الآخر سيقرر الانسحاب، لأن العلاقة باتت سامة.

العناد من الطرفين

الشخص العنيد يصعب جداً التعامل معه، فهو لا يتراجع ولا يساوم ولا يتقبل. فالمشكلة تصبح كارثية حين يقع شخصان عنيدان جداً في حب بعضهما البعض. الخلافات ستكون نفسها والمواجهات هي نفسها ولا أحد يتراجع أو يساوم أو يتقبل أي شيء من الآخر. وسينفصلان لأنهما عنيدان وسيتحملان كل الألم، وسيفقدان أجمل ما كانا يملكان، لأنهما عنيدان.

شبح الماضي

قد يملك أحدهما ماضياً حافلاً بالأخطاء.. وسبب الانفصال هنا يختلف. فإما يكون الطرف الآخر يعرف بهذا الماضي وادعى تقبله ولكنه ما ينفك يعود لينغص عليه حياته. وإما يكتشف هذا الماضي عن طريق الصدفة، وبالتالي تكون الصدمة. صحيح أنه لا يجب الحكم على الأشخاص انطلاقاً من ماضيهم، فالبشر يتغيرون، ولكن هناك فئة تؤمن بأن البشر لا يتغيرون وبأن الماضي هو ما يجعل الشخص ما هو عليه اليوم.

موقع بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى