‘التانكي’ في طبعة ثانية تزامنا مع ترشيحها لجائزة البوكر

 

صدر حديثاً عن منشورات المتوسط في إيطاليا، الطبعة الثانية من رواية “التانكي” للروائية العراقية عالية ممدوح، المرشحة ضمن القائمة القصيرة لجائزة “البوكر” لعام 2020.

وهي الروايةُ التي وُصفت حسب بيانِ لجنة تحكيم الجائزة بـ”الأعجوبة الصغيرة”. واعتبرت وهي تاسع أعمال الكاتبة، “من أجمل وأعمق ما كُتب في أدبنا العربي الحديث عن بتر الأمكنة منّا، أو بترنا منها”. “التانكي” الكلمة التي تستمدُّ معناها من اللغة الإنكليزية وتُستعمل في اللهجة العراقية بمعنى الخزان، هي اسمُ حيِّ النُّخب البغدادية التي اصطدمت أحلامُها بالتغيير في منتصف القرن الماضي، بمستقبل آخر، نعودُ إليه من خلال البطلة “عفاف أيوب” الصّامتة، المنحازة للجمالِ وذاكرة الأشخاصِ والأمكنة، في مقابلِ الهزّات العنيفة التي تتعرَّض لها متلبِّسةً بالمكانِ وتفاصيلهِ، لنتورَّط أكثر في بغداد المدينة، بغداد الوجع المقيم، بغداد العمارة، بغداد الذاكرة المستعادة أدبيًّا، بين الاختفاء والظهور، بين التلاشي والتذكر، بين الحروب والمنافي، وتمزُّقِ المصائر.

التانكي” هي صورة المكانِ في قسوتهِ على أجسادنا الرّاحلة وأرواحنا العائدة، هي هذا الانفصامُ الخطيرُ بين جمالِ الأحلام وبشاعة الواقع، هي ما يُغذِّيه الزَّمن من أحقادٍ وصراعاتٍ وآلامٍ نحملها معنا أينما ذهبنا، وحتّى عندما نعودُ مرَّاتٍ ومرَّاتٍ ستبدو خطواتنا ضائعةً في هذا المُكعَّب الذي صمَّمه المهندس معاذ الألوسي لتبني الكاتبةُ على أساسه طبقات روايتها، ونمضي في تتبّع مساراتها مشيًا على الأقدام، نجوبُ الأماكن والأزمنة كما كانت تقولُ البطلة عفاف، عن فعل المشي الذي لا يعرف الإقصاء: “إلى هنا أنا أنتمي”.

من الكتاب:

“أجهل كيف يسير الزمن، هذا شيء حقيقي، ولا أعرف أيضاً كيفية ثباته. أحاول الكَفّ عن الابتسام والاستغراب، فكلّما تسير الأرض، تحصل أشياء جديدة، وإن توقّفت؟ إنها تتوقّف أحياناً، لكي تحدث أشياء جديدة أخرى، ركام من الأحداث ينهال يوماً بعد آخر وإلى ما لا نهاية. ما أعجب هذا كله، يا يونس، أفكّر بأن السبب الرئيس لإصابتنا بالهرم هو هذا التراكم لطبيعتنا البشرية المحدودة عموماً في عمق واستقامة ذاكرتها المتفاوتة نسبيَّاً، تمتلئ ولا يعود بوسعها أن تحتمل المزيد، إذاً، الخلود هو شيء لا ذاكرة له”. أليس كذلك ..؟ هيّا، يا يونس، لم أنتَ ساكت؟ ها ..

وعالية ممدوح كاتبة وروائية عراقية، مواليد بغداد 1944. خريجة علم النفس من الجامعة المستنصرية عام 1971، شغلت وظيفة رئيسة تحرير جريدة (الراصد) البغدادية الأسبوعية لأزيد من عشر سنوات. غادرت بغداد منذ 1982، وتنقلت بين عواصم ومدن شتى، تقيم حالياً في باريس. أصدرت عام 1973 مجموعة قصصية بعنوان: “افتتاحية للضحك”، ومنها توالت أعمالها الأدبية؛ ثمانُ روايات منها: “ليلى والذئب”، 1980. “المحبوبات” الحائزة على جائرة نجيب محفوظ للرواية، 2004. و”الأجنبية”، سيرة روائية، 2013. تُرجمت بعض رواياتها إلى الإنكليزية، والفرنسية، والإيطالية، والإسبانية، أشهرها رواية “النفتالين” التي تُرجمت إلى سبع لغات، ودُرست لمدة سنتين في جامعة السوربون.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى