البقوليات منجم صحّي

لعبت البقوليات دوراً مغذياً على مر العصور، فهي كانت سلاحاً مهماً ضد الفقر والجوع كونها تؤكل طازجة ومجففة، ونظراً الى الفوائد الغذائية الجمة التي تتمتع بها البقوليات، فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 68، العام 2016 سنة دولية للبقوليات من أجل رفع الوعي الغذائي بفوائدها.

وتحتل البقوليات، مثل العدس والحمص والفول والبسلة واللوبياء والترمس والصويا، جزءاً مهماً من الوجبات الغذائية اليومية كونها تمتاز بمحتواها العالي من البروتينات والنشويات والألياف والمعادن وفيتامينات الزمرة ب. في المقابل، فهي فقيرة بالدهنيات، ما يجعل منها أفضل الأغذية المتوازنة التي تمد الجسم بالكثير من احتياجاته الغذائية اليومية.

لقد أجمعت الدراسات على أهمية اعتماد البقوليات كغذاء صحي لمعالجة البدانة والوقاية من بعض الأمراض ومكافحتها، كالداء السكري، السرطان، الأمراض القلبية الوعائية، وارتفاع ضغط الدم. وقد ثبت علمياً، أن النشويات الموجودة في البقوليات تحسّن في شكل كبير من ثبات مستوى السكر في الدم، وأن كثراً من المصابين بالداء السكري استطاعوا بفضلها أن يقللوا من اعتمادهم على حقن الأنسولين المزعجة. وينادي علماء التغذية باستخدام البقوليات في تغذية الأطفال، لأنها تضم عناصر غذائية مهمة لنموّهم، وتدفع بصحتهم قدماً.

وفي شكل عام، تجمع مختلف الدراسات على أن البقوليات مفيدة للقلب، ومنشّطة للهضم، ومدرة للبول، ومقوّية للجهاز المناعي، ومهدئة لآلام الكلية، وخافضة للكوليسترول السيئ في الدم، ومنظِّمة لمستوى السكر في الدم، ومنقِّية للدم، ومهدِّئة للأعصاب، وحامية ضد السرطان.

لكن هناك ثلاث مشكلات للبقوليات:

– الأولى، أنها تحتوي على مركبات يمكن أن تسبّب إزعاجاً للذين يعتمدون عليها في شكل كبير في تغذيتهم، فهي غنية بحامض الفايتيك الذي لا يستطيع الشخص هضمه، ما يؤثر سلباً في الأنزيمات الهاضمة للبروتينات والنشويات، إضافة الى ارتباطه بالكثير من المعادن، ما يحرم الجسم من الاستفادة منها، خصوصاً معدن الحديد.

– الثانية، تسبّبها بزيادة الغازات، وبالتالي الإصابة بالنفخة البطنية المزعجة، خصوصاً للمصابين بمرض القولون العصبي. وللوقاية من ذلك، يوصي مركز استعلامات المستهلك في مدينة بون الألمانية بنقع البقوليات في الماء لفترة طويلة قبل طهوها، ومن الأفضل أن يتم ذلك طوال الليل. وأوضح المركز أن النقع لا يقلل من المدة اللازمة للطهو وحسب، بل يساهم في جعل البقوليات أسهل هضماً، لأن النقع يعمل على تحلّل الكربوهيدرات المعقدة المسؤولة عن الإصابة بالنفخة البطنية.

– المشكلة الثالثة، أن بروتينات البقوليات غير كاملة لأنها لا تحتوي على كامل الأحماض الأمينية، وهذا ما يجعلها أقل جودة من بروتينات اللحوم التي تضمّ كل الأحماض الأمينية الأساسية وغير الأساسية للجسم. بقي أن نعرف أن البقوليات كانت تتمتع بسمعة كبيرة في أيام الإمبراطورية الرومانية، الى درجة أن العائلات المعروفة فيها كانت تتخذ أسماء مشتقّة من البقوليات، مثل فابيوس المشتق من الفول، وسيسرو المشتق من الحمص، وبيسو المشتق من الفاصولياء، ولينتولوس المشتق من العدس.

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى