اقتصاد

البنوك الكبرى تنضم إلى «حمى» العملات المستقرة

تشهد العملات المستقرة، التي صممت للاحتفاظ بقيمة ثابتة تقدر بدولار واحد لكل عملة، تحولًا كبيرًا في النظام المالي العالمي. حيث يتزايد الإقبال على هذه العملات من قبل البنوك الكبرى والشركات التكنولوجية المالية مثل بنك أوف أمريكا، ستاندرد تشارترد، باي بال، ريفولوت، وسترايب، سعياً للاستفادة من سوق المدفوعات العابرة للحدود الذي هيمنت عليه شركات تيثر وسيركل لسنوات طويلة.

التحول في النظام المالي العالمي في البنوك الكبرى

في الوقت الذي بدأت فيه اللوائح التنظيمية المتعلقة بالعملات المستقرة في التبلور، ازداد حجم المعاملات بشكل كبير. مما دفع الجهات التنظيمية حول العالم إلى قبول العملات المستقرة كجزء من النظام المالي التقليدي. وتكمن أهمية هذه العملات في أنها تتيح للمستهلكين والشركات إجراء المدفوعات بسرعة وكفاءة أيضا. فضلاً عن توفير وصول فوري إلى العملات الصعبة بتكلفة منخفضة خارج النظام المصرفي التقليدي.

وقد عزز هذا التحول الحماسة لدى العديد من البنوك والشركات الكبرى أيضا. خاصة بعد الترحيب الذي أبداه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للعملات المشفرة بشكل عام. وقال سيمون تايلور، المؤسس المشارك لشركة الاستشارات 11:FS للتكنولوجيا المالية، إن هناك تسارعًا ملحوظًا في الاتجاه نحو العملات المستقرة، حيث وصفه بحالة من “FOMO” (الخوف من تفويت الفرصة) الذي يدفع الجميع نحو تحقيق الأرباح في هذا القطاع.

الانتشار في الأسواق الناشئة

على الرغم من أن العملات المستقرة استخدمت في البداية للتحويلات بين العملات المشفرة المختلفة، فإنها تزداد شهرة في الأسواق الناشئة كبديل للبنوك المحلية في المدفوعات، خاصة في مجالات السلع والزراعة والشحن.أيضا. ومن الجدير بالذكر أن هذه العملات أصبحت نوعًا من النقد الرقمي الخاص الذي يعمل كاحتياطي لعملة سيادية، وفي معظم الأحيان يكون الدولار الأمريكي.

بحسب التقارير، وصل إجمالي العملات المستقرة المتداولة في السوق إلى حوالي 210 مليارات دولار، حيث تصدرت شركة “تيثر” السلفادورية القائمة بحوالي 142 مليار دولار، تلتها شركة “سيركل” الأمريكية التي أصدرت 57 مليار دولار من هذه العملات.

زيادة حجم المعاملات وتوسع السوق

في الآونة الأخيرة، ارتفع حجم المعاملات بالعملات المستقرة ليصل إلى 710 مليارات دولار في الشهر الماضي، مقارنة بـ 521 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي. كما شهد عدد العناوين الفريدة للعملات المستقرة ارتفاعًا بنسبة 50%، ليصل إلى 35 مليون عنوان. ويرجع هذا الارتفاع إلى تزايد ثقة البنوك الكبرى في دخول هذه السوق بعد ظهور اللوائح التنظيمية.

الخطوات التنظيمية الدولية

من جهة أخرى. يواصل السياسيون الأمريكيون مناقشة مشاريع قوانين تهدف إلى تحديد معايير العملات المستقرة. مما يمنح الشركات والبنوك والمستهلكين العاديين مزيدًا من الثقة في استخدامها. وفي أوروبا، أصدر الاتحاد الأوروبي لوائح جديدة للعملات المستقرة، مما يعزز من موثوقيتها في السوق. وفي المملكة المتحدة، تخطط الهيئة التنظيمية المالية لإجراء استشارة مع السوق هذا العام.

وقد أعلن بنك “ستاندرد تشارترد” الشهر الماضي عن خطط لقيادة مشروع لإطلاق عملة رقمية مدعومة بالدولار الهونغ كونغي، بموجب اللوائح التنظيمية الجديدة في هونغ كونغ. كما أقدمت مجموعة “سترايب” الأمريكية على أكبر عملية استحواذ لها في تاريخها، حيث اشترت منصة العملات المستقرة “بريدج” بقيمة 1.1 مليار دولار.

استراتيجية الشركات والبنوك الكبرى في المستقبل

تواصل الشركات الكبرى مثل “باي بال” تعزيز استراتيجياتها في هذا المجال. حيث تمتلك بالفعل عملة مستقرة تسمى “PYUSD” مرتبطة بالدولار. وتخطط لتوسيع استخدام هذه العملة في مدفوعات أكبر في عام 2025 أيضا. ويتوقع أن يشهد هذا الإقبال خاصة بين الشركات الأمريكية التي تحتاج إلى دفع مستحقات لموردين في الخارج.

مع هذه التطورات، يبدو أن العملات المستقرة قد تكون في طريقها لتصبح جزءًا أساسيًا من النظام المالي العالمي. مع تزايد ثقة البنوك الكبرى والشركات في قدرتها على تغيير قواعد اللعبة في سوق المدفوعات العابرة للحدود.

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى