البنك الدولي يوقف تمويله لمشروع سد بسري المثير للجدل في لبنان
أعلن البنك الدولي السبت أنه أبلغ الحكومة اللبنانية وقف تمويله لمشروع بناء سد بسري، الذي كان يهدف لتوفير مياه الشفة لبيروت وعارضه ناشطون بيئيون ومجموعات مدنية، “لعدم إنجاز” السلطات شروطاً مسبقة للبدء ببنائه.
ورحب ناشطون وسكان رفضوا مصادرة أراضيهم في المنطقة بقرار اعتبر بمثابة “ضوء” في عتمة الأزمات المتتالية التي تحل على لبنان، بعدما قضوا سنوات من التحركات المطالبة بإلغاء مشروع السد لما كان سيترتب عليه من قطع آلاف الاشجار والقضاء على تنوع بيولوجي لافت، فضلا عن فالق زلزاليّ ناشط يمر في المنطقة.
وأُقرّ قرض تمويل المشروع في العام 2014، وكان من المقرر بناء السد في منطقة وادي بسري، على بعد ثلاثين كيلومتراً جنوب العاصمة لتأمين مياه الشفة لـ1,6 مليون نسمة في منطقة بيروت الكبرى.
وأعلن البنك الدولي في بيان صباح السبت أنه أبلغ الحكومة اللبنانية “قراره بإلغاء المبالغ غير المصروفة من مشروع زيادة إمدادات المياه (مشروع سد بسري) نتيجة لعدم إنجاز البنود التي تشكّل شروطاً مسبقة للبدء بأعمال بناء السد”.
وأوضح أن “قيمة الجزء المُلغى من القرض تبلغ 244 مليون دولار أميركي، ويدخل الإلغاء حيّز النفاذ فوراً”.
وفي حزيران/يونيو الماضي، علّق البنك الدولي المشروع جزئياً، الأمر الذي اعتبره ناشطون انتصاراً لهم.
وكان البنك الدولي بانتظار رد من الحكومة اللبنانية حيال مسائل أثارت “قلقه” واعتبرها شروطاً مسبقة تتضمن الانتهاء “من وضع خطة التعويض الإيكولوجي” كجزء من التقييم البيئي والاجتماعي للمشروع. وتتضمن إعادة التشجير والحد من مخاطر الحرائق، والانتهاء “من وضع ترتيبات التشغيل والصيانة” و”تواجد المقاول في موقع العمل” في الرابع من أيلول/سبتمبر.
وأوضح بيان المؤسسة الدولية أن الحكومة اللبنانية لم تعالج تلك المسائل على النحو المطلوب، و”اعتبارا من الموعد النهائي المتفق عليه في الرابع من أيلول/سبتمبر 2020، لم يتلق البنك الدولي أدلة مرضية على أن البنود الثلاثة المطلوبة قد تحقّقت”، لذلك قررت المؤسسة إلغاء المشروع.
وتبلغ كلفة مشروع السد 617 مليون دولار، بينها 474 مليوناً من البنك الدولي. وكان من المفترض ان يصبح ثاني أكبر سدود لبنان على أن تصل قدرة استيعابه الى 125 مليون متر مكعب ستتجمع في بحيرة تقارب مساحتها 450 هكتاراً.
لكن هذه البحيرة كانت ستحل محل الاراضي الزراعية.
ولم يرفع الناشطون وأهالي المنطقة الصوت عالياً فقط خشية على الزرع وعلى أراضهم، بل خوفاً من أن يحرك الصدع الزلزالي الذي يمر من المنطقة وتسبب عام 1956 بزلزال بقوة ست درجات على مقياس ريختر.
– “سقطت صفقة الفساد” –
وطمأن البنك الدولي باستمرار المعارضين مؤكداً وجود مشاريع أخرى لإعادة التشجير قرب المنطقة، كما أنه أكد دائماً اتخاذ الاجراءات اللازمة لتفادي اي مخاطر زلزالية.
وبعد سنوات من التحركات ضد المشروع، أعاد الحراك الشعبي الذي شهده لبنان لأشهر عدة منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، الروح في الحملة المعارضة لبناء سد بسري. وجرى تنظيم تحركات عدة من اعتصامات وتظاهرات وحتى اقتحام لموقع المشروع.
وقال رولاند نصور، المنسق العام لـ”الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري”، لوكالة فرانس برس “سقطت اليوم صفقة من صفقات الفساد في البلد”، مشيراً إلى أن المشروع “كان تحول ومع تزايد الغضب الشعبي إلى عبء على البنك الدولي، فكان لا بد أن ينسحب منه”.
واعتبر ايدي عقل، صاحب أرض استملكتها الدولة دون رضاه في منطقة بسري لبناء السد، أن “القرار بالطبع أمر إيجابي، لكن معركتنا المقبلة تتمثل في استرداد أراضينا من الدولة”، مضيفاً “إنه بالطبع بصيص أمل، لكن لا أحد يعرف ماذا تخبئ له الدولة”.
وانتشر وسم #سد_بسري على مواقع التواصل الاجتماعية، وكتب أحد المستخدمين باللغة الإنكليزية “وأخيراً تلقينا خبراً ساراً في العام 2020″، الذي يراه اللبنانيون عاماً سيئاً جراء الانهيار الاقتصادي المتسارع ثم انفجار مرفأ بيروت المروع الشهر الماضي.
أما جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية، والذي كان من أبرز مؤيدي المشروع فكتب على تويتر “سيأتي يوم تطالب فيه الدولة اللبنانية ومعها كل اهالي بيروت وجزين وصيدا والشوف وبعبدا وعاليه بتمويل سدّ بسري”، مضيفاً “ستظهر الحاجة للمياه، عندها لن ينفع البكاء، ولن يجدي الّا تأمين قرض جديد لنعود الى نفس السدّ”.
ويأتي قرار إلغاء المشروع في وقت يشهد لبنان أزمات متتالية من انهيار اقتصادي متسارع ووضع معيشي صعب إلى انفجار مرفأ بيروت المدمر الذي تسبب بخسائر اقتصادية تتراوح قيمتها بين 6,7 و8,1 مليارات دولار، وفق تقديرات البنك الدولي.
وفي ظل الوضع الحالي، أكد البنك الدولي استعداده للعمل مع الحكومة اللبنانية لتحديد كيفية استخدام مبالغ مشروع سد بسري “بأكبر قدر من الفعالية لتلبية احتياجات الشعب اللبناني”.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية